أولا : دوركايم
اعتبر دو كايم أن التغيرات في بنى المجتمعات الصناعية التي دمرت المنظمات الطوعية التعاونية التقليدية للحرف المهنية غيبت روح التعاون والمشاركة واعترف بالحاجة إلى التقاعدات المرتكزة على الاتفاق والتضحية لتلافي الأضرار واقترح من أجل ذلك نظاماً حيوياً للنقابات المهنية للمساعدة المشتركة بما يوازي ما كان سائداً في نظام الأسرة الممتدة ولتكن على أساس جماعات المهنة.
واهتم دور كايم بالتربية الأخلاقية أكثر من اهتمامه بالسياسة الاجتماعية فالتربية بنظره يجب أن تشتمل على رفع التهذيب الذاتي والطاعة للنظام الاجتماعي. فالحرية بنظره لا تعني أن يفعل الإنسان ما يريد ولكنها تعني التحكم في الذات.
وقد لاحظ دور كايم أن مواجهة الفقر وحماية الفرد تعمل على مواجهة حالة الاغتراب التي يتعرض لها في المجتمعات الصناعية الحديث وكذلك تؤدي إلى الشعور الصادق بالتضامن الاجتماعي واعتبر أن الغيرية التي تميز التضامن بين الأفراد يجب أن يكون لها حدود لأنه لا يمكن للإنسان أن يلغي ذاته من أجل الآخرين.
واعتبر أن الرفاهية الاجتماعية يجب أن تواكب اقتصاديات السوق (ربط بين الاقتصادي والاجتماعي) وأن يكون هدف النشاط الاقتصادي الاهتمام بالحاجات الأساسية للمجتمع.
باختصار، فإن النظرية الاجتماعية عند دوركايم لم تقدم إلا القليل في مجال السياسة الاجتماعية.
وبيَّن من خلال دراسته عن الإنتحار أهمية ممارسة الخدمة الاجتماعية، كما ظهر من خلال تأكيده على التربية الأخلاقية وتكوين وعي الفرد بالمواطنة وتعويده على استخدام الخدمات الاجتماعية.
إن تأثير دوركايم غير مباشر على السياسة الاجتماعية.
ثانيا :سبنسر
اهتم سبنسر كما دور كايم بالمشكلة الأخلاقية ولكنه تحدث عن دور العالم الأخلاقي وعبر عن دور وأهمية السياسة الاجتماعية باستنتاج قوانين الحياة وظروف الوجود ما يجعل الأفعال تتجه نحو السعادة أو التعاسة. عارض سبنسر تدخل الدولة لمحاربة الفقر لأنه اعتبر أن تدخل الدولة هو حد للطبيعة الإنسانية وقوانينها وذهب سبنسر إلى المطالبة بضرورة الضبط الاجتماعي للفقراء واعتبر أن تقديم المساعدة للفقراء قد يؤدي إلى مخاطر اجتماعية على حساب الملتزمين في المجتمع مثلاً (مساعدة الأمهات اللواتي لديهن أطفال غير شرعيين سوف يؤدي برأيه إلى تدهور الصفة الأخلاقية والبيولوجية للمجتمع).
كما أن القروض التي تفرض من أجل الرفاهية الاجتماعية قد حول العامل العادي متذمراً وغير متعاطفاً مع نظام الضرائب الذي يفرض عليه، كما أن فرض الضرائب للتدابير الاجتماعية التي تقدمها الدولة يؤدي إلى امتداد نفوذ وقوة البيروقراطية.
ثالثا : كارل ماركس
إنتقد ماركس المجتمع الرأسمالي برمته واعتبر أي تغيرات في البناء الاجتماعي محكوماً بالتغيرات الاقتصادية ومحور تحليله كان العلاقة بين الناس ووسائل الإنتاج فاعتبر أن أنظمة الرفاهية الاجتماعية هامشية وأن سِمَة المجتمع الرأسمالي تنافسية وليست تعاونية وطبقية وهذا ما يؤدي بالنهاية إلى الثورة طلباً للمساواة وعندها برأيه سيكون النمو الحر للفرد مرتبطاً بالنمو الحر للجميع.
واعتبر ماركس أن الإدارة ليست سوى أداة لدى الطبقة الحاكمة والدولة هي مصدر الشرور الاجتماعية وسعى ماركس من خلال نظريته إلى التأكيد على فشل النظام الرأسمالي في تعاطيه مع السياسة الاجتماعية نتيجة التناقضات بين المصالح الذاتية والمصالح العامة. ولا يرى بديلاً عن إلغاء الدولة ذاتها وأن السياسة الاجتماعية في المجتمعات الرأسمالية ما هي إلا حيلة لامتصاص غضب الطبقات المطعونة.
رابعا : ماكس فيبر
عارض فيبر أي نوع من اشتغال علماء الاجتماع بالسياسة كما شارك دور كايم تحفظه على الاشتراكية كبديل للرأسمالية ومثل سبنسر اعتقد بأن السياسة الاجتماعية واعتماد الأفراد على الحكومة تزيد أعباء الدولة من قبل جماعات المصلحة من ناحية وتعزز استغلال الدولة لهم من ناحية أخرى. خلاصة القولة أن ميدان السياسة الاجتماعية والإدارة لم يحظ باهتمام رواد ع.ج والنظرية السوسيولوجية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق