د.صبرى محمد خليل استاذ الفلسفه جامعه الخرطوم
نشأة فلسفة التاريخ: يمكن اعتبار ابن خلدون أهم رواد فلسفة التاريخ التي قصد بها الربط بين الأحداث التاريخية وتعليلها، وأن أول من استخدم لفظ (فلسفة التاريخ) هو الفيلسوف الفرنسي فولتير، وقصد بالمصطلح دراسة التاريخ من جهة نظر الفيلسوف، أي دراسة التاريخ دراسة نقدية تستبعد منه الخرافات والأساطير.
تعريفها:ويمكن تعريف فلسفة التاريخ بأنه محاولة لتقديم تفسير فلسفي للتاريخ الإنساني ككل. وذلك من خلال تطبيق الفلسفة على التاريخ وهذا ما يتضح من وضوح مباحث الفلسفة الأساسية الثلاثة (الوجود – والمعرفة – والقيم) في فلسفة التاريخ، ففي مبحث المعرفة تتناول فلسفة التاريخ إمكانية معرفة التاريخ، مصدر المعرفة التاريخية، حدود المعرفة التاريخية. وفي مبحث قيم تبحث في دور العامل الأخلاقي في التطور التاريخي، إمكانية الحكم الأخلاقي على التاريخ .. الخ، الحقيقة التاريخية وطبيعتها ... الخ.
خصائص فلسفه التاريخ:
1) الكلية:تتسم فلسفة التاريخ بالكلية، أي أنها تبحث في التاريخ الإنساني ككل.
2)التعليل:كما تتصف التعليل بالكلية، أي أنها تبحث في العوامل الأساسية التي تحكم حركة التطور التاريخي، وقد غلب فلسفة التاريخ الغربية رده إلى عامل واحد (التفسير الأحادي للتاريخ).
الفرق بين فلسفة التاريخ وعلم التاريخ: فلسفة التاريخ تبحث في التاريخ الإنساني ككل (الكلية) من خلال دراسة المفاهيم السابقة على البحث التاريخي (التجريد) بينما علم التاريخ يبحث في وقائع تاريخية معينة زماناً ومكاناً (الجزئية) وذلك من خلال دراسة هذه الوقائع التاريخية باستخدام المنهج الوصفي (العينية).ويمكن التعبير عن الفرق بين فلسفة التاريخ وعلم التاريخ بأن فلسفة التاريخ إجابة على السؤال لماذا الحدث التاريخي؟ بينما علم التاريخ إجابة على السؤال كيف الحدث التاريخي؟
التفسير الأسطوري للتاريخ: وفلسفة التاريخ تتناقض مع التفسير الأسطوري الذي هو تفسير كل التاريخ مثل فلسفة التاريخ لكن لا يقوم على التعليل كما في فلسفة التاريخ بل على التسليم المطلق بصحة الأفكار التي يسند إليها دون التحقق من كونها صادقة أو كاذبة. فيتم مثلاً تفسير التاريخ بالرجوع إلى قوى غيبية كالأرواح أو الخبرة الشريرة كما في أسطورة الألياذة والأوديسا عند قدماء اليونانيين أو كما عند قدماء الشرقيين كالبابليين والأشوريين ولا مجال للجميع بين التفسير الأسطوري والتفسير الديني. لأن التفسير الأسطوري يلغي ما هو محسوس (شهادي) بما هو غيبي فالقول بأن التاريخ تحركه قوى غيبية يؤدي إلى وجود إنكار وجود عامل (محسوسة) تفسر حركته بينما التفسير الديني يجمع بين ما هو محسوس (شهادي) وما هو عيني (ميتافزيقيس) كالقول بأن للتاريخ قوانين موضوعة (يمكن معرفتها) وأن هذه القوانين هي تجلي تكويني للإرادة الإلهية.
بعض نظريات فلسفة التاريخ:
نظرية العناية الإلهية: تفسير التاريخ بإرجاعه إلى إرادة إله وأشهر ممثل لها أوغسطين الذي رأى في كتابه (مدينة الله) أن الجنس البشري عرف الخطيئة والمعصية لذا استحق ما أصابه من كوارث وحروب (يعني هنا غزوة البرابرة والإمبراطورية الرومانية المقدسة) والحل هو قيام مملكة الله على الأرض فهذه النظرية تلتقي مع الدين (الإسلامي) في القول بالدور الإلهي في التاريخ ولكن بينما تصور هذه النظرية الإلهية قوة غيبية تحطم إرادة الإنسان (حيث تقول بالجبر) وتلقي قوانين الطبيعة فإن الإسلام يتصور الله على أنه ذو إرادة مطلقة تحد إرادة الإنسان المحدودة ولا تلغيها (فالتاريخ هنا محصلة فعل إلهي مطلق وإنساني حدود) ولا تحطم قوانين الطبيعة ولعلها هي تجلي تكوين لهذه الإرادة الإلهية لذا عبر القرآن عن هذه القوانين بتعبير السنن الإلهية بعبارة أخرى فإن نظرية العناية الإلهية قائمة على الخلط بين التفسير الديني والتفسير الأسطوري وتصور اليونانيون القدماء لآلهتهم.
هيجل: يرى أن الفكر المطلق هو العامل الحاسم في التطور التاريخي.
ماركس: يرى أن الاقتصاد هو العامل الحاسم في التطور التاريخي
الفلسفة الإنسانية: وهنالك من يرى أن الإنسان هو العامل الحاسم غير أن بعضها يرى أن المقصود بالإنسان الجماعة. وبعضهم يرى أن المقصود بالإنسان الأفراد (الأبطال كما عند كارديل).
ابن خلدون: يقرر أن الإنسان هو العامل الحاسم في حركة التاريخ، ولكنه لم ينظر إلى الإنسان كوحدة نوعية من الفكر والمادة، بل ركز على الجانب المادي (الفيزيولجي) كما يتضح من تركيزه على العصبية (وحدة النسب أي رابطة الدم) لذا قارن المجتمع بالكائن الحي (يبدأ كطفل – فرجل – فشيخ) لذا لم يفهم حركة التاريخ على أنها تطور (نمو خلال إضافة) بل على أنه تحول (نمو بدون إضافة).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق