مقدمة:
في عملية البحث الاجتماعي يقوم الباحث بعدة مراحل وتقنيات ليصل الى هدفه منها: تقنيتي الملاحظة والتحليل.
على الرغم من سهولة العنوان إلا أنه صعب ،وذلك لندرة المراجع .والإشكال المطروح هو:ماذا يقصد بتقنيتي الملاحظة والتحلي ، ما مزاياهما ومجالاتهما وما الفائدة من البحث العلمي ؟
المبحث الأول: الملاحظة
المطلب الأول:
أ/ تعريفها:
الملاحظة أداة آلية لجمع المعلومات وهي النواة التي يعتمد عليها للوصول إلى المعرفة العلمية والملاحظة في أبسط صورها هي النظر إلى الأشياء وإدراك الحالة التي هي عليها .
ويعرفها آخرون: الأداة التي من خلالها نستطيع التحقق من سلوك الأفراد الظاهري عندما يعبرون عن أنفسهم في مختلف مواقف الحياة اليومية ، فهي المشاهدة الحسية والعقلية لوقائع محددة طبيعية بهدف الحصول على معلومات تفيد في أغراض البحث العلمي.
ب/ أهميتها:
تساعد في فهم وأدراك البيئة الطبيعية والاجتماعية المحيطة.
تستخدم كوسيلة أساسية لجمع البيانات في البحوث الطبيعية والاجتماعية.
تعتبر الأصل في الاكتشافات العلمية المبكرة والمعاصرة في اكتشاف نيوتن- قانون الجاذبية-ومن خلال الملاحظة.
تعتبر خطوة أساسية في خطوات المنهج العلمي.وتعتبر الخطوة الجوهرية من خطوات المنهج التجريبي وتعتبر خطوة أساسية في العلوم الاجتماعية.
المطلب الثاني: خصائصها:
تعد الملاحظة وسيلة أساسية من وسائل جمع البيانات والمعلومات في البحوث الطبيعية والاجتماعية
الملاحظة تشمل كل أفراد المجتمع في حياتهم اليومية والعلمية.
هي عملية تجمع بين الإدراك الحسي والإدراك العقلي، أي أننا نعمل بحواسنا ونشغّل العقل في عملية الملاحظة من خلال التحليل والتفسير.
الملاحظة العلمية الدقيقة هي ملاحظة مقصودة ومنظمة ومخططة أي ليست عشوائية ولكن هذا لايقلل من أهمية الملاحظة العشوائية التي تأتي بمحض الصدفة من اكتشاف حقائق علمية .
إن الملاحظة لاتقتصر على التركيز بالوقائع الآنية ولكنها تفيد على ملاحظة الوقائع الماضية بطريقة غير مباشرة ويركز هذا النوع على الآثار الطبقية والوثائق كالحضارة الفرعونية.
الملاحظة العلمية الدقيقة تحتاج إلى باحثين متخصصين على موضوعات الملاحظة واستعمال الأدوات الفنية.
المطلب الثالث: مجالات استخدام الملاحظة:
مجالاتها متنوعة وهي:
أ / مجالات البحوث الطبيعية: تستخدم بشكل فعال في كافة البحوث التجريبية كعلم الفلك، الجيولوجيا...
ب / مجالات البحوث الاجتماعية:
ب -1/ التفاعل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية: هي دراسة أنماط التفاعل في الحياة الأسرية كما يستخدم علماء الاثنوجرافيا وعلماء الانثربولوجيا الملاحظة في دراسة المجتمعات المحلية.
ب- 2/ الدراسات السيسولوجية المقارنة: هي من الدراسات الهامة في مجال البحث السوسيولوجي ومن أمثلته الدراسات تجري على السجون والمنظمات الصناعية.
ب- 3/ الجماعات غير الرسمية: تستخدم الملاحظة فيه بنجاح واستخدمت في دراسة جماعات العمل في المجال الصناعي. كدراسة ألتون مايو وزملاؤه على مصنع هاوثورن وتوصلوا من خلالها إلى وجود بناء غير رسمي داخل الجماعات وله تأثير على العملية الانتاجية.
ب- 4/ الدراسات الاستكشافية :تستخدم بشكل فعال في المراحل التمهيدية للبحوث الاجتماعية بهدف الاستطلاع على بعض الجوانب الظاهرة الاجتماعية.
ب- 5/ الدراسات السيكولوجية: هو من المجالات الخصبة التي تستخدم فيها الملاحظة كملاحق سلوك الأطفال أثناء اللعب وتستخدم في علم النفس التجريبي.
المطلب الثالث: أنواعها:
هناك أكثر من معيار لتصنيف الملاحظة وفي ضوء كل معيار تتولد لدينا أنواع وأنماط وهي ليست مستقلة بل متداخلة ومترابطة ويكون الاختلاف فيها في الشكل أو في التسمية دون الجوهر.
ومن المعايير التي استند عليها الباحثون في تصنيفهم للملاحظة معيار القصد المسبق الذي يصنف الملاحظة إلى عرضية ومقصودة، ومعيار يدخلا لفصل في عملياتها يصنفه الى تقنية وعلمية ومعيار درجة الضبط يصنفها إلى ملاحظة بسيطة ومنظمة وغيرها من المعايير التي تتولد منها أشكال مختلفة للملاحظة وبصفة عامة يمكننا القول أن الملاحظة تنقسم إلى قسمين:
الملاحظة العابرة(العضوية): هي تلقائية التي يقوم بها الفرد العادي في حياته اليومية من دون غاية علمية ويتضح هذا النوع لدى الشعوب البدائية حيث اعتمدت عليها الأشياء والبيئة المحيطية.
الملاحظة العلمية: هي مقصودة وهادفة وتعد من أهم أدوات البحث في كافة العلوم يستعين فيها الباحث بحواسه وعقله وبعض الأدوات العلمية الدقيقة وهي امتداد للملاحظة العضوية ويمكننا تصنيف الملاحظة العلمية إلى بسيطة بالمشاركة وبسيطة بدون مشاركة.
الملاحظة البسيطة: هي ملاحظة الظواهر كما تحدث تلقائيا في ظروف طبيعية دون إخضاعها لعمليات الضبط والتقنين وتفيد في دراسات جماعات صغيرة وأنماط العلاقات الاجتماعية بين أفراد في بيئة معينة و تجري في أسلوبين:
1- الملاحظة بدون مشاركة :هي الملاحظة التي لا تتضمن أكثر من النظر أو الاستماع في موقف اجتماعي معين دون المشاركة الفعلي، ويمكن أن تكون خلف ستار أو حاجز زجاجي تحفظ المشاركين في سلوكهم وتلقائيتهم، وهناك مواقف لا يصلح فيها إستخدام هذا النوع كملاحظة بعض الصور الخاصة ببعض السلوك. (ملا: فيما يختص بالسلوك الجنسي داخل نطاق الاسرة).
2- الملاحظة بالمشاركة: استخدمت بنجاح في الدراسات الأنتربولوجية ويتضمن هذا النوع إشتراك الباحث في حياة الناس الذين يقومون بملاحظاتهم وتتفاوت درجات المشاركة في عامة – هذا مايفعله الأنتربولوجيون- إلى جزئية فقد تندمج الملاحظة في حياة الجماعة التي يلاحظها .ومن بين العلماء الذين استعانوا بأسلوب الملاحظة بالمشاركة * كودييل*عالم أنتربولوجي في دراسة للعلاقات الانسانية داخل إحدى المستشفيات للأمراض العقلية، يوم إن عاش مع المرضى والأطباء لمدة شهرين، دون علمهم بذلك هناك بعض القواعد العامة لاستخدام الملاحظة بالمشاركة وهي:
• التعرف على الخصائص الاجتماعية العامة لجماعية موضوع الملاحظة وواقع البيانات المنشورة المتاحة.
• التعرف على القادة الرسميين وغير الرسميين وإذا أراد الباحث أن تكون مشاركته صريحة فعليه الاستعانة بملاحظيين لتقديمه لمجتمع البحث.
• شرح ما سيقوم للملاحظيين وهم يقومون بتوصيل ذلك بمجتمع البحث.
• مشاركة أعضاء المجتمع وإهتماماتهم العامة.
• ينغي على الباحث عدم توجيه اسئلة حساسة إلى أفراد البحث إلا بعد توطيد الشخصية معهم .
• البعد عن إبداء الرأي عن بعض الموضوعات الحساسة التي قد تثير غضب المبحوثين .
الملاحظة المنظمة: تتسم بالدقة والضبط ومخططة بشكل مسبق وتستخدم في البحوث الشخصية او التجريبية ويستخدم فيها الباحث بعض الأدوات التي تعينه على دقة الملاحظة مثل استخدام دليل الملاحظة او بعض الالات كالميكرو سكوب أو آلة التصوير والهدف منها جمع البيانات الدقيقة عند الظاهرة التي هي موضوع البحث لاختبار صحة البحث(زمان،مكان) وقد تستخدم الملاحظة بأسلوب المشاركة أو بدون المشاركة وأيا كان الأسلوب فهي تستعين ببعض الوسائل التي تعينه على دقة الملاحظة من أهمها:
o الصور الفوتوغرافية: تفيد هذه العملية في الوقوف على جوانب المواقف الاجتماعية كما يظهر في صورته الواقعية كما أنها تجنب الملاحظة الخطأ كما تفيد في الكشف عن جوانب التفسير التي تحدث في جوانب كثيرة من حياة الأفراد والجماعات .
o المذكرات التفصيلية : يدون فيها الباحث موقف الملاحظة وإبعاده المختلفة.
o الخرائط: تفيد توضح العلاقة بين البيئة الاجتماعية وبين التنظيمات الاجتماعية وتعطي معلومات للباحث التي تساعده على دقة الملاحظة .
o استمارة البحث او دليل الملاحظة :تساعد الباحث على تدوين البيانات المتصلة بموضوع الملاحظة دون غيرها .
o المقاييس السوسيوهيترية:هي احد الأساليب الهامة التي تعين الملاحظ على فهم أبعاد الموقف الاجتماعي الذي يريد ملاحظته. كما تتطلب الملاحظة في البحث الاجتماعي على توافر مجموعة من الشروط للحصول على ملاحظة جيدة
o يجب أن يقف الملاحظ على كل جوانب وابعاد الظاهرة وموضوع الملاحظة والعوامل المؤثرة فيها .
o على الملاحظ تحديد وحدات ملاحظته ومعرفة انسب المواقف التي تظهر فيها هذه الأحداث .
o ينبغي ان يكون الملاحظ متمتع بحواس سليمة تمكنه من الملاحظة بدقة
o يجب ان يتحرر الباحث من أفكار لديه سابقة عن موضوع الملاحظة أي لاتسيطر عليه افكار معينة مسبقة قد تخالف ما هو موجود في الواقع.
o الاستعانة بالآلات الأجهزة الحديثة التي تمكنه من تحقيق ملاحظة دقيقة
o تحديد مشكلة البحث من حيث الحجم والأبعاد والأهمية والأهداف
o تحديد إطار الملاحظة :أي تحديد وحدة الملاحظة ( فرد، جماعة، جتمع..) وتحديد زمن الملاحظة ومكانها والجوانب التي يراد ملاحظتها .
o اختيار الملاحظين وتدريسهم:هو المسؤول الأول عن نتائج الملاحظة سلبا او ايجابا ولهذا يجب اختيار الملاحظ ينباهمية كبيرة،وهناك بعض الخطوات ينبغي أن يسير عليها برنامج تدريب الملاحظين أهمها:
-تعرف الملاحظين بالمشكلة.
-تدريب الملاحظين على كيفية تسجيل الملاحظة.
-التدريب النظري والمبدئي على عملية الملاحظة وتسجيلها.
o تسجيل الملاحظة وفيها طريقتان:
الأولى التسجيل الزمني للحوادث وترتيبها من زمن وقوعها،
والثانية تنظيم المادة الملحوظة في موضوعات أو فئات معينة.
o تفريغ الملاحظة بعد التسجيل: يقوم الملاحظ بتفريغ الملاحظة وفقا للفئات أو البنود المتفق عليها من قبل، ولكي يسهل عليه بعد القيام بعملية التحليل الكمي
o تحليل بيانات الملاحظة وتفسيرها.
o استخلاص نتائج الملاحظة والتوصيات هي من أهم خطوات الملاحظة، يقوم الباحث باستخلاص النتائج التي تؤكد صدق الفروض او عدم صدقها.
o كتابة تقرير الملاحظة:هي الخطوة النهائية في اجراء الملاحظة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق