مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات تأمل من زوارها الكرام المشاركة في الاستطلاعات التي تجريها بفعالية نظرا لفائدتها العالية
مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات هي شركة تضامن لبنانية مسجلة تحت الرقم 489 تتنشط في مجال الدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية والتربوية والاجتماعية والادارية والثقافية والتنمية والارشاد الاسري والاجتماعي ، واصدار المنشورات المتخصصة ، وتقديم الاستشارات في المجالات المذكورة وتوقيع الاتفاقيات مع الجامعات والمؤسسات والشركات الوطنية والعالمية على انواعها والقيام بالاستطلاعات والابحاث العلمية والدراسات المتخصصة في لبنان والخارج - نتمنى لكم زيارة ممتعة

17‏/12‏/2010

في سوسيولوجيا ثقافة اللباس


تاريخياً ومنذ مطالع القرن الماضي لم يكن اللباس أو بالأدق لم يشهد اللباس في بلادنا معارك خلافية حادة شطرت المجتمع بين مؤيد ومعارض كما حدث في البلدان القريبة منا ، ذلك ان حقائق التاريخ والجغرافيا هنا جعلتنا أو جعلت البحرينيين في ذلك الوقت المبكر نسبياً يتفهمون ويتقبلون بل وتقبل مدنهم الكبيرة على معظم اشكال التغيير لذا لم يكن محل خلاف ان تتسم الستينات بمظهرية اللباس المدني «السفور» الذي عمّ هنا مترافقاً مع مظاهر متابعة آخر صيحات الموضة مما عرف بـ «الميني والميكروجيب» جاب شوارعنا دون ان يكون سبباً لعراك مجتمعي كما أشرنا.
ذلك ان امتدادات المدنية اخذت حجمها وقتذاك بفكرة القبول والاستعداد المجتمعي للتغيير بوصفه سنة الحياة وأحد قوانينها وشروطها، وبالتالي كان القبول بمظاهر التغيير تحكمه معادلات الفهم قبل الحكم القاطع المانع اجتماعياً مع احتفاظ المعارضين والمحافظين بموقفهم المعارض دون محاولة فرضه قسراً وقهراً على الآخرين وهي ميزة مهمة تميز بها مجتمعنا آنذاك تعكس كثيراً من التسامح أو من فلسفة التسامح المكتسبة هنا عبر خبرات راكمتها التجربة البحرينية منذ وقت مبكر وتميز مجتمعها بذلك الوعي العام القادر على ان يعطي الآخر المختلف مساحاته المستحقة بما يحفظ توازن التعايش اليومي بين المختلفين دون عداوات وحزازات.
وثقافة اللباس في البحرين إذا كانت قد تأثرت إلى حدٍ كبير بواقع عملية الانتاج والعمل حيث انتشر «البانطلون والقميص» منذ انتقال العمل من البحر إلى شركات النفط، فإنه وبلاشك قد تأثر بالثقافة السائدة وهي ثقافة مدنية بامتياز لم تلعب فيها سلطة «الكهنوت» أو الاكليروس «رجال الدين» ذلك الدور المتسلط الذي لعبته الكهنوتية والاكليروس في أوروبا العصور الوسطى ولاشك ان لثقافة الوافد الجديد والتنظيمات الإدارية المبكرة والانفتاح على الآخر المختلف ديناً «مدرسة المشن ومستشفى الارسالية ورؤساء الاقسام في شركة النفط والشركات الأخرى وغيرها» ترك آثاراً إيجابية في مسألة فكرة القبول بالتغيير وفي فلسفة التسامح شبه الفطري الذي كنت تراه حتى في الأزقة ودواعيس الفرجان في المدن القديمة لا سيما المنامة والمحرق.
ولذا لم يكن محل استغراب أو استنكار مشاهدة السيدة فاطمة بنت علي الزياني قبل ستة عقود مضت وهي تسوق سيارتها في المحرق لتنتقل كقابلة قانونية من فريج إلى آخر وهي صورة مدنية متقدمة حيث كانت السيدة فاطمة تسوق سيارتها بلا نقاب يخفي هويتها المصانة اجتماعياً لا بواسطة شكل اللباس ولكن بالموقف وبالثقافة السائدة في المجتمع يومها، حيث لاتحتاج المرأة للاستنجاد بحراسة لباس يسورها ويحميها لان الموقف المجتمعي العام من المرأة شكل حصانة مستمدة من الاحترام والتقدير لدورها ووظيفتها كإنسانة وكمواطنة يقع عليها عبء النهضة الأولى في تلك الفترة سواء في ميدان التعليم أو التطبيب أو غيره من ميادين لم يحل المجتمع ولم يمنع بينها وبين المرأة التي لم تلجأ مضطرة ومحتجة لحرق عباءتها كما فعلت المرأة الكويتية في حركة احتجاج على وضعها ونظرة المجتمع إليها في العام 1956.
ففي البحرين ثمة ثقافة مدنية وقتها كانت هي السائدة وهي الغالبة لم تجد في العباءة النسوية مانعاً او عائقاً كما لم تنظر إلى العباءة أو اللباس النسوي بوصفه قفصاً أواتخاذه ذريعة لتهميش المرأة وعزلها او الالحاح على عودتها إلى قفص البيت والعيش داخل أسواره.
هنا نصل إلى ثقافة اللباس عندما تتحول وتغدو ذريعة وحجة للضغط وللاشتغال على هدف آخر خطير يجرها ويخرجها من ساحة العمل والعطاء والانتاج ويخرجها من دائرة الفعل الاجتماعي العام إلى خطوط الهامش المهمل، والاخطر والأشد وطأة ان يكون ذلك باقتناع المرأة وقناعتها هي شخصياً بذلك المشروع شديد السلبية.
لذلك نقولها مرة اخرى لسنا ضد شكل اللباس ولكننا ضد ثقافة ترميزية معينة يعمل اللباس بواسطتها لاختطاف مكاسب المرأة البحرينية التي حققتها طوال تاريخها المدني.. فهنا يتحول اللباس من مجرد شكل ومظهر إلى رمز ايديولوجي يشتغل على تكريس فكرة مجتمعية مضادة ومناهضة للتطور والتقدم والتنمية البحرينية.. وفي هذا السياق سوف نلاحظ ان اللباس أخذ في العقود الاخيرة رمزيته «الدين سياسية» حيث لكل تيار من تيارات الإسلام السياسي شكل لباس خاص يميز المنتمين والمنتسبين إليه بما يعني ان اللباس تحول إلى ترميز سياسي خالص وخاص جداً وهو أسلوب لأدلجة اللباس.
abuiyad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق