مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات تأمل من زوارها الكرام المشاركة في الاستطلاعات التي تجريها بفعالية نظرا لفائدتها العالية
مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات هي شركة تضامن لبنانية مسجلة تحت الرقم 489 تتنشط في مجال الدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية والتربوية والاجتماعية والادارية والثقافية والتنمية والارشاد الاسري والاجتماعي ، واصدار المنشورات المتخصصة ، وتقديم الاستشارات في المجالات المذكورة وتوقيع الاتفاقيات مع الجامعات والمؤسسات والشركات الوطنية والعالمية على انواعها والقيام بالاستطلاعات والابحاث العلمية والدراسات المتخصصة في لبنان والخارج - نتمنى لكم زيارة ممتعة

07‏/12‏/2010

الهيئة الخارجية للإنسان: الانطباع وردة الفعل

عند بداية تشكيل الوعي للطفل، تُطبع على ما يُعرف بنتوءات المعرفة(كما تسميها كروبسكايا) نماذج للأشياء لتكون قاعدة للقياس عليها للتعرف على الأشياء المشابهة، فإن كان هناك نموذج واحد للشيء، كالنجوم مثلاً، أو الماء فإنه نادراً ما يجري على النموذج الأساس تعديلٌ ما. وفي حالة الحيوانات الأليفة، فإن نموذج الخروف أو الحصان يكون هو ذلك الصنف من الخراف أو الخيول الموجودة في المنطقة، فإن كانت الخراف بإلية كما هي في بلاد الشام، فإن رؤية خروف بذيل كالخروف السوداني أو الإفريقي، تحتاج الى إضافة جديدة للنموذج الأساس في تشكيل الوعي أو رسم الصورة الأساس. 
في المجتمعات القديمة، كان نموذج الإنسان (الأساس) بلون شعره ولون بشرته ولون عيونه، وملابسه، هو ذلك النموذج الذي تعرف عليه الفرد في مراحل نموه المختلفة، وتكون تلك النماذج عند المجتمعات المعزولة أو البدوية محددة بشكل شبه ثابت، وفي الأرياف قد يُزاد عليها بالقدر الذي يتعرف المجتمع على أنماط من الملابس وهيئات الشكل الخارجي. 
في المدن العربية بخمسينات وستينات القرن الماضي، كان ممكن للمجتمع أن يلتقي بنماذج للهيئات الخارجية للإنسان، مختلفة عما هي موجودة في البادية والأرياف، فقد يمشي في الشارع من يضع قبعة على رأسه أو يلبس قفطانا عربيا، أو بنطالا وسترة وهو مكشوف الرأس. لكن ذلك في الأرياف يكون موضعا للدهشة فيما لو نزع أحد الشباب غطاء رأسه أو غير ملابسه من العربية المعروفة الى تلك التي انتشرت فيما بعد. 
التغير السريع في الهيئات 
بعد انتشار التعليم وزيادة فرص الاطلاع على هيئات الشعوب المجاورة من خلال السفر وأجهزة الإعلام المختلفة، تجرأ الكثير من الناس (ذكوراً وإناثاً) لتجريب أشكال مختلفة من الملابس و(قصات) الشعر وغيرها، ولم يعد هذا التجريب مثاراً للجدل والانتقاد كما كان سابقاً. 
ومع ذلك، فإن الانطباع العام للتصرف مع تلك الهيئات، سواء في التقييم الخفي للشخص بهيئته، أو حتى المراهنة على إمكانيات ذلك الشخص، بقي يمثل محركاً في شكل التعامل العام والتفصيلي معه. 
ولا يقتصر تكوين الانطباع على سلوكنا نحن في منطقتنا، بل أن ذلك يعم وينتشر في مختلف أنحاء العالم. وقد يكون لذلك الانطباع الأثر الأكبر في استغفال أشخاص دون غيرهم. ففي بريطانيا مثلاً في عام 1980، كان التجار في الأسواق الشعبية من مدينة لندن (أَلد جيت) يستغفلون العرب الذين يلبسون الأزياء العربية التقليدية برفقة نسائهم اللواتي يضعن البرقع، فيبيعونهم السلع بأضعاف أسعار ما يبيعونها لغيرهم. فهيئة العربي ومن يرافقه من النساء، كانت تشكل ما يشبه (الأيقونة) في جهاز الكمبيوتر، فهي تدلل على أنه (غشيم) (غني) (مفجوع) بما سيلقاه عند الغرب، استغفاله حلال، لأنه لا يحسن التصرف بأمواله!
بالمقابل، فإن هيئة الأوروبي أو الغربي الذي يأتي لبلادنا كسائح، تدفع أبناء منطقتنا للتعامل معه، وكأنه مسحور ببلادنا وشمسها وآثارها، فهو يدخر الأموال ليصرفها على أي شيء، ( باعتبار السياحة فِسق من عمل الشيطان)، فيتبعه الأولاد علهم يحظون بشيء من عطاياه، ويبتسم له التجار ليقدموا له عملا يدويا غير متقن كثيراً واضعين له سعراً يفوق مئات المرات كلفته الحقيقية. 
لقد تغيرت الأمور كثيراً في السنوات الأخيرة، فيعلم سكان المغرب مثلاً، أن الأوروبيين لم يعودوا يدفعوا (بخشيش) وأنهم يفاصلوا بالأسعار كيهودٍ محترفين. وهذا يلمسه من يذهب بسياحة لتركيا، فإن الأتراك يقبلون على كرم السائح العربي أكثر من مفاوضاتهم لسائحٍ ألماني أو بلغاري. 
عولمة الأزياء والهيئات 
قبل عدة سنوات، عندما كان أحدنا يتابع عملاً تلفزيونياً أجنبياً، فإنه إذا وقعت عيناه على شابٍ وضع (قرطاً) في أذنه، فإن أقل وصف يمكن أن يوصفه به، أنه (مخنث)، وإذا وقعت عيناه على فتاةٍ حشرت جسمها في ملابس ضيقة، فإن استلطافه لهيئتها سيرافقها دعوات أن لا تستشري تلك الملابس لتصل الى داخل بيته وبيئته. 
اليوم، قد يصطف أحدنا في صلاة الجمعة، ويقف أمامه من يضع علامة نادي (برشلونة) على قميصه، أو اسم شركة غير معروفة، وقد تبطل صلاته وهو يتتبع الأحرف والرسوم المكتوبة على قميصه. 
كما أنه من الممكن جداً أن يقف شعر أحد المهتمين بالهيئة المحافظة، عند رؤيته لشعر شابٍ قصه كقصة (المارينز) الأمريكي، أو أوقفه بمادة (الجل) ليبدو كنموذج لدعاية أوروبية لا يعرف مغزاها!
وقد تغزو تلك المظاهر حتى أكثر المواقع دقة، فقد تراجع دائرة للمخابرات، ويفاجئك شابٌ وهو يمضغ العلكة بالقول (Just minute please)، فتذهب الرهبة السابقة من نفسك، وتنسى عبارات سابقة مع (خزرة العين الحمرا) (انجب وانلخم)! 
ما وراء كل ذلك؟
المصلح السياسي كالمصلح الاجتماعي، يكتشف ما سيكتشفه مجتمعه، ولكن بوقت مبكر. وخبراء الموضة وقصة الشعر، هم كذلك مصلحون أو (مخربون) لا فرق، يعلمون نوازع البشر، فمن حولهم يحس بانعدام الوزن والضياع، فهم يبحثون عن نماذج تقربهم (زلفى) من صورة مجتمع يحلمون أن يصبحوا أعضاء فيه، طالما أن مجتمعهم لم يُؤَمِّن لهم الافتخار بالانتساب إليه.
abuiyad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق