مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات تأمل من زوارها الكرام المشاركة في الاستطلاعات التي تجريها بفعالية نظرا لفائدتها العالية
مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات هي شركة تضامن لبنانية مسجلة تحت الرقم 489 تتنشط في مجال الدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية والتربوية والاجتماعية والادارية والثقافية والتنمية والارشاد الاسري والاجتماعي ، واصدار المنشورات المتخصصة ، وتقديم الاستشارات في المجالات المذكورة وتوقيع الاتفاقيات مع الجامعات والمؤسسات والشركات الوطنية والعالمية على انواعها والقيام بالاستطلاعات والابحاث العلمية والدراسات المتخصصة في لبنان والخارج - نتمنى لكم زيارة ممتعة

08‏/12‏/2010

جون ديوي .. فيلســوف أمريكا‏

بقلم : د‏.‏ وجدي زيد
هذا عالم أعطي جهد كل سنوات عمره الطويل لقضية واحدة وهي تطوير التعليم في بلاده‏,‏ وكانت قناعته التي لم تتغير عبر مراحل حياته المختلفة هي أن التعليم هو الطريق الذي تلتقي فيه كل أنشطة الحياة والمجتمع من اقتصاد وسياسة وإعلام وثقافة‏,‏ وأن بذور أي تغيير لابد أن تزرع أولا في التعليم ومؤسساته‏,‏ وفي كل ما كتب وعلي اختلاف جميع المجالات التي كتب فيها‏,‏ استطاع أن يجعل أركان فلسفته وتفاصيلها تتخلل كل ما يقوله فأصبح لفكره التأثير الأول علي عصره واستحق تسميته بفيلسوف أمريكا‏!‏
إنه جون ديوي عالم النفس وفيلسوف التعليم الأمريكي الذي ولد في بيرلنجتون ـ فيرمونت بالولايات المتحدة الأمريكية عام‏1859‏ وحصل علي الدكتوراه في جامعة جونز هوبكنز وعمل بالتدريس في جامعات مينوسوتا وشيكاجو وكولومبيا‏,‏ وطوال سنوات التدريس وحتي بعد أن أصبح استاذا متفرغا عام‏1939,‏ لم تتوقف أبحاثه وكتبه عن التعليم وعلاقته بالنهضة والتطور في المجتمع الأمريكي‏.‏
ورغم اتهام البعض له أنه واحد من مفكري العصر الذين أسسوا للشقاق بين الدين والعلم في النصف الأول من القرن العشرين‏,‏ فلقد استطاع أن يدخل بالفلسفة في مجالات تطبيقية لها نفع مباشر وجوهري علي مناهج التعليم وعملية التعليم ذاتها في كل فروع المعرفة‏,‏ وفي كتبه المدرسة والمجتمع والطفل والمنهج الدراسي والديمقراطية والتعليم والتجربة والتعليم قدم نظرية متكاملة عن فلسفة التعليم كضرورة حياة والمعرفة ملكية عامة لكل الناس في المجتمع‏.‏
وأحدثت أفكاره وفلسفته تأثيرا بالغا وسريعا علي المؤسسات التعليمية في بلاده‏,‏ وبعد أن كانت العملية التعليمية في الفصول تخضع لفلسفة التعليم التقليدي السلطوي المتزمت ودون النظر لخبرات المتلقين من الصغار‏,‏ بدأت المدارس تأخذ بفكرته عن التعليم التجريبي داخل الفصول من خلال مشروعات صغيرة وبسيطة تعطي دورا عمليا فعالا للتلاميذ في العملية التعليمية‏,‏ وكان ذلك وقتها الجديد الذي جعل الفصل مكانا مثيرا محببا للصغار‏,‏ وجعل من العملية التعليمية ذاتها اكتشافا يثير الفضول والرغبة في التعليم لدي العقول الناشئة‏.‏
وطالب بالأخذ بالتعليم الديمقراطي وهو تعليم يعطي الأفراد القدرة علي المشاركة في العلاقات الاجتماعية والاهتمام بعادات العقل التي تحقق التغير الاجتماعي دون مخاطرة‏,‏ وفيه يقرر الطلاب والمعلمون واداريو المؤسسة التعليمية الاختيارات التي تساعد علي الوصول للمشكلات الحياتية التي تواجه المجتمع حقيقة‏,‏ وفي هذا التعليم الديمقراطي علي الأساتذة والطلاب ومن يعاونهم من العاملين أن يعيدوا إنتاج مجتمعهم وبشكل واع‏,‏ وهذا يستلزم الأخذ بالديمقراطية في كل تفاصيل اليوم الدراسي مما يساعد الجميع علي المشاركة في صناعة القرار ويحقق العدل والمساواة حتي في تحفيز الطلاب علي النجاح‏!‏
وكان شاغل جون ديوي الأول هو صناعة مجتمع مدني متعلم وواع‏,‏ وأثبتت نظريته في هذا المجال نجاحها عندما عاد المفكرون في ثمانينيات القرن الماضي إلي كتابه‏:‏ العامة ومشاكلها الذي يطالب فيه الصحافة والإعلام أن يبتعدا عن أن يكونا إعلام الخاصة المثقفة المتميزة بل إعلام المجتمع المدني كله الذي يصنعه ويشارك في تكوينه وتطويره كل أفراد المجتمع بمن فيهم المجموعات التي تطولها التبعات غير المباشرة لأي تغيرات في المجتمع‏.‏ وفي النموذج الإعلامي عنده لا يكتفي الصحفيون بمجرد أخذ المعلومات من الخبراء والخاصة ليعيدوا ضخها للعامة في كلمات بسيطة مفهومة‏,‏ عليهم أيضا أن يتفاعلوا داخل الحياة اليومية علي نحو يدفع المجتمع كله إلي تدوير المعرفة بين الأفراد سواء كانوا مواطنين عاديين أو خبراء أو مثقفين‏,‏ والمسئولية هنا تقع علي الجميع ـ حكومة وأفرادا‏!‏
ودعا ديوي أيضا الصحافة إلي أن تبتعد عن التركيز علي الأحداث اليومية ـ بل تكثف الضوء علي انتقاء اختيارات معنية من هذه الأحداث وتبعاتها‏,‏ حتي لا تكون الصحافة مجرد ناقل للحدث النهائي في حالة اكتماله بل هي فاعل أصيل لحالة دائمة من الحركة الصحية المطلوبة لتوليد المعرفة في المجتمع‏.‏
وقدم ديوي النموذج بنفسه فكان في مقدمة كل المعارك الفكرية والقضايا الانسانية التي عاشها العالم في عصره‏,‏ وكان هدفه النهائي هو صناعة المجتمع العظيم في أمريكا وخارجها‏!‏
abuiyad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق