طيب تيزيني
الملخص:
يبدأ طيب تيزيني مقالته متسائلا : لماذا ظهرت الإرهاصات الأولى للحداثة في أواخر القرن التاسع عشر؟ ولماذا ظهرت، كذلك، الإرهاصات الأولى لـ ((ما بعد الحداثة)) في أواخر هذا القرن العشرين؟ ويحاول الإجابة عليها من عدة جهات فيرى بأن الحداثة تفصح عن كونها - ضمن احتمالات متعددة - وعياً أيديولوجياً مراوغاً مخاتلاً، يراوغ ويخاتل على وظيفتها((الاستشراقية))بحيث تبدو هذه الوظيفة تأكيداً على ضرورة إلحاق((الشرق اللاعقلاني))بذاك الغرب؛ وما ذلك إلاّ في سبيل((تمدينه وتحضيره )) بحدود ثنائية ((السيّد والعبد))الهيليجية، ويرى الطيب التيزيني أن التواصل كان بمثابة بعداً حاسماً بل ربما وحيداً للفعل التاريخي؛ مما جعل من ذلك نقطة إقلاع كبرى للحداثة في ضوء ما بعدها،ما بعد الحداثة.
ثم يتطرق التيزيني للتفكيكية ويرى بأنها بدلت الأنا أفكر إذن أنا موجود إلى أنا أهدم وأقوض إذن أنا موجود.ثم يعدد السمات الرئيسية لمابعد الحداثة في ستة نقاط.
المرجع: من الحداثة إلى ما بعد الحداثة : إشكالية ونقد- طيب تيزيني- الكرمل- شتاء 1998-العدد54- ص155- 162.
**********************************
لعل المراحل الأولى من نشوء ((الحداثة)) و((ما بعد الحداثة)) توحي بوجود ((آلية)) تحكم مسار التاريخ تكون بمقتضاها مراحل الانتقال من قرن إلى قرن نهايات وبدايات، نهايات لنظم ومنظومات مفاهيمية وسوسيو- ثقافية، وبدايات لأخرى. والحق. إن مثل هذه ((الآلية)) قد وجدت في المنعطف من القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين، كما هي توجد، راهناً، في المنعطف باتجاه القرن الواحد والعشرين. ولكن، إذا صحّ ذلك هنا وهناك، فإنه ليس من اللازم لزوماً ضرورياً أن يوجد في منعطفات قرنية أخرى. ذلك لأن الأمر يتصل بالشرطية التاريخية المشخصة، التي تقبع وراء تلك المنعطفات وأمامها وفي صلبها. و إذاً، يغدو السؤال التالي مدخلاً إلى ما أفصح عن نفسه في مرحلتيّ الانتقال من التاسع عشر إلى العشرين ومن هذا إلى الواحد والعشرين: لماذا ظهرت الإرهاصات الأولى للحداثة في أواخر القرن التاسع عشر ؟ (1) ولماذا ظهرت، كذلك، الإرهاصات الأولى لـ ((ما بعد الحداثة)) في أواخر هذا القرن العشرين ؟
لعلّ الإجابة عن ذلك السؤال المركب تؤتى من مداخل متعددة. بيد أن أحد هذه المداخل المحتملة لا بد أن يكون ذا طابع سوسيو- سياسي واقتصادي. ويمكن أن يجد هذا المدخل تعبيره فيما أعلنه (آلن بلوك) من بلوغ الحضارة البرجوازية ذروتها في بداية القرن العشرين (وآخر القرن التاسع عشر). أمّا هذه ((الذروة)) فقد حدّدها وضبطها لينين بانتهاء الليبرالية ونشوء الإمبريالية بوصفها نظاماً رأسمالياً متجهاً نحو شمول عالمي، تتم بمقتضاه عملية تقسيم العالم إمبريالياً (2). ويمكن في سبيل تشخيص ذلك، الإشارة إلى أنه في عام 1900 كانت بريطانيا وحدها قد سيطرت على ربع الكرة التي وصل عدد سكانه إلى أربعمائة مليون نسمة (3).
في ذلك المنعطف العالمي الانقلابي، أخذت البنى الاقتصادية والسوسيو- ثقافية والقيمية تعيش حالة من الاختراق وإعادة التبنين، مقترنةً ببروز وضعية متعاظمة عمقاً وشمولاً من القلق والاضطراب والهلع، وكذلك التّوق إلى فضاءات وآفاق أرحب.
إن الثورة الصناعية (الأولى)، التي سبقت تلك الوضعية وهيأت لها ورافقتها، بدت بمثابة رافعة عظمى للتقدم والعقلانية والصرّامة المنطقية والتفاؤل بالمستقبل.وهي، في هذا،مثلّت وريثاً شرعياً لعصر التنوير( في مرحلة أو مراحل الانتقال من الإقطاع إلى البرجوازية في أوروبا) ولمفكريه أمثال فولتير وروسو ، وهردر وغوته ، ولوك، مع الإشارة إلى أن جيوش العاطلين عن العمل نتيجة التصوّر الصناعي التقني راحت تواجه المزاعم برأب صدعهم عبْر ((المجالات الحيوية))التي ستفتح ما وراء البحار والتي ستدرّ عليهم ((السمن والعسل)) بعد أن افتقدوهما في أوطانهم.
لقد تشكلت منظومات معرفية وأيديولوجية أسّست، معرفياً وأيديولوجياً، لتلك التحوّلات التاريخية، لترتد هي نفسها على ذاتها (أي هذه التحولات) وتجعل منها مثلاً نظرية و قيمية عليا وثابتة. فالانطلاق من مفهوم لـ ((التقدم)) المطّرد بخط مستقيم لا يلوي على شيء، ومن ثقة مطلقة تداني الجبريّة بـ((العقل والعقلانية))،ومن ((علم)) كلّي القدرة، إضافة إلى الانطلاق من مبدأ((الحرية والمساواة المدنيتين))،أفضى مجتمعاً إلى تكوين ((نماذج أساسية إستراتيجية)) عممّت في سائر الحقول المجتمعية، سواء منها المادية أو الثقافية والروحي . ومن موقع هذه النماذج نظر إلى((الآخر)) القابع وراء أوروبا بالاعتبارين النظري والقيمي، ولعلّنا نضع يدنا هنا،على الأقل، على واحد من المفاصل التي انطلقت منها الحركة الاستشراقية الغربية الحديثة. وقد نرى في هذه الأخيرة - بواحد من أوجهها الكبرى الحاسمة على الأقل– تشخيصاً وتخصيصاً ((شرقياً)) لـ(( النزعة المركزية الأوروبية ))، التي كانت قد أفصحت عن نفسها، على نحو أولي، لدى هيجل.
ومن الدّال الطريف، في هذا الحقل، أن نتبين الحركة الاستشراقية المذكورة في نزوعها الأيديولوجي التسويفي إلى إظهار((الثقافة الغربية)) كبنية واحدة ذات نسق واحد وبعد واحد، هو ذاك الذي يقوم على التمويه على((الغرب)) كما على((الشرق)) كليهما. إن الحركة إيّاها – وهي من ثمار((الحداثة)) و((المشروع الحداثوي الغربي))– تقدّم((الغرب))، بوصفه تلك البنية، لشعوب الغرب ذاتها ولشعوب الشرق، بقدر ما تقدم ((الشرق)) بنية واحدة وذات نسق واحد وبعد واحد لشعوب الغرب. فتنجز، بذلك، وعياً أيديولوجياً وهمياً وتوهيمياً يضع الفريقين المذكورين، الغرب والشرق، في موضع التقابل والتضاد ((المؤسسّين إبستيمولوجيا)).
وفي هذه الحلقة الدقيقة من المسألة ، يفصح عن نفسه الوهم الكبير الذي وقع فيه إدوارد سعيد، حين نظر إلى((الغرب))و((والثقافة الغربية)) على نحو ميتاواقعي وميتاتاريخي، ومن ثم، رأى في((الحداثة الغربية)) خطّاً ناظماً وضابطاً للغرب كله، بتشكيلاته الفئوية والطبقية والإثنية المتعددة والمتنوعة. ويتابع سعيد موقفه هذا، في كتابه حول الاستشراق، ملاحظاً أن((كل الغربيين)) نظروا إلى((الشرق)) بمرآة واحدة ،هي مرآة((العقل الإستشراقي الحد اثوي))، أي العقل العقلاني النقدي الصّارم. وإذا كان ((البعض)) منهم قد حاولوا أن يشذّوا عن الموقف، فإنهم فعلوا ذلك من موقع عاطفي قيمي، لا عقلاني، ليس إلا (4).
وفي لجّة الوهم الاستشراقي الكلّياني عن الغرب والشرق، أقصيت الحدود الفاصلة إبستيمولوجيا (معرفياً تأسيسياً) والقائمة، من حيث الأساس العمومي، بين نسقين من الرؤية الثقافية في الغرب، هما ((الثقافة الغربية))و((الثقافة في الغرب)) .
من هنا، تفصح ((الحداثة))عن كونها – ضمن احتمالات متعددة – وعياً أيديولوجياً مراوغاً مخاتلاً، يراوغ ويخاتل على وظيفتها((الاستشراقية ))بحيث تبدو هذه الوظيفة تأكيداً على ضرورة إلحاق((الشرق اللاعقلاني ))بذاك الغرب؛ وما ذلك إلاّ في سبيل((تمدينه وتحضيره )) بحدود ثنائية ((السيّد والعبد))الهيليجية (5). ومن ثمّ، قد تتضح الحداثة هنا بطابع يقوم على الإزدواجية الوظيفية. فهي من طرف، تعبّر عن النهوض الأوروبي الرأسمالي منذ عصر الأنوار وربما حتى التسعينات من هذا القرن( يبقى هذا التحديد نسبياً وخاضعاً في تغيره لتغير البلدان الأوروبية ذاتها). ومن طرف آخر، تشترط ضرورة إلحاق((العالم الآخر – غير الأوروبي))بالغرب عموماً، بوصفه (( خزاناً لا ينضب من المواد الأولية والقوى البشرية )). وبهذا، تتحدد العلاقة بين الحداثة الغربية( مشروع التحديث الرأسمالي )وبين (( ما قبل الحداثة الشرقية ))على أساس طرفين غير متكافئين؛ مما ينطوي على تناقض منطقي وجدلي من طرف واحد: وهو أن المشروع المذكور قادر على الإحاطة بـ(( ما قبل الحداثة الشرقية ))من موقع هيمنة تتصاعد عمقاً وسطحاً، بحيث إنه ينتهك ويخترق ليظهر بوجه آخر مضاد، هو وجه الغازي القاتل والقامع لـ((تحديث الشرق))بإنهاء مرحلة(( ما قبل حداثته )).
بيد أن الحداثة الغربية وقد نشأت ثم تبلورت في شرط تاريخي تمثل بتصاعد التفاوت الطبقي والتهميش السياسي والسوسيو – ثقافي، فإنها تحوّلت – شيئاً فشيئاً – إلى أداة قامعة لضحايا ذلك التفاوت وهذا التهميش وأخرجتهم بدرجات مختلفة من دائرتهم وألحقتهم في دائرة(( اللاعقلانية )) و (( اللاتقدم ))و (( التشاؤم التاريخي ))و (( اللاعلم ))، وربما كذلك وبمعنى محدد((اللاتاريخ – التاريخ ما قبل الرأسمالي)). بل لعلنا نقول ، إنه بفضل التاريخ الرأسمالي الحداثوي الآخذ في التوحّش والهمجية تخرج تلك((الضحايا)) من التاريخ الذي أنتجته هي وقام هو على أكتافها.
هكذا تبرز الحداثة الغربية وكأنها تحوّلت إلى أخطبوط شرع في التهام صانعيها((من تحت))إضافة إلى تشتيت منظّريها والحاصدين لثمارها من الطبقات العليا، وذلك بوضعهم وجهاً لوجه أمام((انحرافاتها)). إن الاغتراب والبؤس والشقاء السيكولوجي والأخلاقي يتحوّل إلى كابوس يؤرّق حياة الجميع، ولكن من موقع إحكام قبضة((المالكين)) على هذا الجميع. وقد وصل الأمر إلى أن تحوّلت الحداثة إلى موضع اتهام وإدانة.
ها هنا، يعلن (جان شينو) إدانته لتلك((الحداثة )) التي اخترقت المجتمع الفرنسي وجعلت منه إمّعه تنتزع منها((هويتها وذاتيتها وأصالتها)). فقد حدّد الباحث المذكور في كتابه((الحداثة)) أهم ما رآه حاسماً في مصائر((الحداثة الأخيرة)).
إن هذه المصائر انتهت إلى الحدود التالية: التنميط والنمذجة والتّسليع؛ تعاظم الإنتاج والدوران المستمر مع المراوحة((التاريخية))؟ الترّميز والاختزال والمطرّد؛ البدائل ((اللاذاتية –الآلية)) (6).وهذا من شأنه أن يحيل البشر إلى أشباح تتباعد بقدر ما تتعاظم إمكانات التقدم الصناعي والتكنولوجي. ويتواري، في هذه الحال، صنّاع المجتمع ومنتجوه وكذلك أصحاب القرار،لتتحول العلاقة بين الإنسان والإنسان إلى علاقة مباشرة مع الطبيعة المصنّعة، بعيداً عن ((الآخر)). ومن ثمّ، فإن جدلية الذات والموضوع، التي يبدع وفقها البشر، تبدو وكأنها اختزلت إلى ثنائية بين موضوع وموضوع. وهنا، يعلن نعي ((الإنساني والحميمي))، لتبرز أرقام متصاعدة من((تقدم)) التكنولوجيا والعلم. ويظهر الأمر وكأننا انخرطنا في((العالم الكافكاوي))الغريب إلى حد الإدهاش الفاجعي.
وعلى هذه الطريق، تتحوّل الحداثة إلى نقيضها، متطابقة - في ذلك – مع تحوّل الرأسمالية إلى ظاهرة مستنفذة إنسانياً وفنياً وجمالياً.وإذا كانت(أي الحداثة) قد أتت تحت عباءة مجموعة التيارات الفنية الأدبية، مثل الانطباعية والتعبيرية والتكعيبية والمستقبلية والرمزية والتصويرية والدوامية والدادائية والسريالية، فإنها أفضت إلى((تحطيم كل ما هو إنساني))وإلى هدم((لكل القيم الإنسانية التي كانت سائدة في الأدب الرومانسي، إضافة إلى أنها قادت الفن إلى ظلمات الفوضى واليأس)) (7)..
إن((الحداثة)) التي برزت كفعل تاريخي ذي حضور متصاعد في أواخر القرن التاسع عشر، بعد أن ظهرت كمصطلح مفعم بالشحنات العاطفية الذاتية على أيدي جيرار درنرفال وشارل بودلير عام 1850 (8)، كانت قد أفصحت عن نفسها بوصفها كلمة مضادة للفظة((قديم)) ومتمايزة عنها في القرن الرابع عشر (9). ومن الدال الهام على الصعيد التأسيسي للحداثة ما أعلنه فلوبي: ((كل ما أريد أن أفعله هو أن أنتج كتاباً جميلاً حول لا شيء وغير مترابط إلاّ مع نفسه، وليس مع عوالم خارجية يفرض نفسه عليها بحكم قوة أسلوبه)) (10).
وإذا أريد للحداثة أن تجد تأسيسها الإبستيمولوجي، كيركجارد يقدم شيئاً في هذا الحقل ومن داخلها ذاتها، وذلك حيث يصوغ ثنائيته الميتافيزيقية القائمة على(إمّا … أو … بدلاً من ثنائية هيجل الجدلية المثالية وماركس الجدلية المادية:هذا وذاك وكلاهما معاً) (11).ومن شأن هذا أن يقود إلى مفهوم لـ((التقدم))ذي بعد واحد وأفق واحد، هذا البعد الذي سيظهر بمثابة جموحاً لا يلوي على شيء في قفزه وانتقاله من لحظة إلى أخرى ومن حقبة إلى أخرى. وفي الحق، أن هذه ((الحداثة))أتت لتتماهى أيديولوجياً مع جموح تطور قوى الانتاج الرأسمالية وانفصالها باطّراد عن منتجيها، عن إرادتهم واحتياجاتهم وآفاقهم.إن((اغتراب))هؤلاء عن تلك وحيالها سيمثل حالة نموذجية تدخل في نسيج ((الإنسان))المعمّم اجتماعياً.
لقد أتى التحليل المادي التاريخي الجدلي لمصائر الحداثة تفكيكاً للتناقض بين بنيتها التاريخية الباكرة والاختراقات التي تتالت باتجاهها من موقع حاملها الاجتماعي(الطبقة الرأسمالية)والتقني المادي(قوى الانتاج). ومن ثم، فإن تناقضاً صارخاً متصاعداً سيتولد بين الحرية والضرورة(هنا بمعنى القسر والإكراه)، لينتج اضطراباً اجتماعياً طبقياً وسوسيو – ثقافياً بين المنتجين والمستهلكين المالكين، هذا الاضطراب الذي يعمل هؤلاء الأخيرون على ابتلاعه أيديولوجياً عبر أيديولوجيا تسويفية ماكرة. وقد أتى جان ماري دوميناك على بعض من ذلك، حيث كتب:((الحداثة تعني إتاحة التطوّر والتفتّح، في آن ما، لكل الإمكانيات والاحتمالات من أجل أن يتمكن كل فرد من التمتع بها. إنها تعني تنمية القوى المنتجة وتنمية الوعي بالذات في الوقت نفسه … إنها معاشة كتحرير كبير وكمحنة ومشكلة. من هنا نتجت تلك الرؤيا السعيدة عن الحداثة، ثم الشقية البائسة)) (12).
في هذا السياق من المسألة، تبرز العلاقة بين ماركس ونيتشة. فهي علاقة تمحورت حول السؤال التالي: هل كان تفاؤل ماركس التاريخي المشروط بالحداثة تفاؤلاً مجّانياً، في حين مثّل موقف نيتشة منها رؤية((تاريخية)) ثاقبة؟ لقد أدرك نيتشة – في ضوء تصاعد طاحونة التقدم التقني العلمي والاقتصادي الرأسمالي – أن هنالك من الإمكانية ما يجعل هذا التقدم خطراً في ذاته. ولكنه إذ أدرك ذلك، فقد جعله بعيداً عن البنية السوسيولوجية المشخّصة لعلاقات الإنتاج الرأسمالية، وعمّا تنتجه من صيغ اقتصادية وسوسيو – وثقافية وقيميّة تدميرية. وهو – أي نيتشة– يكون قد التقى مع ماركس في الشق الأول، في حين افترق عنه في الشق الثاني. وهذا الافتراق هو أحد أوجه التأسيس الإبستيمولوجي للنقد النيتشوي اللاتاريخي للمجتمع الرأسمالي وللنقد الماركسي التاريخي الجدلي لهذا الأخير ولآفاقه واحتمالاته المستقبلية المفتوحة.
وسوف يتاح للباحث أن يلاحق اتجاهات النقد النظري للحداثة الرأسمالية من داخل المجتمع الرأسمالي الأوروبي، تلك الاتجاهات التي ستبرز منها((مدرسة فرانكفورت)) مع بدايات الثلاثينات من هذا القرن، والتي طبعها هربرت ماركوز خصوصاً بطابع نقدي خاص على امتداد الستينات التي توّجت بـ ((ثورة الطلبة)) عام 1968 في أوروبا وأمريكا. لقد مثّل كتاب ماركوز((الإنسان ذو البعد الواحد))– ضمن كتب وأعمال أخرى– نقداً مدقِّقاً للعلاقات الرأسمالية، الصاعدة بجموح ورعونة، تقنياً علمياً والمتهاوية على نحو مأساوي وتدميري مرعب إنسانياً قيمياً.ومن، فإن جدلية الصعود والتهاوي هذه تغدو أهم معلم من معالم تلك العلاقات.
وأخيراً، قد يتضح الطابع الانتقالي من الحداثة إلى ما أفضت إليه من وضعية مضادة، دون أن ينقلنا ذلك بعد إلى((ما بعد الحداثة))، من خلال ما كان يفهمه ماثيو آرنولد، من((الحداثة)) ومن خلال ما قدمه(ليونيل ترلنك) من فهم لها بعد عقود. فقد كان الأول يفهم((الحداثة فهماً كلاسيكياً. كانت تعني له الهدوء والثقة والتسامح وإطلاق العنان للنشاط الفكري لكي يعثر على أفكار جديدة في بيئة يغمرها الرفاه المادي. كانت تعني له الرغبة في جعل العقل الحكم الفصل وكذلك السعي وراء إيجاد القوانين لتنظيم الأمور)) (13). فإذا كان آرنولد قد عبّر عن ذلك عام 1856، فإن ترلنك سيقوم عام 1966، محدِّداً محذّراً:((إن ما تعنيه الحداثة لنا هو تقريباً خلاف ما كانت تعنيه لـ (أرنولد). فالحداثة، بالنسبة إلينا، تعني العدمية والموقف المعادي للحضارة، وتعني بذلك التحرّر من كل ما يمتّ إلى الحضارة بصلة)) (14).
لقد ((استنفذت الروح))، وغدا البناء قاب قوسين أو أدنى من التداعي والسقوط. بيد أن الإجهاز عليه سيقترن مع حدث عالمي هائل، هو تفكك المنظومة الاشتراكية في بداية التسعينات، ((أي في لحظة ظهر فيها الغرب، الذي بات اليابان مرتبطاً به، باعتباره المركز غير المنازع للنظام العالمي الجديد، التي تشكل الولايات المتحدة حارسه الأعلى، باعتبارها أصبحت القوة الوحيدة السائدة على هذه الأرض؛ في تلك اللحظة بالذات أعلن قسم من المثقفين الغربيين عدم إمكانية تكوين معرفة موضوعية للآخر، وقبل كل شيء لثقافات الآخرين، الثقافات غير الغربية)) (15).
ستأتي المرحلة الجديدة إعلاناً عن واحدة من أكبر عمليات التشكيك، أو عن عملية التشكيك الأكثر جذرية وشمولاً وحزماً في ما أنجزته البشرية من منظومات علمية اجتماعية، خصوصاً، وجمالية وأدبية وقيميّة على نحو العموم إلخ. لقد أفل عصر الأيديولوجيات، وتواجه كل المنظومات الفكرية البشرية حكماً صارماً وشاملاً بالتفكك والتشظّي والتذرّر والانسياح أدراج الرياح! هذه هي الكلمة القاطعة للحركة الجديدة في الغرب، التي تقدم نفسها باسم((ما بعد الحداثة)) بعد إعلانها ذاك عن نعىْ ((ما قبلها))، ((الحداثة)).
وينقل السيد يسين عن((المسئول أساساً عن انتشار فكرة(ما بعد الحداثة)جان فرانسوا ليونارد(أنّه) يرى أنّ مصطلح ما بعد الحداثة يشير إلى الابتعاد عن الأنساق الفكرية الكلية ورفض لفكرة التقدم الذي تسيطر الأنساق على توجيهه)) (16). والحق، أن مفهوم((النماذج أو الأنساق الأساسية))يشغل حيّزاً رئيساً في ترسانة الهجوم الذي توجهه ما بعد الحداثة للحداثة. فلقد قامت الحداثة الغربية، وخصوصاً في صيغتها التي اكتسبتها انطلاقاً من أواخر القرن التاسع عشر، على التأسيس الإبستيمولوجي لذلك المفهوم ولما يندرج تحته من أنساق حققت وظيفة تاريخية محدّدة، هي التنظير للرأسمالية المتعوْلمة– في قفزتها الصناعية الإمبريالية– وتسويفها وتعليقها.
وقد كرّس الباحثان هاتمان وفيلانوفا كتاباً خاصاً للبحث في المنعطف الكبير من الحداثة إلى ما بعد الحداثة، وذلك تحت عنوان((النماذج الأساسية المفقودة)). ويعرض هذان الباحثان موقف الخصوم المتربصين بـ((الحداثة)) من موقع أنهم يسجّلون حالة عظمى من القلق أخذت تخترق مصداقية النماذج الأساسية التي أسّست، من قبل للحداثة. وإذا وضعنا في الاعتبار أنّ الباحثين كليهما يسلكان مسلك الخصم لتلك الأخيرة، فإنهما يعبّران عن ذلك في مقدمة كتابهما التي يعطيانها عنوان((النماذج الأساسية في أزمة))، حيث يعلنان أن((الحيرة والارتياب))تحوّلتا إلى ((العلامات المميزة لعالمنا)) (17).
أما ((النماذج الأساسية))، التي أفصحت عن نفسها في موضوع التحديث الغربي منذ عصر التنوير الغربي عموماً وأواخر القرن التاسع عشر خصوصاً، فقد تمثلت، على نحو خاص، في التالية:
مفهوم التقدم كخط تصاعدي للمجتمع البشري، العقلانية النقدية، العلمانية وما تنطوي عليه من دنيْوة المجتمع عموماً ومن ضمنه الدين، الركون إلى نمو العلم والتكنولوجيا وقوى الإنتاج،التاريخانية الضابطة للحركية البشرية التاريخية، النظر إلى القانون الاجتماعي كقانون يقارب القانون الفيزيائي، وكذلك بروز ((الإنسان))كقيمة عليا في ((الوجود)) .
وعلى صعيد مفهوم التاريخانية وقرينه مفهوم التقدم، فقد كان هنالك تركيز على ((التواصل))بمثابة بعداً حاسماً بل ربما وحيداً للفعل التاريخي؛ مما جعل من ذلك نقطة إقلاع كبرى للحداثة في ضوء ما بعدها، ما بعد الحداثة. وقد قام ميشيل فوكو بمهمة أساسية على هذا الصعيد، خصوصاً في كتابه((حفريات المعرفة))، حيث تم التركيز فيه أساساً على((التفاصل))، الذي أفضى عند((بارت)) إلى إعلان موت مبدعي التاريخ وبقاء هذا الأخير دون مبدعيه (منتجيه). لقد فعل ذلك اعتقاداً بأنه لا يوجد((وراء النص)) ما يفضي إلى((نص آخر))، وبأن الانفصال هو،من ثم، ما يحدد فعل التاريخ أولاً وأساساً. ويعمّق فوكو ذلك في كتابه((الكلمات والأشياء))، حيث يبحث في العوامل التي أفضت إلى النظر إلى التاريخ بمثابته((تاريخاً صقيلاً وألْيس ومتسقا يسير على نظام واحد)) (18).
ومن شأن ذلك الإشارة الصارمة إلى أن تساقط تلك النماذج الحداثوية كان عليه أن يظهر بمثابة تصدع للمشروع التحديثي المفعم بتفاؤل تاريخي قاطع وبإيمان كلي بالعقل والعقلانية المفتوحة. وقد طرح هذا الأمر تساؤلاً مراً، تركز حول ما كان ذلك التصدع إيذانا بالتحوّل من كوجيتو ديكارت: ((أنا أفكر ، إذاً أنا موجود )) ، إلى تهشّم((الذات)) – وهي هنا الطبقة الرأسمالية التي كانت في أوجها– وظهور حالة من الاضطراب والجيشان (19). وقد عبر موريس غودولييه عن هذه الحالة الأخيرة بأنها((طريقة معينة لتملّك وعي(بائس؟)بالطاقات الجديدة، التي يحتويها النظام الدولي الجديد للسيطرة عليها، بل حتى لإفناء ثقافات غير غربية باعتباره مرحلة جديدة من مراحل سيطرة الغرب. وربما كان الوعي المؤلم بالتأثير القليل الذي تركته حتى أيامنا هذه… المعارف العلمية المكتسبة، بشكل مضن، عن هذه المجتمعات وهذه الثقافات، هو الذي يولّد شكّاً وخيبة أمل وانغلاقاً على الذات لدى مثقفين يأملون مع ذلك أن يكونوا مازالوا قادرين، إلى حدٍّ ما، على الهروب من غيتو ثقافتهم، وذلك عبر ممارسة المعرفة ( الشاعرية ) للآخر)) ( 20).
وقد تكون الصيغة الأبلغ لذلك التحول متمثلة في تشظية "المعنى" وتذريره وتفكيكه،دونما اعتبار للمعقولية وللسياق المعرفي التراكمي الذي حققه تاريخيا،وفي هذا الإطار، تبرز أعمال فوكو و ليوتار و دريدا و بورديو، الذين سيسكنون منطلقا لما قام به علي حرب من توظيف لأفكارهم.
إن ما بعد الحداثة التفكيكية تبدد التاريخ، ملغية هويته وما يجعل منه ما هو عليه، كما تطلق الحاضر في لجّة اللامعنى واللامعقولية.وهي بهذا وذاك، تقدم في شخصها نقدا للرأسمالية من داخلها وفي عملية تحولها الراهن من اقتصاد الصناعة إلى اقتصاد"ما بعد الصناعة". فهي إذ تعلن عن مفهومها لـ"القراءة" بمثابة فعل مزدوج، فإنها تقرأ النص في بنيته اللفظية والمعنمية،لتبدده وتهشمه بعد ذلك تحت دعوى الكشف عن لا معقوليته ولا معنميته. ومن شأن ذلك أن يعيد بناء كوجيتو ديكارت من "أنا أفكر،إذا أنا موجود"،إلى "أنا أهدم وأقوض، إذا أنا موجود".وليس من قبيل المصادفة، والحال كذلك، أن يستعاد نيتشة في لا عقلانية، يدا بيد مع محاولة إقصاء ماركس و هيجل وغيرهما.
ومن الملفت أن "نزعة اللاأدلجة" الراهنة، التي توجه نقدها لما تعتبره " قراءات أيدلوجية ملوثة" بالفعل السياسي والصراع الاجتماعي والطبقي، تقوم بحركة واسعة من نقد العقلانية، خصوصا عقلانية عصر التنوير الأوربي باتجاه تكريس ما بعد الحداثة في عزوفها الشامل عن العقلانية، بل وفي تصدّيها لها، وهي إذ ترغب في إقصاء كل السلطات، سلطات الاسم والمرجعية والانتماء أو سلطات الاسم في" إمبرياليته"، كما يعلن البعض، فإنها تستبقي سلطة اللاعقل واللاعقلانية والتهديم والتهشيم، هذه السلطة التي تتماهى وظيفيا الآن مع تحول الرأسمالية الأمريكية( ما بعد المعلوماتية- ما بعد الصناعية) إلى أقصى اليمين والعنف واللاعقلانية والهيمنة والتسلط وافتقاد المسوغات التاريخية.
وإذا كانت عملية التحديث في الغرب قد انطلقت من عقلنة الفكر العلمي وعقلنة الفكر السياسي وعقلنة القول التاريخي وعقلنة القول الديني (21)، فإن مرحلة ما بعد الحداثة التي ولجها الغرب الراهن في سياق التصديات العالمية الأخيرة، تحمل الوشم المناقض والمناهض له والمشّهر، فالفكر العلمي والسياسي والقول التاريخي يعيش الآن في أيدلوجيا ما بعد الحداثة أزمة انشطار وابتلاع. كما أن عقلنة الدين وما تستتبعه من إصلاح ديني تأسيسي وتسييق تاريخي (22)، قد تراجعت وارتدت.
وقد نقل السيد يسين عن أكبر أحمد akbar ahmad ما أتى عليه مما اعتبره" سمات رئيسية" لما بعد الحداثة وهي تأتي على النحو التالي:
• ضياع الثقة في مشروع الحداثة، والدعوة إلى التعددية، والشك العميق في المعتقدات التقليدية،ورفض الرؤية الكليانية، والاعتقاد بأن عالم كلية عامة.
• الإحياء الديني الإثني والأصولية الدينية.
• الاستمرارية مع الماضي.
• تأثير متعاظم للعواصم.
• تمازج الخطابات وتجاوزها وغزارة الانتقائية (23).
ويلاحظ من ذلك أن ما بعد الحداثة تبشر بعصر أو بعصور متغيرة ومختلفة اختلافا كليا عن العصور السابقة، وهذا التغاير والاختلاف يكتسب طابعا سوسيو- ثقافيا واقتصاديا، حيث يعني- بحسب الموقف ما بعد الحداثوي- ظهور مجتمعات"ما بعد صناعية" أو " ما بعد الرأسمالية" "التقليدية"، أي الصناعية.
ولعل من شأن ذلك أن يضفي على ما بعد الحداثة شيئا من" الدينامية والحيوية"، وإن كان كذلك بالمعنى التقويضي الاستفزازي، فهي في تأكيدها الجازم على ولادة هويات جديدة وعلى إثارتها لفكرة بروز نخب سياسية جديدة، وفي شكلها الجامح والحازم في العلوم والفنون والآداب والمذاهب السياسية وكل ما أنتجه عصر الأنوار بركيزته"الحداثة"، تضع نفسها موضع من يدين الترهل الفكري والسياسي والجمود الأدبي والفني والقيمي، ومن ثم، فإن هنالك في فعلها هذا ما يمكن أن يعتبر عنصرا حافزا على التجديد وإعادة البناء، شرط ألاّ ينطلق في عملية التجديد وإعادة البناء هذه من القواعد المنهجية العديمة التي تسلكها هي، أي ما بعد الحداثة.
وربما يلاحظ، بصيغة أخرى،أن ما بعد الحداثة- في بعدها التفكيكي- تثير من المسائل والإشكالات والقضايا ما يدعو حقا إلى التفكر. وإذا كانت هي من يثير ويطرح ذلك كله،فإنها تخرج نفسها من دائرة من عليه أن يقدم إجابة أو بعض إجابة. وعلى هذا، فهي- بالاعتبار الإبستيمولوجي والأيدلوجي- فكر أزمة، أزمة لا يمكن أن تحل إلا بتجاوزها عبر بديل نظري ينطوي،على الأقل، على احتمالات أن يكون قابلا لتجاوز القديم والتمهيد للجديد ضمن رؤية جدلية تاريخية.
إن ما بعد الحداثة إن دخلت الفكر العربي وبعض مؤسساتية الأكاديمية، فإنها أحدثت تحديا لها، لا يزال- على الأقل- في حالة الإضمار، وقد ترافق ذلك مع دخول أفكار أخرى تقاطعت معها وعملت معا على إحداث مشكلات جديدة في إطار المشكلات القائمة. فـ"نهاية التاريخ" لفوكو ياما، وصدام الحضارات لهنتغتون يتقاطعان مع ما بعد الحداثة، ليفضيا إلى: إقصاء التاريخ العربي، وهذا شأنه أن يضعنا أمام سؤال كبير:ما موقع ما بعد الحداثة في فكرنا العربي الراهن ومستقبلا؟
*******************************
المصادر والمراجع
(1) آلن بلوك، الصورة المزدوجة ضمن: مالكوم برادبري:الحداثة-ترجمة مؤيد فوزي حسن،دار الحاسوب للطباعة بحلب،ط2، 1995،ص61.
(2) انظر:Lenin-Der Imperialismus als hoechstes des kapitalismus,werke,Bd,Berlin,S.305.
(3) آلن بلوك:مصدر سبق ذكره- ص63.
(4) إدوار سعيد، الاستشراق:المعرفة.السلطة.الإنشاء،ترجمة كمال أبوديب،بيروت1981،ص170-173.
(5) يبرز شارل مالك،هنا بمثابته تجسيدا لتلك الثنائية في العالم"غير العربي".فهو إذ يطالب اللبنانيين والعرب أن يضعوا أنفسهم"كيانيا"في حذاء أفلاطون"يجب أن تضع نفسك كيانيا"في حذائه in his shoes " – والمقصود هنا أفلاطون.شارل مالك:المقدمة-القسم الأول-المجلد الأول،دار النهار للنشر،بيروت1977،ص372.
(6) انظر كتاب شينو المذكور:De La modernite.Paris.Maspero,1983.
(7) آلن بوك:مصدر سبق ذكره ص23،26.
(8) Jean - Marie Domenach-Approches de la modernite, وكتاب: Poletecniqe. Paris 1986,Page 76. وآلن بلوك- مصدر سبق ذكره ص32 .
(9) جان ماري دوميناك-مصدر سبق ذكره- ص76.
(10) آلن بلوك-سبق ذكره- ص52.
(11) انظر،مع المقارنة،المرجع السابق،ص94.
(12) جان ماري دوميناك:مصدر سبق ذكرهص187.
(13) ضمن: آلن بلوك-مصدر سبق ذكره- ص43-44.
(14) آلن بلوك-المصدر السابق- ص44.
(15) موريس غودولييه:هل الأنثربولوجيا الاجتماعية مرتبطة ارتباطا لا ينفصم بالغرب،أرض مولدها؟-ترجمة ماهر شريف-مجلة النهج-1خريف1994،العدد37سورية،ص241-242.
(16) انظر السيد يسين:حوار الحضارات في عالم متغير،بحث مقدم إلى-المؤتمر الدولي حول صراع الحضارات أم حوار الثقافات؟من10-12 مارس 1997،القاهرة،ص41.
(17) Hartman,Vilanova:The Post cold War Era,London,Pluto Press,1992.13-12.
(18) Michel Foucault: Les mots et les choses,Gallimard,Paris 1966,P379.
(19) انظر مع المقارنة: فتحي التريكي ورشيدة التريكي،فلسفة الحداثة،مركز الإنماء القومي،بيروت1992،ص10.
(20) موريس غولودييه:مصدر سبق ذكره- ص242.
(21) انظر: فتحي التريكي ورشيدة التريكي – المصدر السابق- ص29-31.
(22) انظر: طيب تيزيني، الإصلاح الديني:إشكالية ونقد،مجلة الطريق- السنة56،كانون الثاني"يناير"وشباط"فبراير"1997.
(23) انظر:السيد يسين،مصدر سبق ذكره،ص6.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق