يبدأ التبادل الإجتماعي عند هونمز من تفاعل الأفراد التقابلي ( وجهاً لوجه) عاكساً الأوجه النفسية والإقتصادية والإجتماعية لتكون قاعدة لعملية التبادل فيما بعد بين المتفاعلين قوامها أهداف وغايات اجتماعية كالسمعة والأعتبار والأحترام والتقدير والنفوذ الإجتماعي وليس المنفعة المادية الصرفة لأنها ليست دائماً هدف التبادل الإجتماعي ولان الفرد داخل جماعته يشترك في عدة عمليات تبادلية مستمرة تستهدف القبول الإجتماعي من قبل أعضاء جماعته واحترامهم له الذي يزيد من اعتباره الإجتماعي ومكانته الإجتماعية وبدوره يكثف من تماثله الإجتماعي لقواعد جماعته.
يعد هونمز هذا القبول والإحترام والتماثل الإجتماعي مكافأة اجتماعية للفرد داخل جماعته.
فالجماعة الإجتماعية تتألف من ثلاثة أنواع رئيسية من المواقع الإجتماعية هي- عليا، وسطى، دنيا، فالأفراد الذين يشغلون مواقع تدرجية عليا يحصلون على مكافآت اجتماعية كثيرة بسبب تماثلهم مع قيم وأهداف، جماعتهم، إذ كلما أدرك شاغلو هذا الموقع ( العالي) أهمية المكافآت الإجتماعية التي سوف يحصلون عليها زادوا من منشاطهم الإجتماعية داخل جماعتهم، أي أنه كلما كان الموقع الذي يشغله الفرد عالي كلما زادت المكافآت الإجتماعية التي يحصل عليها.
أما الأفراد الذين يشغلون مواقع وسطى، فتكون اراؤهم وأحكامهم مختلفة عن شاغلي هذين الموقعين ( العالي والواطيء) وحتى إذا كانت آراؤهم ومعتقداتهم وأحكامهم على صواب فإن ذلك لا يدفعهم إلى الحصول على مواقع عالية، بيد أنهم يحصلون على سمعة إجتماعية عالية، وهذا يعني أنهم لا يتمتعون بموقع إجتماعي حيوي ونشط وفعال ومتميز ومسموع داخل جماعتهم.
لذا وجدهم هومنز ميالين إلى النحافظة على موقعهم ( الوسطي)، أما إذا أتفق اصحاب المواقع الوسطى والدنيا في أرائهم وأحكامهم فإن ذلك لا يشير إلا إلى تماثلهم لأهداف الجماعة لا غير.
لكن عندما يكون أصحاب المواقع الدنيا على خطأ وبقية أفراد الجماعة على صواب فأنهم لا يخسرون شيئاً طالما ليس لديهم ما يفقدونه أكثر مما هم فاقدون لكنهم يحصلون على بعض الإحترام الشخصي من خلال احترامهم لأهداف الجماعة التي ينتمون إليها.
لكن إذا كانوا على صواب فإنهم لا يحصلون على إعتبار إجتماعي عال، بيد أن تماثلهم لأهداف الجماعة يؤدي إلى فقدان استقلالهم الشخصي والإعتزاز برأيهم الخاص.
ثم يدلف هومنز نحو مدار المجتمع ليطبق تنظيره عليه بعد أن طبقه على الجماعة الصغيرة، فيقول " كلما زاد الفرد من نشاطاته الإجتماعية ( داخل المجتمع) زادت مكافآته الإجتماعية وبالتالي تزداد نسبة نشاطاته الناجحة المؤهلة للمكافئآت، ففي المجتمع الصناعي تزداد مناشط الفرد الإجتماعية وتقل في المجتمع الزراعي، لذلك يرى هومنز أن الرجل الصناعي تزداد مكانته وسمعته الإجتماعية من خلال ثروته ومساعديه في مكتبه وأعتبر هومنز هذا كمكافأة إجتماعية لنشاط الرجل الصناعي التي تعمل على زيادة مكانته وسمعته الإجتماعية في المجتمع.
قدم (هومنز) الأسس والقواعد التنظيرية في التبادل الإجتماعي وهي:
1- أن ما هو مكلف بالنسبة لفرد معين قد لا يكون ذلك بالنسبة للفرد الآخر المشترك معه في علاقة تبادلية.
2- ان ما هو غير مكلف لفرد معين قد لا يكون ذلك بالنسبة للفدر الأخر المشترك معه في علاقة تبادلية.
3- إن ما هو نافع لفرد معين قد يكون غير ذلك لفرد آخر مشترك معه في علاقة تبادلية.
4- إن ما هو غير نافع لفرد معين قد يكون نافعاً لفدر آخر مشترك معه في علاقة تبادلية.
5- قد يكون النشاط المتبادل ذا كلفة ومنفعة عاليتين لفرد معين، بينما يكون أقل من ذلك بالنسبة لفرد آخر يشترك معه في علاقة تبادلية.
6- قد يكون النشاط المتبادل ذا كلفة ومنفعة بسيطتين بالنسبة لفرد معين، بينما يكون أكثر من ذلك لفرد أخر مشترك معه في علاقة تبادلية.
7- قد يكون النشاط المتبادل ذا كلفة بسيطة إنما منفعته كبيرة بالنسبة لفرد معين، إنما يكون ذا كلفة عالية ومنفعة قليلة عند فرد أخر يشترك معه في علاقة تبادلية.
8- قد يكون النشاط المتبادل ذا كلفة كبيرة ومنفعة بسيطة بالنسبة لفرد معين، لكنه ذو كلفة أقل ومنفعة أكثر عند فرد وآخر مشترك معه في علاقة تبادلية.
ثم طرح هومنز بعض حالات العلاقة التبادلية وهي:
1- أن يقدم الفرد مكافأة من أجل الحصول على مكافأة بديلاً لها من قبل الطرف الأخر.
2- أو إذا قام بسلوك عدائي تجاه شخص معين، فإنه يحصل على مكافأة لقاء ذلك من قبل الطرف الآخر المشترك معه في علاقة تبادلية.
3- أو إذا قدم الفرد مكافأة لشخص معين، فإنه يحصل على سلوك عدائي لقاء ذلك من قبل الطرف الآخر المشترك معه في علاقة تبادلية.
4- وإذا قام فرد بسلوك عدائي لشخص معين، فإنه يحصل على سلوك عدائي بالمثل منه.
قدم هومنز الظروف التي تخضع لها العلاقة التبادلية وهي:
1- كمية المساعدة المقدمة من قبل الطرف الأول ( في العلاقة التبادلية) للطرف الثاني خلال فترة زمنية محددة.
2- كمية النشاطات البديلة التي يمنحها الآخرون للأشخاص المشتركين في العلاقة التبادلية.
3- درجة القبول الإجتماعي الذي يحصل عليه الفرد خلال تبادله مع الآخر.
4- قيمة القبول الإجتماعي الذي يحصل عليه الفرد خلال تبادله مع الآخر.
5- قيمة المناشط البديلة المستلمة خلال العلاقة المتبادلة.
علاوة على ما تقدم يضيف هومنز فيقول أن محفزات السلوك الإنساني هي درجة وقمية وكمية المكافآت والعقوبة التي سوف يحصل عليها الفرد لقاء قيامه بها أو عدم ذلك. إذا كلما زادت قيمة مكافأة في تقييم الفرد زاد من نشاطه من أجل أن يحصل على مكافأة والعكس صحيح. لكن إذا كرر الفرد نفس السلوك في فترة زمنية أخرى فإن قيمة مكافأة لا تكون عالية في تقييمه لأنه سبق وأن حصل عليها حتى قوة جاذبيتها للفرد فيمارس ذلك السلوك. إضافة إلى ذلك فإن قيمة مكافأة لا تبقي محافظة على درجتها وكميتها على مر الزمن إذ قد تزداد أو تقل وهذا بدوره يؤثر على جذب الفرد لممارسة سلوك معين.
ولأن الفرد في علاقاته التبادلية فإنه يقوم بنشاط معين لكي يحصل على إعتراف أو إعجاب أو قبول أو نفوذ إجتماعي.
فالقبول الإجتماعي يلعب دوراً مهماً في تبادل التفاعلات والعلاقات كما تفعل النقود في عملية التبادل التجاري لكن وجه الإختلاف بينهما هو أن الفرد في العلاقات الإجتماعية لا يستطيع إستخدام الإعتراف الإجتماعي كوسيلة للحصول على منافع أخرى في عمل آخر في أفراد أخرين كما تفعله النقود في المبادلة التجارية .
ميز هومنز بين نوعين من الإستجابة عند الفرد للمكافأة، ففي الحالات الإعتيادية يميل الفرد الذي استلم مكافأة إلى الفرد الذي قدم له أو منحه المكافأة إذ تتقارب وجهات نظرهما.
أما إذا حصلت عقوبات، أي أن أحد الأفراد قام بفرض عقوبة على آخر فإن ذلك يؤدي إلى عدم توازن واستقرار العلاقة التبادلية بينهما حيث تحصل مواقف الإبتعاد أو الهروب المؤقت بسبب حدوث الخسارة وهذا بدوره يؤدي بعدئذ إلى تبادل العداء بين الفردين المشتركين في العلاقة التبادلية التي قد تصل إلى علاقة صراعية بدلاً من تبادل المكافآت بشكل سليم وفي هذه الحالة لا يجنيان شيئاً من علاقتهما بل يكون أحدهما رابحاً والثاني خاسراً وهذه علاقة غير متكافئة إذ عندما يقول أحدهما للآخر إذا لم تعمل هذا العمل فسوف تدفع ثمنه. أي ستحصل على عقوبة جزاءً إلى عدم تأديتك لذلك أو لهروبك منه.
بالإضافة إلى ذلك فإن معرفة المكافأة أو العقوبة من قبل أحدهما يؤدي إلى معرفة كلفة التبادل الذي يعتمد على مفهوم البدائل الموجودة فعلاً أمام الفرد الأول. فترك البديل الأول يدفعه إلى الحصول على البديل الثاني وهذا يخضع لعامل الكلفة. إذ كلما كانت عالية بالنسبة للفرد ضعف ميله لممارسته أو أمتنع عن أدائه. علاوة على ما سبق فإن المنفعة المتأتية من العلاقة التبادلية تتأثر بقيمة المكافأة وكلفة النشاط المراد قيامه، فقد تكون قيمة المكافأة عالية بالنسبة للفرد ما بسبب صعوبة قيامه بالنشاط المراد عندئذ يمتنع عن التبادل مع الفرد الآخر.
أما إذا كان العلاقة عكس ذلك، أي إذا كانت قيمة المكافأة أقل من كلفة النشاط الذي يجب أن يقوم به الفرد، فإن ذلك يدفعه للقيام بعلاقة تبادلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق