اسامة عزالدين
الحوار المتمدن
2004 / 4 / 7
للبداية قد يكون من المفيد أن تذكر مقولة لزعيم الفاشيةهتلر يذكر على أن الحداثة والانطباعية لاعلاقة للشعب الألماني بها وما هى إلا ثرثرة لرجال محرومين من المواهب وهو أي هتلر قد قرر تخليص الحياة الثقافيةالألمانية منها – هتلر مجلة الزمن 1937
هذه المقولة ذات دلالة هامة بما تحتويه من نمط عقائدي وثقافي
تؤكد الفاشية على أن لكل عصر معطياته وخصوصياته، العصر المسيحي أعطى ثقافة مسيحية وكذلك عصر الاشتراكية الوطنية تعطى ثقافتها الخاصة بها وعليها بل من الضروري المثابرة على تطبيقها (راجع خطاب المؤتمر الثامن للحزب النازى).
ومن هذا المنطلق كان الفاشيون يصرحون على إن الويل كل الويل للدولة التي تعطى إمكانية إطلاق تطلعات خاصة بالحرية الفردية دون أن تكون ضمن الإطار الأيديولوجي العام لها هنا قد نفهم هذا الإصرار الدائمعلى وضع الفن والثقافة وحتى الرأي الأخر لخدمةالسياسة الفاشية.
ومما يؤكد هذا قول أحد قادتهم : يتوجب على الرسامينوالمصورين إبراز الفن الاشتراكي الوطني حيث لا يمكن لإنسان أن ينجز ثقافة أن لم تكن نابعة من أصولهاالخاصة...( نشرة الصحافة الألمانية 1937 )
أن فكرة الحداثة كانت مقيدة بحجم الذكاء لقلة من الناس التي حاولت فرض نمط تفكيرها على الغالبية وهى حتما أوقفت طفرات الإبداع والتفاعل الثقافي الإنساني .
يقول في هذا الخصوص ريغلر: نحس بنداء أثار المعتقدات والعلاقات الأبدية لشعبنا في أعيادنا القوميةوغيرها من خصوصياتنا ونجد الحداثة فيها وهى التي تؤكد وحدتنا. .
غاص البعض منهم في معتقدهم هذا معتبرا الفاشية دين بحد ذاته يقول في هذا الخصوص الجار الفاشي الأخر موسيليني: الفاشية هي دين وإلا لما أعطت معتنقيها هذه الصلابة والشجاعة . .
كان لا بد لها من اعتماد الديماغوجية لكي تبرر كل التساؤلات البديهية التي تطرح عليها لهذا طرحت شعارات عندما تقتضي الضرورة لذلك وعلى العكس تماما كانت تطمسها حينما لا تكون الظروف ملائمة لذلك وهذا ما يفسر الشرخ الفاضح بين وعودها وإنجازاتها .
طالت وعود الفاشية العمال والفلاحين واعدة إياهمبتخليصهم من العبودية والاستغلال وكذلك طالت وعودهم البورجوازية الصغيرة لتخليصهم من المنافساتالاحتكارية والرأسمالية الكبيرة ....وكذلك قالوا بأن البرلمان غير الديمقراطي سيحل مكانه هيئات حرفيةتعوض كل مساوئه .
اعتمدت الفاشية على كل ما طرحه الاصلاحيون والراديكاليون متوخية من ذلك استمراريتها فهي الأكثر اشتراكية للعمال، قال هتلر : من حق العمال الدفاع عن حقوقهم. وترك مجالا مفتوحا للتأميم أما الفلاحون فقد وعدوا بتوزيع الأرض عليهم.
في ظل هذه الحالة تكاثرت الاجهزه الأيدلوجية مع سيطرة تامة للحزب الفاشي يرافقها تنظيمات رديفة له واصبح المواطن محصورا داخل شبكات معقدة من الأجهزة التي تغطى مجمل حياته من المدرسة حتى المعمل والحقل وحتى حياته الخاصة ، لقد خلقت هذه الحالة خللا ثقافيا وعدم حيادية في التعليم والثقافة والقضاء
الجمعيات الرديفة تؤازر الأجهزة القمعية وهى تحت سيطرتها الكاملة وقراراتها تاخد طابع القانون راجع دراسات في الفاشية.
لكن المهم في هذا كله لم يعد القضاء يلعب دورهالمعروف واصبح ينفذ بتفنن الحس الشعبي الصحيح والذي يعنى بمفهوم الفاشية تجسيدا لإرادة الزعيم وبالتاليكل الأجهزة وما حولها الرديفة منها وغير الرديفة هي الحس الصحيح والمميز لإرادة الشعب والوطن واصبحهناك العدو المحتمل أو المذنب المحتمل أو المتآمر المحتمل خارج السرب.
عوضا عن كل هذا كان لابد أن يبرز الحلل الوظيفيوالإداري في نظام يعمل على مبدأ الطاعة العمياء للأكبرثم الأكبر حتى تقف عند شخص واحد مجسدا لإرادة الأمةالأمة والحزب والدولة في أن واحد .
ولابد هنا من ظهور حالة الاستثنناءات في الدولة ولابد من إبراز التناقضات وإظهار حالة مفرطة من الولاء الشبه المقدس للزعيم .
قد يكون من الضرورة الدخول في محاولة لفهم ظاهرة الزعيم :
إنها شخصية أسطورية وهى عادة لا تتشكل دفعة واحدة وهى أساس الإيمان العقائدي للفاشية .
في عام 1921كان موسيلينى يردد بان البشرية بحاجةإلى ديكتاتور أو إلى منقذ ليخلصها من بؤسها لكن لم يحدد حينه من أين سيأتي ؟.
ثم لاحقا وضح مويللر: نحن بحاجة إلى زعيم .
بعد فترة يأتي رجل العناية وهو إنسان غير العادي وعلى الجميع تأليهه وطبعا من الضروري أن يكون ذلك بالتدريج وهذه مهمة المحيطون به وياخد المتملقونبالإشارة إليه صباحا و مساءا وحتى لا تبدو بدايتها مضحكة و فظة عليهم أن يتحلوا بالصبر وفى الوقت المناسب يكون القول الصريح : هذا هو المخلص؟
الكونت سفوروزا يقول :موسيلينى دائما على حق . وفى مكان أخر:أؤمن بعبقرية موسيلينى ؟.
كوب يقول : هنلر شخصية نابغة و كونية ؟. ويتابع على هذا النمط غورنغ قائلا:الزعيم معصوم عن الخطأ؟ . أما هيس فكان على قناعة بان : الزعيم فوق كل نقد وانه على حق وسيكون على حق دائما. كتبت مجلة المليشيا الفاشية: تذكر أن تحب الله لكن لا تنس اله إيطاليا الزعيم- الدوتشه.
إذا عبادة الزعيم هو طقس لابد منه لانه يجسد الوطنوالحياة.
أوامر الزعيم هي قوانين الدولة وهيمنة الأجهزة القمعيةعلى الدولة والشعب هي جزء من الترابط المنطقي لهذه الحالة.
ويؤكدها مقولة هملر رئيس س.س :أنها الرابط الداخلي بين البوليس بوصفه حاميا للشعب والحزب الاشتراكي بوصفه حاملا للإرادة الوطنية.
س.س هو الهرم الأعلى في أجهزة الدولة ويراقب الشعب والحزب وهو الأداة الإيديولوجية القمعية وهو نفسه يقع تحت مراقبة الزعيم . ؟ ؟ ؟
مع كل الملفات التي كشفت الفهم الفاشي لمعنى الإنسانيةهناك مازال الكثير يتطلب دراسة لكن المبدأ الأساسيفيها هو احتقار الجماهير وكل قيم العدالة التي حاولت البشرية عبر تاريخها الطويل الحصول عليها.
بعد هذا المدخل السر يع أتساءل عما إذا كانت هناك دكتاتوريات فاشية في عالمنا العربي وما زال بعضها يمارس أيديولوجيتها في الواقع وهل يحق لنا أن نطلق عليها تسمية الفاشية ! وهل من الممكن المراهنة علىالمصالحة معها ! قناعتي الشخصية بان مثل هذه المراهنات عقيمة وغير مجدية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق