مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات تأمل من زوارها الكرام المشاركة في الاستطلاعات التي تجريها بفعالية نظرا لفائدتها العالية
مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات هي شركة تضامن لبنانية مسجلة تحت الرقم 489 تتنشط في مجال الدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية والتربوية والاجتماعية والادارية والثقافية والتنمية والارشاد الاسري والاجتماعي ، واصدار المنشورات المتخصصة ، وتقديم الاستشارات في المجالات المذكورة وتوقيع الاتفاقيات مع الجامعات والمؤسسات والشركات الوطنية والعالمية على انواعها والقيام بالاستطلاعات والابحاث العلمية والدراسات المتخصصة في لبنان والخارج - نتمنى لكم زيارة ممتعة

07‏/12‏/2010

البحث العلمي في علم الاجتماع



مقدمة
يحتل البحث العلمي في الوقت الراهن، مكاناً بارزاً في تقدم النهضة العلمية حيث تعتبر المؤسسات الأكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي ،بما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي وتنشيطه وإثارة الحوافز العلمية لدى الطالب والدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمة على أكمل وجه.
- حيث تعمل الجامعات على إظهار قدرة الطلاب في البحث العلمي عن طريق جمع وتقويم المعلومات وعرضها بطريقة علمية سليمة في إطار واضح المعالم، يبرهن على قدرة الطالب على إتباع الأساليب الصحيحة للبحث وإصدار الأحكام النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي ونضجه الفكري التي تمثل الميزة الأساسية للدراسة الأكاديمية.
يفترض في كل دراسة ذات توجيه أكاديمي الإلمام بالإطار المنهجي والقدرة الكبيرة على احتواء الظاهرة محل الدراسة ، ومحل التحليل والمعاينة العلمية الدقيقة ، وذلك بغرض الوصول إلى نتائج تقترب من الحقيقة المطلقة أو شبه المطلقة ، تلك النتائج التي تعتبر الخلاصة التنفيذية لأي بحث ، والتي تتبع مراحله خطوة بخطوة ، باتساق يضمه الرابط العضوي بين كل منها ، وفي إطار المنهج الذي هو ملكة الإحاطة والتمكن من الدرس يتولد المصطلح الحاضن للظاهرة ، وسيبقى على حالة من الارتياب مالم يضبطه النقد حين يشك في ماهيته ووجوده ويعقد مقارنة بينه وبين غيره ، حتى يسلبه المشوبات التي تكتنفه ، ويتم ضبطه ضبطا صحيحا .
قد يتعدد المنهج لأن زوايا التناول تختلف ، كما أن الرؤية ليست واحدة في جميع الحالات ، والصلة بين زاوية التناول أو الرؤية من جهة ، والمنهج من جهة أخرى تشكل جدلا كبيرا ، ذلك أن الاتفاق ينبغي أن يحصل بينهما ، فيتحدد المنهج بتحدد الرؤية ، وإذا كان الرابط بينهما هو الظاهرة المدروسة ، فإنها سابقة بالضرورة في زاوية التناول وشكله ، لاحقة بالضرورة في المنهج ، على اعتبار أن تحديد شكل التناول والرؤية يتعمق من خلال المقاربة المستمرة والدرس الطويل ، فيتضح التصور العام الذي يخول إستيعاب 
الظاهرة ، هذا الاستيعاب الذي يظل مرهونا بخطوة أخرى مكملة هي اختيار مايوافقه ويلائمه من المناهج .
وفي آخر هذه الجولة التي تستنطق مستويين من النظرية والإجراء ، لابد من تحصيل الفائدة الموثقة التي تكون عبر كتابة التقرير النهائي للبحث ، وفي هذا الجانب كانت خاتمة بحثنا الذي أراد أن يوجه إلى هذه الخطوة بوصفها الواجهة التي تظهر تكوين شخصية الباحث ، ولكونها تشكل خلاصة الجهد الذي يقوم به انطلاقا من تصور عام ، هو المنهج المتبع ، والأدوات اللازمة للبحث ، وتصور خاص يمثل العلامة الفارقة التي يمكن أن يضيفها للبحث العلمي .
تعريف البحث العلمي في علم الاجتماع
هو عملية فكرية منظمة يقوم بها شخص يسمى (الباحث) ، من أجل تقصي الحقائق في شأن مسألة أو مشكلة معينة تسمى (موضوع البحث) ، بإتباع طريقة علمية منظمة تسمى (منهج البحث) ، بغية الوصول إلى حلول ملائمة للعلاج أو إلى نتائج صالحة للتعميم على المشاكل المماثلة تسمى (نتائج البحث) . 
البحث العلمي هو الطريقة الوحيدة للمعرفة حول العالم 
البحث العلمي هو البحث لفهم حقيقة واقعية بعبارات القوانين والمبادئ العامة.
البحث العلمي الاجتماعي ذو طبيعة متماسكة، تتصل فيه المقدمات بالنتائج، كما ترتبط فيه النتائج بالمقدمات، لذا فإن من الضروري أن يقوم الباحث منذ اختياره للمشكلة بوضع تصميم منهجي دقيق لكافة الخطوات التي يشتمل عليها البحث.
البحث العلمي في علم الاجتماع من حيث الموضوع :
فمن حيث الموضوع يستلزم البحث وجود ظاهرة أو مشكلة معينة تتحدى تفكير الباحث و تدفعه إلى محاولة الكشف عن جوانبها الغامضة. ومن الممكن أن تكون الظاهرة المدروسة ظاهرة سوية أو ظاهرة مرضية، كدراسة نظام الزواج في المجتمعات الريفية أو الحضرية، أو مشكلة الطلاق، أو جناح الأحداث، أو البطالة بين المتعلمين.
ومن الضروري أن يتجه البحث إلى تحقيق أهداف عامة وغير شخصية. صحيح أن كل بحث يبدأ بشعور الباحث بمشكلة معينة، غير أن من الضروري أن تكون المشكلة ذات قيمة علمية، أو دلالة اجتماعية عامة. ومن حيث المنهج يستلزم كل بحث استخدام المنهج العلمي في الدراسة، و يتطلب ذلك إتباع خطوات المنهج العلمي، و الالتزام بالحياد و الموضوعية، والاستعانة بالأدوات والمقاييس التي تعين على دقة النتائج، و الاقتصار على دراسة الوقائع المحسوسة بالصورة التي توجد عليها لا كما ينبغي أن تكون. و يترتب على استخدام المنهج العلمي أن نتائج البحث تكون قابلة للاختيار والتحقق بحيث اختار باحث آخر نفس المشكلة، واتبع نفس الخطوات، واستخدم نفس المناهج والأدوات التي استخدمت في البحث أمكنه أن يحصل على نفس النتائج.
البحث العلمي في علم الاجتماع من حيث الهدف :
أما من حيث الهدف فإن البحث يهدف إلى تقديم إضافة جديدة، وهذه الإضافات تختلف من بحث إلى آخر. فقد يسعى باحث وراء حقيقة علمية جديدة لم يسبقه إليها أحد، في الوقت الذي يسعى فيه باحث آخر إلى التحقق من صدق بعض النتائج التي توصل إليها غيره من الباحثين.
و ليس من الضروري في كل بحث أن يوفق الباحث في الوصول إلى الحقيقة فقد يضع فروضاً معينة يحاول التحقق من صحتها ثم يثبت له بطلانها و ليس في ذلك ما يقلل من قيمة البحث، فالعلم يستفيد من الفروض الصحيحة والفروض الغير صحيحة، وكلما أثبت البحث خطأ فرض من الفروض، كلما اقترب الباحثون من الحقيقة.
و يعرف البحث العلمي في علم الاجتماع على أنه وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة, وذلك عن طريق الاستقصاء الشامل و الدقيق لجميع الشواهد و الأدلة التي يمكن التحقق منها, والتي تتصل بهذه المشكلة المحددة. من الممكن تعريف البحث بأنه ( الدراسة العلمية المنظمة لظاهرة معينة باستخدام المنهج العلمي للوصول إلى حقائق يمكن توصيلها و التحقق من صحتها ).
أهمية البحث العلمي في علم الاجتماع:
يعيش العالم اليوم في حالة سباق محموم لاكتساب أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من العلوم التي تقود إلى التقدم والرقي والازدهار،فالمعرفة العلمية-بلا شك-تمثل مفتاحاً للنجاح والتطور نحو الأفضل،حيث تعتبر المعرفة ضرورية للإنسان،لأن معرفة الحقائق تساعده على فهم المسائل والقضايا التي تواجه في حياته العملية،إذ بفضل المعلومات التي يحصل عليها الإنسان يستطيع أن يتعلم كيف يتخطى العقبات التي تحول دون بلوغه الأهداف المنشودة،ويعرف كيف يسطر الاستراتيجيات التي تتيح له القدرة على تدارك الأخطاء واتخاذ إجراءات جديدة تمكنه من تحقيق أمانيه في الحياة،وهو يستطيع غير ذلك أن يحقق ما يرغب فيه مستعيناً بذكائه ومعرفته للكشف على العديد من الظواهر التي يجهلها.
ويحتل البحث العلمي الإجتماعي في الوهن الراهن،مكاناً بارزاً في تقدم النهضة العلمية وتطورها،من خلال مساهمة الباحثين بإضافتهم المبتكرة في رصيد المعرفة الإنسانية،حيث تعتبر المؤسسات الأكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا النشاط الاجتماعي ،بما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي الاجتماعي وتنشيطه وإثارة الحوافز العلمية لدى الطالب والدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمة على أكمل وجه.
ونظراً لأن البحث العلمي في علم الاجتماع يعد من أهم وأعقد أوجه النشاط الفكري،فإن الجامعات تبذل جهوداً جبارة في تدريب الطلاب على إتقانه أثناء دراستهم الجامعية لتمكنهم من اكتساب مهارات بحثية تجعلهم قادرين على إضافة معرفة جديدة إلى رصيد الفكر الإنساني،كما تعمل الجامعات على إظهار قدرة الطلاب في البحث العلمي عن طريق جمع وتقويم المعلومات وعرضها بطريقة علمية سليمة في إطار واضح المعالم،يبرهن على قدرة الطالب على إتباع الأساليب الصحيحة للبحث وإصدار الأحكام النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي ونضجه الفكري التي تمثل الميزة الأساسية للدراسة الأكاديمية.
أهداف البحث العلمي :
يهدف البحث العلمي الاجتماعي إلى:
1. البحث عن المعلومات والحقائق ومن ثم اكتشافها.
2. إيجاد معرفة وتكنولوجيا جديدة.
3. استنباط مفاهيم ونظريات جديدة لدراسة الظواهر المختلفة.
وكماأصبحت الحاجة إلى البحث العلمي الاجتماعي في وقتنا الحاضر أشد منها في أي وقت مضى، حيث أصبح العالم في سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المثمرة التي تكفل الراحة والرفاهية للإنسان وتضمن له التفوق على غيره.
وبعد أن أدركت الدولُ المتقدمة أهمية البحث العلمي الاجتماعي وعظم الدور الذي يؤديه في التقدم والتنمية.. أولته الكثير من الاهتمام وقدَّمت له كل ما يحتاجه من متطلبات سواء كانت مادية أو معنوية، حيث إن البحث العلمي يُعتبر الدعامة الأساسية للاقتصاد والتطور.
والبحث العلمي في علم الاجتماع يُعد ركناً أساسياً من أركان المعرفة الإنسانية في ميادينها كافة كما يُعد أيضاً السمة البارزة للعصر الحديث, فأهمية البحث العلمي ترجع إلى أن الأمم أدركت أن عظمتها وتفوقها يرجعان إلى قدرات أبنائها العلمية والفكرية والسلوكية. 
ومع أن البحوث تحتاج إلى وسائل كثيرة معقدة وتغطي أكثر من مجال علمي وتتطلب الأموال الطائلة، إلا أن الدول المدركة لقيمة البحث العلمي ترفض أي تقصير نحوه، لأنها تعتبر البحوث العلمية دعائم أساسية لنموها وتطورها. 
وأيضاً فإن الإلمام بمناهج البحث العلمي وإجراءاته أصبح من الأمور الضرورية لأي حقل من حقول المعرفة، بدءاً من تحديد مشكلة البحث ووصفها بشكل إجرائي واختيار منهج وأسلوب جمع المعلومات وتحليلها واستخلاص النتائج.. وتزداد أهمية البحث العلمي بازدياد اعتماد الدول عليه، ولا سيما المتقدمة منها لمدى إدراكها لأهميته في استمرار تقدمها وتطورها، وبالتالي تحقيق رفاهية شعوبها والمحافظة على مكانتها. فالبحث العلمي يساعد على إضافة المعلومات الجديدة ويساعد على إجراء التعديلات الجديدة للمعلومات السابقة بهدف استمرار تطورها (1) 
ويفيد البحث العلمي في تصحيح بعض المعلومات عن المجتمع الذي نعيش فيه وعن الظواهر التي نحياها وعن الأماكن الهامة والشخصيات وغيرها, ويفيد أيضاً في التغلب على الصعوبات التي قد نواجهها سواء كانت سياسية أو بيئية أو اقتصادية أو اجتماعية وغير ذلك (2)
كما يفيد البحث العلمي الإنسان في تقصي الحقائق التي يستفيد منها في التغلب على بعض مشاكله، كالأمراض والأوبئة، أو في معرفة الأماكن الأثرية، أو الشخصيات التاريخية، أو في التفسير النقدي للآراء والمذاهب والأفكار, وفي حل المشاكل الاقتصادية والصحية والتعليمية والتربوية والسياسية وغيرها, ويفيد في تفسير الظواهر الطبيعية والتنبؤ بها عن طريق الوصول إلى تعميمات وقوانين عامة كلية. 
البحث العلمي وتأثيره على الإنسان :
يمكن القول: إنه في وقتنا الحاضر أصبح البحث العلمي واحداً من المجالات الهامة التي تجعل الدول تتطور بسرعة هائلة وتتغلب على كل المشكلات التي تواجهها بطرق علمية ومرجع ذلك أن تأثير البحث العلمي في حياة الإنسان ينبع من مصدرين هما: 
الأول: يتمثل في الانتفاع بفوائد تطبيقية.. حيث تقوم الجهات المسؤولة بتطبيق هذه الفوائد التي نجمت عن الأبحاث التي تم حفظها باستخدام المدونات وتسهيل نشرها بالطبع والتوزيع وطرق المخاطبات السريعة التي قضت على الحدود الجغرافية والحدود السياسية. 
الثاني: يتمثَّل في الأسلوب العلمي في البحث الذي يبنى عليه جميع المكتشفات والمخترعات.. هذا الأسلوب الذي يتوخى الحقيقة في ميدان التجربة والمشاهدة ولا يكتفي باستنباطها من التأمل في النفس أو باستنباطها من أقوال الفلاسفة (3)
وتتجلى أهمية البحث العلمي أكثر وأكثر في هذا العصر المتسارع.. الذي يُرفع فيه شعار البقاء للأقوى.. والبقاء للأصلح! إذ أصبح محرك النظام العالمي الجديد هو البحث العلمي والتطوير..! 
ولم يعد البحث العلمي رفاهية أكاديمية تمارسه مجموعة من الباحثين القابعين في أبراج عاجية! حيث يؤكد (بكر،1417هـ) (على أهمية البحث العلمي والدور الفعّال الذي يلعبه في تطوير المجتمعات الإنسانية المعاصرة على اختلاف مواقعها في سلم التقدم الحضاري، ولا يختلف اثنان في أهميته لفتح مجالات الإبداع والتميز لدى أفراد وشعوب هذه المجتمعات، وتزويدها بإمكانية امتلاك أسباب النماء على أسس قويمة(4). 
والحق أن البحث العلمي يسهم في العملية التجديدية التي تمارسها الأمم والحضارات لتحقيق واقع عملي يحقق سعادتها ورفاهيتها، فهو أي البحث العلمي يعمل على (إحياء المواضيع (والأفكار) القديمة وتحقيقها تحقيقاً علمياً دقيقاً، وبالتالي تطويرها للوصول إلى اكتشافات جديدة.. واجتماعياً، يسمح البحث العلمي بفهم جديد للماضي في سبيل انطلاقة جديدة للحاضر ورؤية استشرافية للمستقبل(5).. وهكذا البحث العلمي يناطح الماء والهواء في أهميته للحياة الإنسانية! 
صعوبات البحث في العلوم الاجتماعية : 
تحديد مفهوم صعوبة البحث : 
تعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات البحث لأنها تؤثر في جميع الخطوات التي تليها، ويمكن تحديد مفهومها بأنها: عبارة عن موقف غامض، أو موقف يعتريه الشك، أو ظاهرة تحتاج إلى تفسير، أو هي قضية تم الاختلاف حولها، وتباينت وجهات النظر بشأنها، ويقتضي إجراء عملية البحث في جوهرها، أو هي كل قضية ممكن إدراكها أو ملاحظتها ويحيط بها شيء من الغموض، ومع محاولات تبسيط مفهوم المشكلة، وتحديده يمكن القول أنها "حاجة لم تشبع أو وجود عقبة أمام إشباع حاجتنا، أو هي سؤالاً محيراً أو رغبة في الوصول إلى حل الغموض أو إشباع النقص". أو هي طريقة السلوك التي تمثل تعدياً على كل أو بعض المعايير والقيم الاجتماعية. فإنه لابد من الإقرار بأن الإشكالية البحثية ليست بهذه البساطة، لأنها تمثل إشكالية معرفية، وموضوعها هو العلاقات بين الأحداث، تلك التي تظهر في صيغة انحرافات اجتماعية.
تحديد مفهوم المشكلة في نظر الباحثين :
في كتاب له بعنوان عالم بلا فاقة world without want يقول باول هوفمان مخاطبا قارئ الكتاب: "أنا وأنت عضوان من أفراد الأقلية المتمتعة بالامتيازات . وكوننا نستطيع القراءة، يجعلنا عضوين في هذه الأقلية. وإذا استطاع كل فرد في العالم ـ قادر على ذلك ـ أن يقرأ هذا الكتاب، لظللنا جميعا أقلية." (7) 
أقول هذا لأشير إلى أمرين اثنين، الأول هو الظروف المأساوية التي تعيشها بلداننا النامية، والثاني هو مسؤوليتنا كمثقفين حيال هذه البلدان. 
ويبدو لي أن العمل بوصية سقراط الشهيرة "اعرف نفسك!" ربما يكون هو أول ما نحتاج إليه في هذا المقام، ذلك أن معرفتنا بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي الفعلي لمجتمعاتنا، وأيضا لموقع هذه المجتمعات على خارطة التطور البشري، يعتبر شرطا لازما لكل من تشخيص المرض، ووصف العلاج الناجع له في آن واحد. وإذا ما استبعدنا التفسيرات العرقية العنصرية التي لا مكان لها في العلم، فإن تنفيذ وصية سقراط يقتضي القبول والعمل بوصية ابن رشد التي تنص على أنه "إذا تقرر أن الشرع قد أوجب النظر بالعقل في الموجودات واعتبارها، وكان الاعتبار ليس شيئا أكثر من: استنباط المجهول من المعلوم، واستخراجه منه، وهذا هو القياس، أو بالقياس، فواجب أن نجعل نظرنا في الموجودات بالقياس العقلي". (8)، والتي تنص أيضا على ضرورة "أن يستعين المتأخر بالمتقدم"، بما في ذلك الاستعانة بالغير "سواء أكان ذلك الغير مشاركا لنا أو غير مشارك في الملّة". (9) 
إن الترجمة المعاصرة لكلام ابن رشد، هي أن العلم والمنهج العلمي هما ممرنا الإجباري نحو التقدم. بيد أن هذا الممر الإجباري ليس طريقا معبدة، خالية من الشواكل / الإشكالات التي لابد من تشخيصها أولا وقبل كل شيء. 
1
إن التسليم بعلمية العلوم الاجتماعية، لا يلغي عمليا الإشكالية التي تنتصب أمام الباحث مثل أبي الهول، قائلة له "اكشف عن سرّي وإلاّ التهمت مذهبك" على حد تعبير بليخانوف (10)، ألا وهي إشكالية العلاقة بين الذات والموضوع، أو بتعبير آخر إشكالية الموضوعية Objektivismus في العلوم الاجتماعية والناجمة عن كون 
الباحث هو نفسه جزء من المشهد الاجتماعي الذي يقوم بدراسته، وبالتالي فإنه من الصعوبة بمكان، أن يكون المرء باحثا محايدا وبريئا، لأنه يمثل هنا كلا من الخصم والحكم في آن واحد وهو ما ترتب عليه: 
- انطباع العلوم الاجتماعية بالطابع الأيديولوجي،
- تباين انعكاس الواقع في الوعي تبعا لتبدل الزمان والمكان،
- التداخل البنيوي بين الذات والموضوع في الظاهرة الاجتماعية،
- الحاجة إلى إجراءات منهجية معينة لمعالجة هذه الإشكالية، والاقتراب - إن لم يكن الوصول - إلى النتيجة العلمية المطلوبة. 
لقد أحال أفلاطون ( 427 - 347 ق.م. ) عدم مطابقة الوعي للواقع (غياب الموضوعية)، إلى خلل يتمثل بـ: إمّا اضطراب في الحواس، أو اضطراب في العقل، وبينما يجد الخلل الأول علاجه عند الطبيب، يجد الخلل الثاني علاجه باتباع قواعد المنطق. 
ورأى الإمام الغزالي (ت 1111م) أن الأمر لا يتعلق بخلل منطقي، ولكن بدوافع نفسية سابقة على كل تدبير، كالحقد والطموح وحب التميز والميل إلى العيش الرغد، وبخواص عقلية كالبله والتكاسل، وأخيرا بغواية الشيطان 
أما ابن خلدون (ت 1406م )، فقد كان أكثر شمولية في رؤيته لما أسماه أسباب تطرق الكذب إلى الخبرالتاريخي (وهو ما يعادل غياب الموضوعية)، وقد حدد هذه الأسباب بـ: 
1 - التشيع للآراء والمذاهب، 
2 - الذهول عن المقاصد، 
3 - توهم الصدق، 
4 - الجهل بتطبيق الأحوال على الوقائع، 
5 - تقرب الناس لصاحب التجلّة بالثناء والمدح، 
6 - الجهل بطبائع الأحوال في العمران. 
وبدوره فإن فرنسيس بيكون (1516 - 1626) قد سلّم بإمكانية المرء الوصول إلى المعرفة الصحيحة، ولكن بشرط تطهير العقل من المفاهيم المسبقة والأحكام المبتسرة التي تهدده بشكل مستمر، والتي أطلق عليها صفة "الأوثان" وحددها بـ: 
1 - عادات العقل التي تميز الجنس البشري، 
2 - عادات العقل التي تميز شخصا بعينه، أو جماعة بعينها، 
3 - النقص وعدم الدقة في اللغة، 
وأخيرا، 4 - القبول الأعمى للآراء. 
أما كارل ماركس (1817 - 1883) فقد أعاد عدم توصل من سبقه من المفكرين الألمان إلى المعرفة العلمية إلى أنه "لم يخطر على بال أحد من هؤلاء الفلاسفة، أن يبحث في علاقة الفلسفة الألمانية بالواقع الألماني". ومن هنا
انطبعت كتاباتهم بالطابع الأيديولوجي ذي الوعي الزائف، وذلك بحكم ارتباط ذلك الوعي بالطبقة الحاكمة ومصالحها السائدة والمعممة. 
ووجد ماكس فيبر (1864 - 1920) العلة في غياب الموضوعية، بخضوع الباحثين لمنظومة القيم السائدة، ولذلك رفع شعار "التحرر من القيم". ومن الواضح هنا تأثر ماكس فيبر بنظرية الأوثان عند فرانسس بيكون التي سبق ذكرها. 
وقسم كارل مانهايم (1893 - 1947) الأيديولوجيا إلى عامة وخاصة، معتبرا أن كل شخص مسكون بجرثومة الأيديولوجيا، وبالتالي فهو - أي الشخص - يرى الظواهر من الزاوية التي يتيحها له موقعه الاجتماعي والطبقي. ورأى أن حل إشكالية الموضوعية في البحث السوسيولوجي يكمن في البحث عمّا أسماه "المثقف الحر" المتحرر من الانتماء الطبقي وبالتالي الأيديولوجي. والذي يمكنه أن يتحرك بكل حريةKlassenlose Schwebende Intelligenz وفي مختلف الاتجاهات. 
وعلى العكس من كارل مانهايم فإن انطوان غرامشي (1891 - 1937) علّق آماله في الموضوعية على المثقف العضوي Organische Intelligent الغارق حتى أذنيه في هموم وقضايا مجتمعه، والملتزم أساسا بقضية الطبقات والفئات المظلومة والمضطهدة. 
وإذا كانت إشكالية الموضوعية على هذا النحو المعقد، فما هو سبيل الباحث في العلوم الاجتماعية إذن للوصول إلى المعرفة العلمية؟ إن الكاتب يقترح على الباحث السوسيولوجي، التقيد بالقواعد المنهجية التالية التي يمكن أن تقربه كثيرا من جادة الموضوعية: 
1 - أن يتبع الباحث قواعد المنهج العلمي، ولاسيما الجدلي، في كل خطوات البحث المعروفة على المستويين النظري والتطبيقي، 
2 - أن يكون الباحث جزءا من ثقافة المجتمع الذي يبحثه، على قاعدة "أهل مكة أدرى بشعابها" وعارفا باللغة الشعبية الدّارجة، و بالرموز والإشارات المستخدمة في مجتمع المبحوثين، وكذلك بالقدرة على كشف كشف المسكوت عنه، وقراءة ماوراء كلمات المبحوث. 
3 - أن يتحلى الباحث باليقظة الوجدانية والالتزام الخلقي في سعيه لمعرفة الحقيقة حول موضوع بحثه. (11) 
4 - يقول برتراند رسل: "للعلم منذ أيام العرب وظيفتان: فهو أولا، يجعل في طوقنا أن نعلم الأشياء، وثانيا يجعل في مقدورنا أن نفعل الأشياء" (12)، ومن الطبيعي أن يتضمن هدف أي بحث سوسيولوجي هاتين الوظيفتين معا. 
5 - إن الخياط الماهر - كما يقولون - هو من يعيد القياس سبع مرات قبل أن يبدأ بالقص، وهو أمر ينطبق على 
الباحث الجاد، الذي عليه أن يضع ما يسمى بـ "لمشرع التصوري" للبحث، والمتضمن عادة على: تحديد المشكل والإشكالية، أهداف البحث، نوع الدراسة، المنهج الذي سيتبعه الباحث لتحقيق أغراض البحث المتضمنة في المشروع التصوري. 
6 - المزاوجة الخلاقة بين ثنائيات: النظرية - التجربة / الممارسة، الاستقراء - الاستنتاج، المنهج الكمي - المنهج الكيفي/ م الفهم وهي مزاوجة تقتضيها الطبيعة الخاصة بالظواهر الاجتماعية بالذات، حيث يتعايش فيه المجرد مع الملموس،والجوهر مع العرض وما يمكن قياسه مع ما لا يمكن قياسه. 
7 - الظواهر الاجتماعية، ظواهر معقدة، تنطوي على جوانب متعددة (نفسية، ثقافية، اقتصادية، سياسية، اجتماعية الخ) ولا بد لتغطية كل هذه الجوانب من استخدام أكثر من منهج واحد، وذلك باللجوء إلى ما يسمى بالبحث المتعدد الفروع. 
8 - لما كان التاريخ هو مخبر علم الاجتماع، فإن على الباحث أن يولي أهمية خاصة لتاريخ الظاهرة التي يدرسها: 
كيف ظهرت إلى الوجود؟ ومتى؟، كيف تطورت إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه إبان فترة البحث؟ وعلاقتها بالظواهر الأجتماعية والطبيعية ذات الصلة. 
9 - التحديد الدقيق لنوع الدراسة، والذي لا يعدو بنظرنا أن يكون أحد الأربعة التالية: 
- تحديد الصفات العامة للظاهرة عبر المنهج الاستطلاعي الوصفي، 
- الكشف عن العلاقة العلية بين المتغيرات Variablen. ذلك أن ظاهرة ما يمكن أن تكون سببا لأثر، أو أثرا لسبب، أو أثرا وسببا في آن واحد. 
- الكشف عن الأسباب المسؤولة عن وجود و/أو عن تحول، و/ أو عن اختفاء الظاهرة المعنية. 
- الكشف عن آراء ودوافع ومواقف الناس حيال قضايا اجتماعية بعينها. 
10 - تقديم حلول عملية لمشاكل واقعية، الأمر الذي يقتضي من الباحث: 
- أن ينطلق البحث من الواقع العياني الملموس، 
- أن يكون مستندا إلى الإرث النظري السابق، المتعلق بنفس موضوع البحث، 
- أن يكون موضوع البحث ينطوي على بعد إشكالي نظري أو عملي جوهري تجعله جديرا بالبحث، وهذا يعني حسب روبرت ميرتون الاّ تكون المشكلة التي يختارها الباحث من النوع الصغير والسطحي الذي لا طائل تحته، ولا من النوع الكبير المتضخم الذي يقع فوق قدرة الباحث أو الباحثين بل أن يكون من النوع المتوسط القابل للمعالجة والبحث. 
3
إذا كان هدف البحث / الدراسة هو الوقوف على العلاقة بين المتغيرات، أو الكشف عن الأسباب الكائنة وراء تكون وحركة الظاهرة موضوع البحث، فإن الباحث الجاد عادة ما يلجأ إلى وضع الفرضيات Hypothesen التي تكون
بمثابة الفانوس الذي ينير طريقه وجدير بالذكر هنا أن بعض العلماء يعترضون على اللجوء إلى هذه الفرضيات، التي من المفروض أن تكون فرضيات علمية معتبرين إياها استباقا لا مبرر له للنتائج الحقيقية التي من المفروض
أن يوصل إليها البحث، أي أنهم يعتبرون الفرضية نوعا من المصادرة على المطلوب. 
واقع الحال أن هذه الإشكالية تتقاطع مع إشكالية العلاقة بين الذات والموضوع التي سبقت الإشارة إليها، والتي أكدت الإبستمولوجيا الحديثة Epistemologie التداخل بين هذين العنصرين من عناصر الظاهرة الاجتماعية على ما ذكره جان بياجه سابقا. فالعلم لم يعد يمثل حقائق ناجزة، تكتشف مرة واحدة وإلى الأبد، إنه عملية بناء مستمرة، تستند من جملة ما تستند على أن ثمة نظاما وانسجاما في كافة أشكال الحركة، وإن هذا النظام مضطرد ولا يجمعه جامع مع العشوائية و/أو الإرادية، ولذلك فإن التنبؤ بما يمكن أن تؤول إليه الأمور أمر مشروع شريطة ألاّ يحل هذا التنبؤ (الفرضية) محل الحقيقة العلمية المؤكدة، التي لا يمكن الوصول إليها إلا عبر البحث / المنهج العلمي. إن الفرضية هي مجرد جواب افتراضي مسبق على تساؤلات البحث، وينبغي أن يكون هذا الجواب قابلاً للتكذيب - كما يقول كارل بوبر - إلى أن تتم المصادقة عليه بالبرهان وليس بالبيان أو بالعرفان. 
4
أما بالنسبة للمهام الملقاة على عاتق علم الاجتماع، فإن مفعول مقولة العام والخاص والوحيد الجدلية يتعدى تحديد موضوع العلم إلى تحديد منهجه ومهامه، وسوف نتوقف هنا أولا، عند مهام علم الاجتماع العام، وثانيا عند مهام علم الاجتماع في البلدان النامية التي ينتمي إليها وطننا العربي. 
إن المهام الأساسية لعلم الاجتماع العام - حسب رؤيتنا الخاصة - تتمثل بالآتي: 
- دراسة الاتجاه العام لعملية التطور الاجتماعي في هذا القرن (13)، ولاسيما قضايا التطور التكنولوجي ومستقبل الإنسان، ظاهرة الدول المتقدمة والدول ناقصة التطور: لماذا؟ وإلى متى؟ وإلى أين؟ وكيف؟ 
النظام العالمي الجديد بين صراع الحضارات وحوار وتعاون هذه الحضارات، الأبعاد السياسية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية للعولمة Globalisation، الديمقراطية بين الإنسان ذو البعد الواحد، والإنسان متعدد الأبعاد ( وهذا على سبيل المثال لا الحصر). 
- دراسة أشكال اضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان، ولاسيما اضطهاد القوي للضعيف، والغني للفقير، والمسلح للأعزل، والرجل للمرأة، والكبير للصغير، ومن يملك لمن لا يملك، والأكثرية للأقلية، والأقلية للأكثرية الخ. 
- دراسة التوزيع غير العادل للسلطة والثروة على المستوى العالمي، 
- الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التي ستترتب مستقبلا على تدمير البيئة الطبيعية، وعلى الارتفاع المتزايد لحرارة الكرة الأرضية، 
- ظاهرة التورم الحضري وتآكل الحياة الريفية، 
- رصد السيكولوجيا الشعبية، والرأي العام العالمي، فيما يخص قضايا : الحرية، والعدالة، والتفرقة العنصرية والإرهاب، والتعصب القومي والديني، وانتهاك حقوق الإنسان،والحروب، والإنتاج الحربي المتصاعد وفرض الحصار الاقتصادي على بعض الشعوب والدول، والديمقراطية...الخ، 
- القيام بدراسات مستقبلية تتعدى ما هو كائن إلى ما يمكن أو ما ينبغي أن يكون، 
- دراسة حالة الاغتراب الإنساني، الفردي منه والجماعي، 
- دراسة الآثار الإيجابية والسلبية للانتماء والانقسام الديني والمذهبي على عملية التطور الاجتماع. 
هذا مع العلم أن مثل هذه المهام تحتاج إلى تعاون دولي بين الجامعات ومراكز البحوث، كما وتحتاج إلى هيئات
مختصة (ربما تكون تابعة للأمم المتحدة)، وتمويل كبير لا تستطيعه الدول الفقيرة، وأهم من كل هذا إنها بحاجة
إلى الحياد والنزاهة والموضوعية، من قبل كل من له علاقة بالموضوع. 
5
وفيما يخص علم اجتماع البلدان النامية، فإن ما يحدد مهامه هو ما يبرر وجوده كعلم متميز، أي ظاهرة البلدان النامية، وقضاياها النوعية التي تتمثل بما يمكن أن نجمله بالتاءات الأربع وهي : التبعية، التخلف، التحرر، التنمية، والتي يمكن اختزالها في محورين اثنين، محور التبعية - التخلف (المرض)، ومحور التحرر - التنمية (العلاج). ويعتبر المؤشر الأوضح للتخلف في البلدان النامية هيمنة الانقسام العمودي في المجتمع، والمتمثل بالانقسام (القومي، الديني، الطائفي، القبلي، الجهوي) على الانقسام الأفقي (الطبقي - الاقتصادي) وهو ما يخلق صعوبات جمّة أمام عملية البحث العلمي في هذه البلدان، إضافة - بطبيعة الحال - إلى عوامل أخرى داخلية وخارجية. (ويبين المخطط الملحق بهذه الدراسة (ص 11) جملة العناصر المؤثرة في عملية التغير الاجتماعي في البلدان النامية عموما ومنها وطننا العربي). 
6
واستنادا إلى الحالة الخاصة التي تتميز بها بلداننا النامية، فإننا نضع أمام الباحثين السوسيولوجيين في هذه البلدان ولاسيما في وطننا العربي المهام المحددة التالية، بوصفها مهام خاصة بعلم اجتماع البلدان النامية بصورة أساسية: 
- دراسات نظرية وتطبيقية لتحديد مضمون المفاهيم السوسيولوجية المرتبطة بوجود البلدان النامية ناقصة التطور (التخلف، التبعية، التنمية، المجتمع المتعدد الأنماط الإنتاجية، التطور اللامتكافئ، الرأسمالية الوطنية، البلدان النامية، بلدان الشمال وبلدان الجنوب، المركز والأطراف...الخ)، 
- الكشف عن آليات إعادة إنتاج التخلف في البلدان النامية، 
- بحث الدور الذي يلعبه كل من الدين والقومية والتقاليد الموروثة في عملية التغير الاجتماعي في الوطن العربي،
- دراسة التداخل بين الانقسامين العمودي والأفقي، وآثارها السلبية والإيجابية على عملية التطور والتنمية والتبعية في الوطن عامة والمنطقة التي يعيش فيها الباحث خاصة، 
- دراسة الخواص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والأيديولوجية لمرحلة الانتقال من مجتمع ما قبل رأسمالي إلى مجتمع رأسمالي أو اشتراكي أو مختلط، 
- بحث دور القوات المسلحة في الحياة السياسية في المجتمعات النامية، 
- بحث دور المثقفين في عملية الحراك الاجتماعي في البلدان النامية، وكذلك دور الزعامات الكارزمية، 
- بحث الآثار الاجتماعية والاقتصادية للتصنيع والتقنية المستوردة، 
- بحث ظاهرة البطريركية (سيطرة الرجل) والدور الاقتصادي والاجتماعي للمرأة، 
- بحث ظاهرة تورم المدن ولاسيما العواصم، والهجرة من الريف إلى المدن، 
- بحث دور وسائل الإعلام والإعلان، وخاصة الكومبيوتر والفضائيات في التنشئة الاجتماعية، وتشكيل الوعي الفردي والجماعي، 
- بحث المظاهر المختلفة للتبعية الثقافية ولاسيما في مراحل ومناهج التعليم المختلفة، 
- ظاهرة الانفجار الديمغرافي، سلبياتها وإيجابياتها، 
- العائد الاقتصادي للتنمية الاجتماعية، والعائد الاجتماعي للتنمية الاقتصادية -.....الخ. 
7
إذا كانت إشكالات وصعوبات البحث العلمي في مجال العلوم الاجتماعية، تواجه كل الباحثين في كل البلدان، إلا أنها في البلدان النامية تكتسي طابعا حادا، يجد تبريره وتفسيره في: 
- العراقيل الثقافية المتعلقة بجهل المبحوثين عامة والريفيين والأميين منهم خاصة بمعاني المفاهيم والمقولات والمصطلحات السوسيولوجية، المتعلقة بالبحث، 
- معالجة الباحثين للظواهر الاجتماعية في البلدان النامية بنفس الطرق والأدوات والمناهج المستخدمة في البلدان المتطورة والتي غالبا ما يكونون قد تلقوا تعليمهم وتأهيلهم فيها، 
- وجود هوّة ثقافية بين الباحث (الذي غالبا ما يكون من فئة الأفندية) والمبحوث ولاسيما في المناطق الريفية، 
- بعض الأعراف والتقاليد المحافظة التي تواجه كلا من الباحث والمبحوث، والتي تحول دون حرية الباحث في اختيار موضوعى البحث، وفي مقابلة المبحوثين، وفي توجيه الأسئلة، وفي إعلان نتائج البحث وذلك في ظل بعض
- المحرمات المتمثلة خاصة بمثلث: الدين والجنس والفئة الحاكمة (السلطة). 
إن طرحنا لهذه الصعوبات والإشكالات المتعلقة بعملية البحث العلمي في البلدان النا مية، ومنها وطننا العربي، يجب ألا يعني أننا نشكك بقيمة أو فائدة هذا البحث، وإنما أردنا فقط أن نشير إلى مدى التحدي الذي يواجه الباحثين السوسيولوجيين في البلدان النامية، والذي ينبغي أن يخلق لديهم استجابة خلاقة تتناسب ومقدار هذا التحدي. 
ويخيل للكاتب أن انطلاق الباحث من المبادئ المنهجية التالية، كفيل بأن يذلل أمامه كل ما يمكن أن يعترضه من 
صعوبات وإشكالات: 
- الانطلاق من هموم الناس ومشاكلهم الحقيقية، 
- الالتزام بالشرف المهني المتمثل بالموضوعية والحياد والنزاهة، 
- والالتزام الصارم بقواعد المنهج العلمي في كافة مراحل وخطوات البحث. 
إن محاولة لوضع أي قائمة تامة وصادقة لكل الفروع التي يمكن إدراجها تحت اسم العلوم الإنسانية ، ربما ستكون عملية متهورة . فضلا عن ذلك لا يوجد تعريف واضح ومقبول عالميا للفروع التي يحتوي عليها قطاع العلوم الاجتماعية . ويمكننا في نفس الوقت الاحتراس من أن كل المواضيع الدراسة الخاصة بالكائن البشري ، والتي يتم تناولها بكيفية علمية ، هي بالضرورة فروعها للعلوم الإنسانية ، وهكذا يمكن الإقرار أنها تضم : الأنثروبولوجيا ، علم الإجرام ، الديموغرافيا ، الاقتصاد ، الأنثولوجيا ، الجغرافيا ، التاريخ ، التاريخ ، الحضارات القديمة ، علم النفس ، علم النفس الاجتماعي ، الإبداع الفني العلاقات الصناعية ، علم السياسة ، العلوم الإدارية ، علوم اللغة ، العلوم القانونية وعلم الاجتماع .
طبيعة المشكلات التي تواجه البحث :
إن العلوم الاجتماعية والإنسانية على اختلاف أنواعها وتعدد فروعها مثلها مثل العلوم الطبيعية ، فليست الطريقة العلمية أو المنهج العلمي في البحث وقفا على العلوم الطبيعية والتطبيقية كما يظن البعض ، وإنما يمكن تطبيقها في العلوم الاجتماعية والإنسانية المختلفة ، ولكن الاختلاف في دقة النتائج يعود إلى طبيعة المشكلات التي تواجه البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية والتي منها :
أولا: تعقد المشكلات الاجتماعية الإنسانية لأنها تتأثر بالسلوك الإنساني المعقد .
ثانيا: صعوبة الظبط التجريبي وعزل المتغيرات المتداخلة للظاهرة الاجتماعية والإنسانية.
ثالثا: تأثر الوضع التجريبي بالمراقبة والملاحظة التي يقوم بها البحث مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى تغيير في السلوك لدى الأفراد والمجتمعات موضوع الدراسة والبحث ، وصعوبة الملاحظة أحيانا . 
رابعا: تغير الظواهر الاجتماعية والإنسانية بشكل سريع نسبيا ، فالثبات نسبي ، وهذا يقلل من فرصة تكرار التجربة في ظروف مماثلة تماما .
خامسا: الطبيعة المجردة لبعض المفاهيم الاجتماعية والإنسانية وعدم الإتفاق على تعريفات محددة لها ، وخضوع بعض المشكلات الاجتماعية والإنسانية لمعايير أخلاقية .
سادسا: صعوبة القياس بشكل دقيق للظواهر الاجتماعية والإنسانية لعدم وجود أدوات قياس دقيقة لها أحيانا .
الخاتمة
إن البحث العلمي وتطويره من أهم القضايا التي يجب أن نوليها كامل اهتمامنا وعنايتنا ، ذلك لأن المواضيع التي يتناولها البحث العلمي بالدراسة ماهي إلا محاولة جادة لإيجاد حلول للمشكلات الكثيرة والمتعددة التي تواجهنا في الحياة اليومية ، والتي تشكل عقبة في سبيل تحقيق التقدم والنجاح ، على مستوى كل الأصعدة ، من ذلك تتأتى لنا الأهمية البالغة والبارزة للبحث والتنقيب ، ليس أي بحث ولكن ذلك الذي أعد وفق قواعد وأسس تؤكد صحة وسلامة النتائج والحلول التي خلص إليها .
وما ينبغي الإشارة إليه ، هو أن المنهجية ليست مجرد قواعد وخطوات علمية ، أو مجرد مجموعة من التقنيات والأساليب التي يجب أن يتبعها الباحث خلال إنجاز بحثه ، وإنما هي في جوهرها طريقة للتفكير السليم والمنطقي ، فأحرى بالطلاب والباحثين في ميدان العلمي الممنهج ، ونقصد بهذا تنظيم سير العقل بما يوافق القواعد العلمية ، ليكون لهم سندا وأساسا ينطلقون منه في إنجاز أي بحث أو القيام بأي دراسة علمية .
فالبحث العلمي لا يحقق الفائدة المرجوة منه إلا إذا التزمنا في إنجازه بالمنهجية السليمة ، هذه الأخيرة التي حاولنا عرض أهم أسسها في هذا البحث المتواضع
وأخيرا نرجو كل الرجاء في أن نكون قد وفقنا ولو إلى حد مافي هذا المسعى ، وأن يكون عملنا هذا إضافة متواضعة في حقل العلم والمعرفة . 
المراجع : 
1 - عبد الرحمن عبد الله أحمد المقبول: البحث التربوي أهميته, وممارسته، ومعوقاته، لدى المشرف من وجهة نظر المشرفين التربويين .
2 - بول هوفمان، عالم بلا فاقة، الدار القومية، القاهرة، سلسلة اخترنا لك، عدد 177، ص 9. 
3 - ابن رشد، فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، القاهرة 1972، ص 23. 
4 - محمد الزعبي، علم الاجتماع العام والبلدان النامية، بيروت 1991 ط2،ص 119 - 125.
5 - بيتلوف بليخانوف، في تطور النظرة الواحدية إلى التاريخ، موسكو 1981، ص 108. 
6 - برتراند رسل، أثر العلم في المجتمع، سلسلة حياة المجتمعات رقم 3، ص 20.
abuiyad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق