لا يُزعج بعض الناس أنفسهم بالتدرب على الإلقاء, ربما لأنهم يشعرون بأنهم إذا ما انتهوا من الاستعداد لحديثهم بعناية, فإنهم يعرفون ما يريدون قوله إلى حد يكفي لتقديمه دون أن يقوموا بأي عمل إضافي, ويكتفي البعض الآخر منهم بمجرد قراءة حديثهم بصمت من خلال الملاحظات التي أعدوها ليصبحوا ملمين بالأفكار التي يريدون نقلها. لأن الأسلوبين كليهما لا يكفيان حتى الخبراء في الإلقاء من هم يعرفون مواضيعهم معرفة تفصيلية عميقة.
ثمة ضرورة للتدرب الكامل على الإلقاء لمرة واحدة على الأقل, بما في ذلك التدرب على استعمال الوسائل المساندة, قبل أداء أي إلقاء مهما كانت أهميته, بحيث يكون التدرب الملائم أقرب ما يمكن إلى الإلقاء الحقيقي, إن استماعك لنفسك وأنت تنطق كلماتك بصوت جهوري يحسن اطلاعك على رسالتك حسبما خططت لتقديمها (ويكون أصعب عليك أن تفعل ذلك من خلال القراءة الصامتة). فإذا لم يتدرب تدرباً ملائماً على الإلقاء, يسهل عليك الانحراف عن مسار رسالتك التي أعددت بعناية وتتعرض لخطر فقد الكثير من تأثيرها في الحضور. بإمكانك التوسع في بعض نقاط الرسالة, وتخصيص وقت أقل للبعض الآخر, وتقديم أفكار جديدة تتوارد إلى ذهنك, أو تغيير الأمثلة التي تستخدمها في توضيح النقاط.
غير أنك تستطيع أن تفرط في التدرب على الإلقاء وتصبح مطلعاً أكثر مما ينبغي بما تريد أن تقوله للحضور. وكنتيجة لذلك, فإن أفكارك لن تبدو جديدة, وهامة كما كانت قبل التدرب المفرط على الإلقاء, وستجد صعوبة في تقديمها بعفوية وحماسة, وسيشعر الحضور بفتور الحماسة لديك مما يؤدي إلى إحداث تأثير سلبي فيهم. كما أنك قد تصبح مفرطاً في ثقتك بنفسك, وتظن أنك تعرف ما تريد قوله للحضور. كنتيجة لذلك, فإنك قد تخاطر بتجاهل ملاحظاتك, ثم تنحرف عن غير قصد عن مسار رسالتك.
يعتبر التدرب على الإلقاء فرصة لتجرب, إلى أقرب حد ممكن, ما سيكون عليه الوضع يوم الإلقاء. وقد يتضمن هذا التدرب الإجابة عن الأسئلة, والتي يجب أن تتدرب عليها إذا كان ذلك ممكناً. كما أن فرصة التدرب على الإلقاء تعتبر الفرصة الأخيرة لمراجعة رسالتك, وتنقيحها, إذا لزم الأمر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق