المبحث الاول: الاصول الفكرية والفلسفية لاتجاه الصراع الاجتماعي:
تولد عن الاتجا البنائي الوظيفي في علم الاجتماع نظرية او مدرسة تعرف بمدرسة او نظرية التوازن الاجتماعي او النظام الاجتماعي , وسيطرت هذه النظرية على الفكر الاجتماعي الغربي فترة طويلة , الا ان قيام الثورة الفرنسية وتحطيم حصن الباستيل في فرنسا وقيام الثورة الصناعية في انجلترا وظهور الطابقة العاملة المرتبطة بنمو الصناعة اسهم كل ذالك في ظهور اتجاة فكري وفلسفس عرف بمنظور الصراع الاجتماعي او الصراع الطبقي . وهذا الاتجاه الصراعي يستمد اساسة المعرفي من الفلسفة الالمانية المثالية وخاصة جدل الفيلسوف الالماني هيجل الذي اراد ان يستمر عمل الثورة الفرنسية بعيدا عما اصابها من الفشل , فقد رأى هيج لان الانسان ممثل في دراما التاريخ يحاول دائما ان يقرب النص من الحياة , وهو فيما يفعلة في الواقع يقدم مثلا وقيما وينشأ كانسان نتيجة الحوار والجدل والتنافس والصراع بين هذة المثل والقيم , وكلما احتد الجدل او المنافسة او بتعبير ادق ان الجدل او المنافسة هو الطريق الذي يؤدي الى ويولد الحكمة , واخيرا ونتيجة تبادل الرأي يقع التفاهم او الاتفاق وعن طريق المنافسة يحل التقدم وقد اطلق هيجل على عملية تصارع انساق الافكار اسم العملية الديالكتيكية , ويعد نسق الافكار قوى تاريخية في نظرة ذات اهمية خاصة في تحديد مسار التاريخ الحضاري
وتشير العملية الديالكتيكية ببساطة الى تنافس قوتين متعارضتين ,يؤدي هذا التعارض الى ظهور قوى عديدة نتيجة اهذا الاحتدام بينهما ,ويبدأ اليالكتيك بقوة تسمى قضية تناطح تلك القضية قوة جديدة تسمى نقيض القضية وهي قوة مناقضة , وينشأ كنتيجة للمعركة بين القضية ونقيضها قوة ثالثة هي التركيب او التأليف تضم كل منهما
يمكن القول بأن جدل الديالكتيك وخاصة عند هيجل هو الذي وضع اسس نظرية الصراع الاجتماعي عند ماركس فقد حول ماركس هذا اليالكتيك من صورتة العقلية الفكرية الى صورتة المادية التاريخية أي بدلا من صراع الافكار احل محلة صراع الطبقات الاجتماعية, بالمفهوم المادي الاقتصادي الاجتماعي للطبقة وليس بالمفهوم الثقافي او النفسي
كما شكلت الدراسات الاجتماعية الواقعية لحياة الطبقات العاملة في مصانع اوربا وخاصة ظرف الفقر والبؤس والاستغلال التي يعيشون فيها تحت مظلة النظام الرأسمالي اساسا اخر لنظرية الصراع خاصة في شكلها الماركسي
المبحث الثاني: المنطق الفلسفي لاتجاة الصراع الاجتماعي:
ان منطق فلسفة اتجاة الصراع الاجتماعي هو مايعرف بالمادية الجدلية بمعنى ان كل شي في تغير وتحول وهذا منطق يعود بعيدا الى فلسفة الذريين والماديين في الفلسفة اليونانية القديمة ,التي ترى ان العالم يتكون من جزئيات او ذرات متغيرة دائما, وهذه الذرات وا الجزئيات فيما يرى الماديون من طبيعة مادية وهي اما النار او الهواء او اللا محدود. وكذالك يرجع هذا الاتجاه في جزء كبير من مسلماته الى منطق نظرية النشوء والارتقاء عند داروين الذي يرى ان كل شي في الكون عبارة عن مادة حية تطورت من خلال الصراع مع نفسها ومع البيئة الموجود فيها , بما في ذالك الكائنات الاجتماعية و النفسية والثقافية,فهي في حكم المادة الحية المتطورة التي ينجم ويتولد من تفاعلاتها نظم وانساق وقيم ومثل اجتماعية او ظواهر نفسية, وكثيرا مايعرف هذا الاتجاه بالمادية التاريخية خاصة عند الماركسيين الذين يرون ان مايحكم الكون هو قانون الحركة والتغير المستمرين, وذالك خلافا للفلسفات المثالية الكلية او العقلية او فلسفات الثبات والتوازن في الفكر البنائي الوظيفي في العلوم الاجتماعية بشكل عام كما ترى مدرسة الصراع ان الانسان بالطبيعة خير,وان الظروف الاجتماعية المحيطة هي فقط التي جعلته شيطانا, وهذه النظرة تشبة الى حد بعيد وجهة نظر جان جاك روسو الذي يرى ان الانسان خير بطبيعتة ولكن تحولة الى حياة المجتمع غير الطبيعي الاصطناعي هي التي جعلتة شريرا يقتل بعضه بعضا وينهب بعضه بعضا, ويعتدي القوي منهم على الضعيف , فمنطق الصراع الاجتماعي اذن يعود الى تحول وتغير غير طبيعي في تاريخ الانسان.
هذا ويزعم اصحاب اتجاة الصراع الاجتماعي وخاصة الماركسيون منهم ان مصدر الصراع الاجتماعي هو حاجة الانسان الاساسية للبقاء في ظل ظروف الندرة والعوز السائد, ان الافراد لا يصلهم القدر الملائم من الغذاء والكساء والمأوى وكل الاشياء التي يرغبونها ويحتاجونها, وقد خلق هذا العوز بسبب عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية بين الجماعات, فدائما ماتكون هناك جماعة تحتكر القوة والثروة والنفوذ, ومن ثم يبقى من لايملكون لا القوة ولا الثروة ولا النفوذ في حالة من حالات سوء التوازن وحتى يتسنى تحقق الصحة الاجتماعية يجب ان يمنح الانسان الفرصة لاشباع حاجاتة ومطالبة ,ومن الواضح انه يمكن ان يكون ذلك امر صعبا بسبب تركز القوة والثروة والنفوذ في ايدي طبقة واحدة, وما لم يستخدم هؤلاء الذين في القاع ادوات القوة والعنف وعدم الطاعة فان احوالهم ستظل بائسة وفي القاع
لماذا رفضت نظرية الصراع كأسس للاصلاح والتطور الاجتماعي والعدالة الاجتماعي خاصة في شكلها الماركسي؟
لان هذا الموقف هو دعوة للعنف واراقة الدماء من اجل الوصول الى العدالة الاجتماعية وتحقيق الذات, ولذلك فقد رفضت هذه النظرية شكلا وموضوعا واعتبرت دعوة ايديولوجية وسياسية لسيطرة العمال على مقاليد المجتمع بالعنف والدم , وفي هذا تقويض للبناء الاجتماعي, وحتى على فرض سيطرة العمال على المجتمع,فماذا عن حق الطبقات والفئات الاجتماعية الاخرى في المجتمع, فهي اذن احادية وقاصرة ولايمكن ان يلتف حولها جميع الناس وجميع القوى الاجتماعية في المجتمع, وهي بذلك ليست نظرية علمية موضوعية. ولعل ما حدث, في الاتحاد السوفيتي سابقا وشرق اوربا اكبر دليل على قصور نظرية الصراع وخاصة في شكلها الماركسي المادي
اهم التصورات الاساسية التي يقوم عليها اتجاة الصراع الاجتماعي في علم الاجتماع في الجوانب والنقاط التالية
1-المصالح هي عناصر هامة للحياة الاجتماعية, وخاصة المصالح الطبقية
2-توجد وتتكون الحياة الاجتماعية من جماعات ذات مصالح مختلفة ومتناقضة ومتصارعة
3-تولد الحياة الاجتماعية بطبيعتها الصراع
4-تتضمن التباينات الاجتماعية اشكالا مختلفة من القوة
5-الانساق والنظم الاجتماعية ليست متحدة او منسجمة
6-تميل الانساق والنظم الاجتماعية للتغير والتبدل
7-الصراع الاجتماعي هو اداة الطبقة المستغلة لتأكيد ذاتها وحقوقها وتحريرها من الطبقة المستغلة
المبحث الثالث: الاضافات التي قدمها ابرز رواد نظرية الصراع
اولا:النظرية الصراعية عند كارل ماركس:
كارل ماركس عالم الماني اشتهر في نظريتة الصراعية التي ظهرت في جميع كتبة ومؤلفاتة تستند نظرية ماركس الصراعية على الصراع بين الطبقات الاجتماعية اذ يقول في كتابه (راس المال) بأن تاريخ البشرية هو تاريخ الصرع الطبقي الاجتماعي, والصراع الطبقي هو الصراع بين طبقتين اجتماعيتين متخاصمتين هما الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة او الطبقة المستغلة والطبقة المستغلة او الطبقة القاهرة والطبقة المقهوره او الطبقة الظالمة والطبقة المظلومة. علما بان مثل هذا الصراع الطبقي يوجد في المجتمع العبودي والمجتمع الاقطاعي والمجتمع الرأسمالي. وتاريخ البشرية كما يخبرنا ماركس لايشهد الصراع الطبقي الاجتماعي فحسب بل يشهد ايضا الماسي الصراعية والاقتصادية والاستغلالية والاحتكارية التي ترافق هذا الصراع.
علما بأن اساس الصراع الطبقي في هذه المجتمعات الثلاثة العبودية والاقطاعية والرأسمالية هو العامل المادي. فهناك طبقة تمتلك وسائل الانتاج وطبقة لاتملك وسائل الانتاج بل لديها الجهود البشرية التي تبيعها باجور زهيدة الى طبقة ارباب العمل , وهذه الحالة كانت مماثلة ليس في المجتمع الرأسمالي فحسب بل ماثلة ايضا في المجتمع العبودي والاقطاعي, علما بأن ماركس يعتقد بان ملكية وسائل الانتاج من قبل طبقة معينة تمنح افراد الطبقة المعنوية العالية والنفوذ الاجتماعي والاحترام والتقدير, بينما عدم امتلاك الملكية من الطبقة الاخرى يجعلها مكسورة معنويا ونفسيا وغير محترمة اجتماعيا ولاتملك القوة والنفوذ الاجتماعي والسياسي.
ان حالة كهذة تولد ظاهرة الوعي الطبقي عند الطبقة المحكومة,أي الشعور والاحساس بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية الصعبة.وان هذا الوعي يولد الوحدة الطبقية ثم التنظيم الثوري بين ابناء هذه الطبقة,الامر الذي يدفع افرادها الى الثورة ضد الطبقة الحاكمة او المستغلة ,هذه الثورة التي تقود الى سقوط المجتمع ونحولة الى نمط اخر يتسم بالتقدم والتنمية على النمط السابق من المجتمع.
فالمجتمعات كما يرى ماركس تتحول من مجتمعات عبودية الى مجتمعات اقطاعية ومن مجتمعات اقطاعية الى مجتمعات راسمالية ومن الراسمالية الى اشتراكية. وهكذا تقود الظاهرة الطبقية الى الظاهرة الصراعية , وتقود الظاهره الاخره الى التغير او التحول الاجتماعي. علما بأن تحول المجتمعات يكون تحولا تاريخيا ماديا جدليا او دايلكتيكيا.فالتغير هو تاريخي لانه يرافق جميع المجتمعات عبر تاريخها القديم والوسيط والحديث,وهو تحول مادي لان اساس الثورة الاجتماعية التي تقوم بها الطبقة المحكومة يرجع الى عامل مادي لان هذه الطبقة لاتمتلك أي شيء في الوقت الذي تمتلك فيه الطبقة الحاكمة كل شيء ,أي وسائل الانتاج والقوة النفسية والاجتماعية والسياسية,وهو اخيرا تغير جدلي او دايلكتيكي لانه يتم وفقا للصراع بين الفكرة(الطبقة الاقطاعية مثلا)والفكرة المضادة(طبقة الفلاحين)وعن الصراع بين هاتين الطبقتين تتمخض الفكرة الثالثة وهي طبقة الراسمالية او طبقة ارباب العمل
ثانيا: النظرية الصراعية عند باريتو
يعد فريفريدو بارتيو(1848-1923)من ابرز علماء الاجتماع الصراعيين في ايطاليا والعالم.ظهرت نظريته الصراعية في كتابه الموسوم" العقل والمجتمع" الذي يقع في جزئين وكتاب" علم الاجتماع السياسي". يعتقد باريتو في نظريته الصراعية بأن الصراع يكون بين النخبة والعوام. ذلك انه يعتقد بان المجتمع يقسم الى طبقتين اجتماعيتين مأتخاصمتين هما طبقة النخبة وطبقة العوام وقد صنف باريتو النخبة الى صنفين هما النخبة الحاكمة والنخبة غير الحاكمة . فالنخبة الحاكمة هي التي تتكون من افراد يحتلون مواقع الحكم والمسؤولية كالوزراء والمدراء العامين وقادة الجيش ورؤساء الجامعات والمؤسسات الكبيرة والمصانع والمزارع والمصارف. وهؤلاء الأفراد يؤثرون بطريقة أو أخرى على عملية سير الحكم ومسيرة الدولة من خلال مواقعهم السياسية ومن خلال القرارات الادارية ذات المضمون السياسي التي يتخذونها في دوائرهم.
أما النخبة غير الحاكمة فتتكون من أفراد لا يحتلون مواقع وأعمال حساسه وبارزه ومهمة لا يستطيع المجتمع الاستغناء عن خدمات أعضائها مهما تكن الظروف.ومن أمثلة النخبة غير الحاكمة الطبيب والاستاذ الكبير والفنان الكبير والمهندس الكبير والمحامي الكبير والممثل أو المغني أو العازف الكبير.
أما طبقة العوام فتتكون من عامة الناس الذين لا يحتلون مواقع اتخاذ القرار والمسؤولية ,أي أن أعمالهم لاتؤثر في أعمال ومصير ومستقبل الآخرين كأعمال النخبة الحاكمة وغير الحاكمة.أن أفراد طبقة العوام يشغلون الأعمال الكتابية والروتينية واليدوية والأعمال الحرة التي لا تحتاج الى خبرة أو موهبة أو دراسة طويلة.
يخبرنا باريتو بأن الصراع يكون بين النخبة والعوام ويرجع الصراع الى رغبة النخبة باحتلال مواقعها القيادية والحفاظ عليها لأطول فترة زمنية ممكنة وعدم اتاحتها المجال للعوام بمشاركتها في القوة والمسؤولية. بينما تريد طبقة العوام الوثوب الى مراكز النخبة واحتلالها للسيطرة على زمام القوة والحكم في المجتمع اذاً المنافسة الشديدة بين النخبة والعوام ترجع الى رغبة كلا الطبقتين باحتلال مراكز القوة والمسؤولية, فالنخبة تريد الاستمرار بالمحافظة على مراكزها القيادية, بينما العوام تريد انتزاع مراكز القوة والمسؤولية من النخبة. وهذا نستطيع القول بأن سبب الصراع بين النخبة والعوام يرجع الى الرغبة في الاستئثار بالحكم واحتلال المواقع الحساسه في المجتمع.
لذا فالنخبة تدخل في صراع مع العوام لانها تريد الحفاظ على مراكزها القيادية والحساسه, بينما العوام يدخلون في صراع مع النخبة لأن الأخيرة تمنع العوام من الوصول الى مواقع النخبة, وان العوام معرضون الى احتكار واستغلال النخبة لهم ومنعهم من تحسين أوضاعهم العامة والخاصة. غير أن عمليه الصراع بين النخبة والعوام تتمخض عن نجاح بعض العوام من الوصول الى مواقع النخبة وسقوط بعض النخب الى طبقة العوام. وهذه الظاهرة يطلق عليها باريتو بظاهرة دورة النخبة التي يعبر عنها بنظريته المعروفة بنظرية دورة النخبة, وهي النظرية التي توضح سقوط النخب الي طبقة العوام وارتفاع بعض العوام الى طبقة النخبة.
يعتقد باريتو بأن النخبة لا تستطيع الحفاظ على مراكزها بصورة دائمية بل تتعرض للسقوط والنزول الى العوام وذلك للأسباب الآتية:
1ــ تعرض النخبة للكبر والهرم والعجز وعدم القدرة على الاستمرار باحتلال مراكز القوة والتأثير
2ــ عدم كفاءة النخبة بأداء المهام المطلوبة منها بسبب عوامل الكسل والحذر والترهل.فعندما تتعود النخبة على احتلال المراكز القيادية لمدة طويلة تتعرض الى أمراض السأم والرتابة والروتين والملل.وهذه الامراض تشل حركتها وتعطل نشاطها.
3ــ أحالة النخبة الى التقاعد بسبب المنافسة الشديدة بين أفرادها.
4ــ تعرض النخبة الى حالات فضائح مالية أو سياسية أو أخلاقية مما عن ذلك سقوطها واختفائها.
5ــ تعرض النخبة الى التآمر من قبل العوام اذ ان باريتو يسمي النخبة بطبقة الاسود ويسمي العوام بطبقة الثعالب فالثعالب يحفرون من تحت ارجل الاسود للايقاع بهم واحتلال اماكنهم.
وهنا يقول باريتو بأن الارستقراطية هي مقبرة التاريخ, أي ان التاريخ يشهد سقوط وفناء الارستقراطية , والدليل على ذلك هو الذهاب الى المقابر التي فيها نشاهد رموز النخبة والارستقراطية من ملوك وأمراء وضباط كبار ورؤساء ووزراء....الخ
مما ذكر اعلاه نخلص بأن سبب الصراع بين النخبة والعوام يكمن في الرغبة في الحصول على مراكز القوة والحكم, وان اطراف الصراع هي النخبة والعوام, وان الصراع يقود الى تحول المجتمع من مجتمع أقل ديمقراطية وإنسانية وحرية.
ثالثا: الصراع عند لويس كوسر
تناول مشكلات الصراع الاجتماعي . في كتابين :" وظائف الصراع الاجتماعي ؛ 1956م" و" الاتصالات الفكرية في دراسة الصراع الاجتماعي؛ 1967م" وهو يشير إلى أن اهتمامه بفكرة الصراع:
ينصب على الكشف عن الوظائف الإيجابية التي يقوم بها الصراع الاجتماعي أكثر مما يحاول إظهار المعوقات الوظيفية له، ويعني ذلك إبراز النتائج المترتبة على وجود الصراع والتي تؤدي إلى زيادة قدرة العلاقات الاجتماعية أو الجماعات على تحقيق التكيف أو التلاؤم في المجتمع بدلاً من إظهار تلك النتائج التي تقلل من قدرة هذه العلاقات الإجتماعية والجماعات على القيام بهذا التكيف. ذلك أنه بدلاً من أن يكون الصراع عاملاً سلبياً يفرق المجتمع ويمزق أوصاله، يمكن أن يحقق هذا الصراع عدداً من الوظائف المحددة بالنسبة للجماعات أو لغيرها من العلاقات الجماعية فهو يسهم مثلاً في المحافظة على حدود الجماعة ويمنع انسحاب أعضائها منها".
ولقد أراد كوسر أن يلفت نظر معاصريه من الباحثين في علم الاجتماع بما تقوم به الصراعات من دور حاسم في الحياة الاجتماعية عن طريق إبرازه للإسهامات التي تقوم بها هذه الصراعات في تحقيق التكامل وتعني هذه المحاولة من جانبه رؤية جديدة للصراع الاجتماعي دون التخلي عن الإطار التصوري للوظيفة. كما أنه أرجع مصادر الصراع ومنابعه إلى الطموحات الفردية بدلاً من أن يرد منابع الصراع إلى الخواص المميزة للبناء الاجتماعي . وكان مهتماً بأن يبرز أثر الصراعات الاجتماعية في البناء الاجتماعي أكثر من اهتمامه بالكشف عن أثر البناء الاجتماعي في خلق الصراع كما يفعل ماركس، وهو يرى أن البناء الاجتماعي يحدد الشكل أو المظهر الذي تتبدى فيه الصراعات الاجتماعية، كما يحدد شكل الحلول التي تتخذ لوضع حد لتلك الصراعات، ولكن منبع الصراع الاجتماعي لا يكمن في بناء المجتمع بل في مصادر أخرى.
كما أنه لم يفرد أهمية كبيرة لفكرة التعارض بين مصالح الجماعات المتصارعة رغم أن هذه الفكرة تلعب دوراً حاسماً في الاتجاهات الصراعية الأخرى. ويبدو أنه قد استلهم تحليله للصراع كصورة من صور التفاعل بين الأفراد من فكر سيمل، أكثر مما استلهم هذا التحليل من أفكار ماركس أو " جمبلوفتش
ومن هذا المنطلق وضع كوزر صورة للمجتمع تؤكد على ما يلي:
1-يمكن النظر إلى العالم الإجتماعي كنظام أو نسق من الأجزاء المترابطة بشكل مختلف.
2-في كافة الأنساق/ المنظومات الإجتماعية يظهر إختلال التوازن والتوترات والصراعات المصلحية بين مختلف الأجزاء المترابطة.
3-العمليات داخل وبين مختلف الأجزاء التي يتألف منها النظام تعمل في ظل ظروف من أجل صيانة وتغيير وزيادة أو تقليل تكامل وتوافق النظام.
4-كثير من العمليات كالعنف والتفكك والإنحراف والصراع والتي تعتبر مفككة للنظام يمكن إعتبارها في ظل ظروف معينة معززة لأسس التكامل في النظام وأيضاً لقدرة النظام على التوافق مع البيئة.
الفروض الخاصة بالوظائف بالنسبة لأطراف الصراع:
الفرض الأول : كلما إشتد الصراع كلما كانت حدود كل طرف في الصراع واضحة.
الفرض الثاني: كلما إشتد الصراع وكلما كان عمل كل طرف فيه متمايزاً كلما زاد إحتمال مركزية إتخاذ القرار لكل طرف.
لفرض الثالث : كلما إشتد الصراع وكلما زاد إدارك أنه سيؤثر على جميع القطاعات لكل جماعة كلما عزز الصراع التماسك البنائي والأيديولوجي بين أعضاء كل جماعة مشتركة في الصراع
الفرض الرابع: كلما كانت العلاقات أولية بين أعضاء جماعات الصراع كلما أدى الصراع إلى قمع الانشقاق والانحراف داخل كل جماعة وفرض الإمتثال للمعايير والقيم.
الفرض الخامس: كلما كان البناء الاجتماعي الذي يحدث فيه الصراع بين الجماعات أقل صرامة وجموداً وكلما تكرر الصراع وأصبح أقل شدة كلما زاد احتمال أن يؤدي الصراع إلى تعزيز النظام بوسائل تعزز القابلية للتوافق والتكامل.
الفرض السادس: كلما تكرر الصراع – كلما قل احتمال اعتباره انعكاساً للاختلاف والانقسام حول قيم صميمة وكلما كان الصراع وظيفياً لصيانة توازن النظام
الفرض السابع: كلما تكرر الصراع وكان أقل شدة – كلما زاد احتمال تعزيزه للتنظيم المعياري للصراع.
الفرض الثامن: كلما كان النظام أقل صرامة وتصلباً كلما زاد احتمال تحقيق وتوطيد الصراع لتوازنات السلطة والتسلسل الهرمي لها في النظام.
الفرض التاسع : كلما كان النظام أقل صرامة وجموداً كلما زاد من إحتمال أن يؤدي الصراع إلى تكوين تحالفات ترابطية تزيد من تماسك وتكامل النظام
رابعا:نظرية الصراع الاجتماعي عند رالف داهرندوف
لقد تأثر داهرندوف بالافكار الاجتماعية والاقتصادية التي جاء بها كارل ماركس لاسيما الافكار التي تقول بان هناك صراعا طبقيا في المؤسسات الصناعية, الا انه لايعتقد بأن الصراع هذا هو بين الطبقة العمالية وطبقة ارباب العمل كما اعتقد ماركس, ولايعتقد كذلك بان سبب الصراع بين العمال وارباب العمل يرجع الى عوامل مادية. ان رالف يعتقد بان الصراع في المؤسسات الصناعية يكون بين العمال والطبقة التكنوقراطية.ومثل هذا الصراع كما يعتقد داهرندوف لايتحدد بالمؤسسات الصناعية بل يكون في المؤسسات الادارية ذات الطابع الحكومي وفي المؤسسات الصحية والعسكرية.ان الصراع في المؤسسات الادارية الحكومية كما يرى داهرندوف يكون بين ابناء الطبقة التكنوقراطية الذين هم خريجي الجامعات والكوادر العملية التي تحتل المراكز القيادية في المؤسسات الادارية الحكومية وبين الكبة والموظفين الصغار. كما ان الصراع في الموسسات العسكرية يكون بين الطبقة التكنوقراطية ونواب الضباط او المراتب في القوات المسلحة
وما يتعلق بالصناعة يعتقد رالف داهرندوف بأن الصراع لايكون بين العمال ومالكي وسائل الانتاج كما اعتقد كارل ماركس بل ان الصراع يكون بين العمال والطبقة التكنوقراطية.علما بأن الطبقة التكنوقراطية لاتمتلك المشروع الصناعي بل تديره فقط لقاء رواتب معينة كما ان سبب الصراع بين العمال والتكنوقراطيين كما يراه داهرندوف ليس هو ماديا بل يرجع الى احتكار التكنوقراطيين لاسباب القوة والنفوذ في المشروع الصناعي وعدم تمتع العمال بأية قوة او نفوذ في المصنع. وهذا هوسبب الصراع بين العمال والطبقة التكنوقراطية على حد قول داهرندوف
الجريمه في نظرية الصراع الإجتماعي:
ولا شك ان نظرية الصراع الاجتماعي تؤمن بان الانحراف نتيجة منطقية لصراع المصالح الاجتماعية . فالطرف المنتصر في عملية الصراع الاجتماعي يفرض قوانينه وانظمته على الطرف الخاسر ، ويضفي عليها صبغة الزامية فتصبح عندئذ عرفاً قانونياً للنظام الاجتماعي ، وكل ما يخالف ذلك العرف يصبح انحرافاً . بمعنى ان النظام السياسي الحاكم يساعد الاقوياء على حساب الضعفاء ، والحكام على المحكومين ، والاغنياء على الفقراء . ولذلك فان الانحراف في رأي النظرية الماركسية ، سلوك طبيعي هدفه تهديد النظام السياسي القائم ضمن اطار الصراع الاجتماعي . ومثال ذلك ان القانون الذي شرعه الحقوقيون والسياسيون في بداية نشوء الولايات المتحدة الامريكية كدولة ، كان يحرم مواطني البلاد الاصليين من الهنود حق امتلاك الاراضي . فكان تملك الارض من قبل الهنود الاصليين يعتبر ، رسمياً ، انحرافا وجريمة يعاقب عليها القانون ، لان الطرف المنتصر في عملية الصراع الاجتماعي في ذلك الوقت كان يمثل المستوطنين البيض.
ومثل آخر ان النظام الراسمالي الارونبي والامريكي اقر نظام الرق في القرن الثامن عشر . وقانون الرق يقر استعباد الاقوياء للافراد المستضعفين على اساس الجنس واللون ، فيحقق ضمن ذلك القانون استعباد الجنس الاسود من قبل الجنس الابيض ، فكانت حرية العبيد انحرافاً واجراماً بحق النظام الاجتماعي الرأسمالي السائد في القرن التاسع عشر . وفي العشرينات والثلاثينات من هذا القرن كان تشكيل اتحادات العمال المهنية في النظام الرأسمالي الامريكي جريمة يعاقب عليها القانون ، لان النظام كان لا يسمح باجازة التنظيمات العمالية والاضرابات النقابية .
وعلى ضوء ذلك ، ترى نظرية الصراع الاجتماعي ان نشوء الجريمة في المجتمع امر حتمي ، لان القوانين القضائية والسياسية تعكس مصالح الطبقة الغنية القوية المتحكمة بالفقراء والمستضعفين . فسرقة مصرف من المصارف التجارية تتربت عليه عقوبة شديدة بحق السارقين ، لان الاموال التي تسرق تعتبر جزءاً من اموال الطبقة الغنية . ولكن سرقة حقوق العمال عن طريق حرمانهم من الضمان الصحي مثلاً يعتبر في نظر النظام الرأسمالي انحرافاً جزئياً يستحق مرتكبوه عقوبات مخففة لانه انحراف لا يمس امتيازات الطبقة المتحكمة . ولتوضيح ذلك ، يعرض مناصروا نظرية الصراع المعاصرون ، احصائية نشرت في منتصف الثمانينات تشير الى ان جرائم التحايل على دفع الضريبة من قبل الافراد الراسماليين في الولايات المتحدة شملت مبلغاً قدره مائتي بليون دولار سنوياً ، ولكن لم يعتقل من هؤلاء المجرمين الـ 1800 فرد فقط ، بينما وصل عدد الافراد الذين اعتقلوا خلال نفس الفترة
لارتكابهم جرائم اقل درجة وقيمة ( تقدر بعشرة بلايين دولار ) ، حوالي مليون وربع مليون فرد ، فاين العدالة بين الافراد في معاقبة الانحرافات والجرائم المالية ؟ فسرقة مائتي بليون دولار تستدعي اعتقال 1800 فرد ، وسرقة عشرة بلايين دولار تستدعي اعتقال مليون وربع المليون فردا والنسبة بين المعتقلين من الطبقتين كما ترى ، والمبالغ المسروقة لا تتناسب تناسباً عقلائياً مع ابسط قواعد العدالة الاجتماعية . والخلاصة ان الاغنياء المتحكمين بعنق النظام يسرقون نسبة هائلة من المال المتداول اجتماعياً ولا يعاقبون عليها لان سلوكهم هذا لا يعد انحرافاً ، اما السرقات التي يقوم بها الفقراء فهي جرائم يستحق مرتكبوها اقصى العقوبات ! والسبب في كل ذلك ان الطبقة القوية هي التي تصمم النظام القضائي وتضع القوانين السياسية . وهي التي تضع التعريف الاجتماعي لفكرة الانحراف .
ولذلك فان الجرائم السياسية التي يرتكبها الافراد ، حسب ادعاء نظرية الصراع ، كالتخريب ، والتجسس لصالح العدو ، والثورة على النظام القائم ، نتائج حتمية لصراع المصالح الاجتماعية ، وامثلة حية على صدق مقولتها بان القوانين الاجتماعية مصممة لخدمة الطبقة الرأسمالية . ولكن طبيعة الصراع يغير الموازين السياسية ، فانحراف اليوم ربما يصبح عرف الغد . والمتمرد على النظام في الزمن الحاضر قد يصبح قائداً لنظام جديد ، مستقبلاً . والمخرب اليوم قد يصبح بطلاً قومياً عندما تنتصر قضيته التي ناضل من اجلها.
نقد مفهوم((الجريمة)) في نظرية الصراع:
ان زعم نظرية الصراع الاجتماعي بان الجريمة نتيجة حتمية لصراع المصالح الاجتماعية لا يمثل الفهم الشامل لمفهوم « الجريمة » في نظام الاجتماعي . فليست جرائم المجتمع الانساني بكافة الوانها واشكالها ناتجة من صراع المصالح الاجتماعية . وليست الجرائم التي يشهدها المجتمع الرأسمالي ، كلياً ناتجة من تحكم الطبقة الرأسمالية . نعم ان مصدر العديد من الجنايات في نظام الرأسمالي الغربي عموماً ، والامريكي خصوصا ، هو ظلم الطبقة الرأسمالية وجشعها ، كما ذكرنا ذلك في مواضع متعددة من هذا الكتاب . ولكن الواقع يشهد بان هناك العديد من الجنايات والجرائم التي يرجع ببها الى دوافع ومناشيء اخرى ، غير الصراع الاجتماعي ، ومنها : الاختلافات العائلية ، والاختلالات العقلية ، والدوافع الشهوية المحضة . ومع اننا لا نقلل من قوة حجة نظرية الصراع الاجتماعي في تحليل اسباب نشوء الجريمة ، الا ان مفهومها عن الانحراف لا ينهض الى مستوى الشمول في فهم نشوء الجريمة في المجتمع الانساني . ولو كانت نظرية الصراع الاجتماعي دقيقة في تحليلها لتمثل لنا اختفاء الجريمة والانحراف من المجتمع الشيوعي اختفاءا تاماً . ولكن هذا التحليل يكذبه الواقع العملي ، فمناهضة النظام السياسي في المجتمع الماركسي يعتبر انحرافاً يستحق مرتكبه اقصى العقوبات ، والغصب يعتبر انحرافا يعاقب عليه القانون . فكيف تفسر نظرية الصراع الاجتماعي وجود هذه الانحرافات في مجتع يفرض ان يكون نظيفاً من العناصر الرأسمالية ؟
العائله ونظرية الصراع الاجتماعي:
ولا تنكر نظرية الصراع الاجتماعي أهمية دور المؤسسة العائلية في انجاز الوظائف المناطة بها اجتماعياً ، الا إن النظرية تؤكد على أن المؤسسة العائلية هي أول مؤسسة إضطهادية يختبرها الفرد في حياته الاجتماعية . حيث تمثل سيطرة الرجل على المرأة في النظام العائلي ، أخطر الامثلة التي تقدمها نظرية الصراع وتدينها من الاساس . والى ذلك يشير ( انجلز) في كتابه « أصل العائلة ، الملكية الخاصة ، والجولة » قائلاً :
« إن الزواج يمثل نموذجاً راقياً للعداوات التي ظهرت في التاريخ . حيث إن نمو وإزدهار مجموعة معينة يتم على حساب مأساة وإضطهاد مجموعة اخرى ... ان العلاقة بين الزوج والزوجة هي مثال نموذجي لما يحصل لاحقاً من اضطهاد بين الطبقة الرأسمالية والطبقة العمالية
نقد نظرية الصراع:
ولاشك ان نظرية الصراع الاجتماعي تنطلق في تحليلها لوضع المرأة في المؤسسة العائلية من معاينة المجتمع الاوروبي الغربي في عصر الثورة الصناعية ونشوء النظرية الرأسمالية ، وامتدادات ذلك الى المجتمع الامريكي الشمالي ؛ وهو تحليل يعكس صدق النظرية في تشخيصها جزءاً مهماً من المشكلة الاجتماعية الاسرية في النظام الرأسمالي . فلحد الستينيات من القرن العشرين لم تكن المرأة في النظام الامريكي والاوروبي قادرة من الناحية القانونية على المشاركة في إنشاء أي عقد من العقود التجارية دون إذن زوجها . وفي النصف من القرن نفسه وصلت حالة العنف بين الزوج والزوجة في المجتمع الامريكي الى درجة ، بحيث وضعت المؤسسة العائلية على قمة المؤسسات الاجتماعية الامريكية التي تمارس العنف والاجرام (1) . فجرائم القتل بين الازواج تمثل ـ كما ذكرنا سابقاً ـ عشر اجمالي الجرائم الجنائية السنوية . وفي كل عام يحاول أكثر من سبعة ملايين زوج أو زوجة إنزال الاذى بالآخر ، قتلا كان أو ضرباً مبرحاً أو جرحاً بليغا . ويحاول اكثر من مليوني طفل سنوياً الاعتداء على امثالهم بسلاح ناري أو نحوه بنية وتصميم مسبق للقتل . وفي كلّ عام يهرب اكثر من مليوني مراهق من بيوتهم بسبب الاعتداءات الخلقية عليهم من قبل آبائهم . واكثر المشاكل الزوجية انتشارا في المجتمع الرأسمالي الامريكي اليوم هو الاعتداء الجسدي بين الازواج مع النية المسبقة بانزال الاذى بالآخر .
وهذا الوضع الاسري في حضارة تدعي لنفسها الكمال ، قد رسخ افكار نظرية الصراع الاجتماعي في اذهان المحدثين من معتنقي هذه النظرية وجعلهم اكثر تحمسا في الدفاع عن مقولة ( فريدريك انجلز ) حول الاضطهاد الاسري الذي يؤدي لاحقاً الى الاضطهاد الاجتماعي.
ولكن تفسير نظرية الصراع وربطها الاضطهاد الاسري بالاضطهاد الاجتماعي هو عرض للمشكلة الاجتماعية دون تقديم حل بديل يعالج مشكلة الاضطهاد المزعوم . فاذا كان الصراع الطبقي مستمراً في جميع اطوار تطورالمجتمع الانساني ، كما تزعم نظرية الصراع ، فكيف تستطيع تلك النظرية تصوير شكل العلاقة الزوجية في كل مرحلة من مراحل الصراع الاجتماعي ؟ فهل ان المرحلة التاريخية السابقة التي اباحت للزوج الرأسمالي اضطهاد زوجته البروليتارية ، تبيح للزوجة الرأسمالية اضطهاد زوجها البروليتاري ؟ واذا كانت الثقافة الماركسية في مرحلة الصراع الاجتماعي تجيز للبروليتاريا سحق الطبقة الرأسمالية فهل يجوز سحق العائلة القائمة على اساس الفهم الرأسمالي ؟ بل اين حدود التعامل ، حسب نظرية الصراع ، في العلاقات الخاصة بين الزوج والزوجة ؟ ومن الذي يحدد القانون الذي يسمح للزوجين بالاشتراك في الحياة الزوجية السعيدة دون ظلم واضطهاد ؟
ان نظرية الصراع الاجتماعي تقصر عن تحديد دور الزوجين في التعامل الانساني ، وتعجزعن تشخيص مسؤوليتهما المتبادلة في اشباع حاجاتهما الغريزية ضمن الحدود الطبيعية ، وتعجز ايضا عن تحديد مسؤولية الابوين تجاه القاصرين من الابناء والبنات والعاجزين من بقية افراد الاسرة كالاجداد والجدات .
ولم تتطرق النظرية ايضا الى الولاية الشرعية او القانونية لاحد الابوين ، ولا الى دور الوصي في حالة وفاة كلا الابوين او احدهما.
وبالجملة فان رأي نظرية الصراع المتعلق بالفكرة القائلة بأن الزواج يمثل نموذجاً للعداوات التي ظهرت في التاريخ لا يعكس الواقع الحقيقي للنظام الاسري الانساني ، بل يمثل جزءاً من واقع النظام الاسري الاوروبي في القرون الماضية وامتداده الى القرن الحالي . بل ان نظرية الصراع لم تقدم حلاً للمشكلة الاسرية ؛ انما كان من اهداف روادها بالاصل ، ربط المشكلة الاسرية بمظالم النظام الرأسمالي ضد الطبقة العاملة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق