مقدمة
تشتمل الثقافة على القيم التي يتمسك بها أعضاء جماعة معينة، المعايير التي يتبعونها والمنتجات المادية التي يوجدونها. المجتمع نسق من العلاقات المتداخلة التي تربط بين الأفراد. ولا يمكن وجود ثقافة بدون مجتمع، وبطريقة مساوية لا يمكن وجود مجتمع بدون ثقافة.
في هذا الفصل سنتعرف على بعض المفاهيم الضرورية التي ستساعدنا على فهم الثقافة بصورة أفضل. وهذه المفاهيم تشمل: العموميات الثقافية، الثقافة الفرعية، المركزية الثقافية، النسبية الثقافية. إضافة إلى ذلك سنتعرف على الأنماط الأساسية للمجتمع الانسانى، تاريخها وتغيرها، وأخيراً سنتعرف على تأثير العولمة على الثقافة والمجتمع.
3/1 مفاهيم الثقافة
في هذه الفقرة نقوم بتعريف بعض المفاهيم الأساسية للثقافة وهى:
* الثقافة: عبارة عن مجموعة القيم التي يتمسك بها أعضاء جماعة معينة، المعايير التي يتبعونها في حياتهم، والمنتجات المادية التي يوجدونها.
* القيم: أفكار مجردة يتمسك بها أفراد مجتمع ما. مثال لذلك الزواج الأحادي من القيم الأساسية في المجتمعات الغربية
* المعايير: مبادئ محددة أو قواعد للسلوك يتوقع أن يطيعها أفراد مجتمع ما.
* المجتمع: نسق من العلاقات يربط أفراداً يحملون نفس الثقافة. تربط بين الثقافة والمجتمع صلة وثيقة كما أن الاختلافات الثقافية ترتبط باختلاف أنواع المجتمعات. وكما أسلفنا سابقاً، لا يمكن وجود ثقافة بدون مجتمع أو مجتمع بدون ثقافة.
* المركزية الثقافية: تعنى الحكم على الثقافات الأخرى بناءً على معايير ثقافة الفرد نفسه.
* الثقافات المغايرة: جماعات ترفض القيم والمعايير السائدة في المجتمع.
* التشكيلات الثقافية: سكان يتكونون من عدد من الجماعات من خلفيات ثقافية، أثنية ولغوية مختلفة.
3/2 تطور الثقافة الإنسانية
يوجد تداخل وثيق بين الثقافة الإنسانية والبيولوجيا الإنسانية. ولقد عملت الثقافة على تحرير الإنسان الأول من حزم الاستجابات المحددة غريزياً و جينياً نحو البيئة، وهو ما ميزه من الأنواع الأخرى من الحيوانات.
تختلف الثقافات في مختلف البيئات اختلافاً واسعاً نتيجة لأنواع التكيف التي شكل الناس عن طريقها ثقافاتهم لتناسب الظروف الجغرافية والمناخية المعينة.
3/3 جدل الطبيعة والتنشئة
يركز علماء الأحياء وبعض علماء النفس على العوامل البيولوجية في تشكيل تفكير الإنسان وسلوكه، بينما يشدد علماء الاجتماع على دور التعلم والثقافة.
يرى علم الأحياء الاجتماعي أن تكويننا الجيني مسئول عن العديد من جوانب الحياة الاجتماعية. وكتابات علماء الأحياء الاجتماعيين تبدو مهمة بشكل أساسي في رؤاها التي تتعلق بسلوك الحيوانات في حين أن أفكارهم عن الحياة الاجتماعية للبشر تخمينية في معظمها. سلوكنا يتأثر جينياً، لكن مكوناتنا الجينية من المحتمل فقط أن تشكل إمكانيات سلوكنا وليس المحتوى الفعلي لنشاطاتنا. ويقر معظم علماء الاجتماع اليوم بدور الطبيعة لكنهم لا يعتقدون "أن علم الأحياء هو المصير".
يتساءل علماء الاجتماع عن كيف أن الثقافة والتنشئة يتفاعلان لإنتاج السلوك الإنساني. الاهتمام الأساسي هو كيف أن طرقنا المختلفة للتفكير والفعل يتم تعلمها في التفاعل مع الأسرة، الأصدقاء، المدارس ، التلفزيون وكل وجه آخر من البيئة الاجتماعية.
3/4 الثقافة في المجتمع
المجتمعات الحديثة توجد بها ثقافات فرعية، وأجزاء صغيرة من المجتمع تتميز بنظم سلوك متفردة. إلا أنه من النادر ما تتيه قيم الثقافات الفرعية عن الثقافة السائدة في المجتمع.
عند دراستنا للثقافات الأخرى يظهر شرك المركزية الثقافية و التي تعنى الحكم على الثقافات الأخرى وفقاً لمعاييرنا الخاصة. يحاول علماء الاجتماع تجنب ذلك عن طريق ممارسة النسبية الثقافية: الحكم على المجتمع بمعاييره هو.
من المكونات الثقافية المهمة ما يعرف بالعموميات الثقافية، وهى أشكال من السلوك توجد في كل الثقافات تقريباً مثل اللغة، مؤسسات الزواج، الأسرة، الدين والملكية وهي عموميات ثقافية.
امتلاك لغة يعتبر أهم الصفات الثقافية المميزة. ولكل ثقافة لغتها، وهناك عدة آلاف من اللغات التي يُتحدث بها في عالم اليوم.
تُعد كتابة اللغة تطوراً ملحوظاً في التاريخ الإنساني، وقد بدأت كوسيلة لتخزين المعلومات وإعداد القوائم بالأحداث المهمة. لكن كما نعلم، النص ليس كلاماً مكتوباً، وتأخذ اللغة خاصيات مختلفة عندما توضع على الورق، والمجتمع الذي بدأ بإعداد قوائم عن الأحداث المهمة استطاع تحويل اللغة إلى مقدرة لتحديد موقعه في الزمان والمكان.
أشار عدد من الباحثين إلى فرضية النسبية اللغوية و التي تعنى أن اللغة التي نستخدمها تؤثر على إدراكنا للعالم. السلوك الإنساني يتوجه نحو رموز نستخدمها لتمثيل " الواقع " وليس الواقع نفسه، كما أن تلك الرموز تتحدد داخل ثقافة معينة.
الرموز التي يعبر عنها في الكلام والكتابة هي واحدة من الطرق الأساسية التي تتشكل بها المعاني الثقافية ويعبر عنها، لكن اللغة ليست الشكل الرمزي الثقافي الوحيد. السلوك والمواضيع المادية يمكن أن تكون دلالية أيضاً، والشيء الدلالي هو كل ما يحمل معنى، كما أن تحليل المعاني الثقافية غير اللغوية مفيد في المقارنة بين ثقافة وأخرى.
3/5 عالم يختفي: المجتمعات قبل الحديثة ومصيرها
أ/ المجتمعات قبل الحديثة الأساسية:
المجتمعات قبل الحديثة مصطلح يستخدم ليدل على الأنواع التالية من المجتمعات الإنسانية:
* مجتمعات الصيد والجمع: (من 50.000 سنة قبل الميلاد إلى اليوم). مجتمعات الصيد والجمع مجتمعات إنسانية وجدت في أنحاء مختلفة من العالم وبعضها يوجد حتى اليوم في أفريقيا وأمريكا الجنوبية إضافة إلى مناطق أخرى. وتتميز هذه المجتمعات بالميزات التالية:
ـ مستوى محدود من التفاوت الاجتماعي.
ـ الاختلاف في المكانة الاجتماعية يحدده عمر الشخص ونوعه.
ـ بها أعداد قليلة من الناس الذين يعتمدون في حياتهم على الصيد، صيد الأسماك وجمع النباتات الصالحة للأكل.
* المجتمعات الزراعية: (من 12.000 سنة قبل الميلاد إلى اليوم). وهى مجتمعات وجدت وما زالت توجد في العديد من أرجاء الكرة الأرضية وتتميز بما يلي
ـ أساسها مجتمعات محلية ريفية صغيرة تنعدم فيها المدن.
ـ بها مستوى من التفاوت الاجتماعي أكبر من ذلك الذي يميز مجتمعات الصيد والجمع.
ـ تعتمد في حياتها على الزراعة التي عادة ما تكمّل بالصيد والجمع.
* المجتمعات الرعوية: (من 12.000 سنة قبل الميلاد إلى اليوم). نوع من المجتمعات الإنسانية وجد ومازال يوجد في أنحاء كثيرة من العالم. تتميز المجتمعات الرعوية بما يلي:
ـ العناية بالحيوانات المستأنسة لتوفير المتطلبات المادية.
ـ يتفاوت حجمها من عدة مئات إلى عدة آلاف من الناس.
ـ تتميز بتفاوت اجتماعي واضح.
ـ تحكم بواسطة القادة والمحاربين.
* الدول والحضارات التقليدية: (من 6.000 سنة قبل الميلاد إلى اليوم). نوع من المجتمعات يعرف بالحضارات القديمة وجد في كل أنحاء العالم تقريباً. مثال ذلك الحضارة الفرعونية، الصينية و الرومانية وتتميز بما يلي:
ـ تعتمد على الزراعة بشكل كبير.
ـ توجد بها بعض المدن.
ـ ضخمة في حجمها حيث بلغ سكان بعضها الملايين من الناس.
ـ يوجد بها تفاوت اجتماعي بين مختلف الطبقات.
ـ بها جهاز حكومي مميز يرأسه ملك أو إمبراطور.
ب/ مجتمعات العالم الحديث
أدى التصنيع أو ظهور الآلة في الإنتاج إلى الاختفاء الفعلي للمجتمعات قبل الحديثة. وتعنى الثورة الصناعية حزمة معقدة من التغيرات التقنية حدثت في إنجلترا القرن الثامن عشر وأثرت على كيفية اكتساب الناس لمعيشتهم. أثر ذلك على كل جوانب المجتمع بما فيها النظام السياسي. المجتمعات الصناعية هي أول الدول القومية ـ مجتمعات سياسية ذات حدود واضحة تفصل بينها.
أدى نمو المجتمعات الصناعية وتمدد الغرب وتوسعه إلى احتلال معظم أجزاء العالم، كما أن الاستعمار غيّر جذريا الأنساق الاجتماعية والثقافية التي رسخت عبر فترات طويلة من الزمن. وعلى الرغم من أن معظم المستعمرات قد نالت استقلالها لكن أثر الاستعمار يمكن ملاحظته في معظم الدول النامية.
اشتمل نشوء العلاقات الاجتماعية العالمية على تفاوتات كبرى بين العالم الأول أو الصناعي والمجتمعات النامية. التفاوتات الكبيرة في الثروة ومستويات المعيشة هي التي تفصل بين الدول الصناعية الغنية والدول النامية الفقيرة.
توجد معظم المجتمعات النامية في مناطق من العالم مرت بالحكم الاستعماري الغربي. وبعضها أصبح دولاً مستقلة بعد الحرب العالمية الثانية. على الرغم من أن معظم المجتمعات النامية فقيرة مقارنة بالأمم الصناعية، إلا أن القليل منها يمر بنمو اقتصادي سريع، وهى التي تعرف بالاقتصاديات المصنعة حديثاً ـ مثال ذلك دول جنوب شرق آسيا.
هذا ويمكننا يمكننا تصنيف مجتمعات العالم الحديث كما يلي:
* مجتمعات العالم الأول: من القرن الثامن عشر إلى اليوم، وتشمل المجتمعات الغربية، اليابان، استراليا ونيوزيلندة، وتتميز بما يلي:
ـ تقوم على الإنتاج الصناعي والأعمال الحرة.
ـ يعيش معظم السكان في المدن والحواضر.
ـ بها تفاوت طبقي كبير.
ـ تشكل مجتمعات سياسية أو دول قومية مميزة.
* مجتمعات العالم الثاني: من بداية القرن العشرين إلى التسعينات من القرن الماضي، وشملت الاتحاد السوفيتي السابق ودول شرق أوروبا، وتميزت بما يلي:
ـ قامت على الصناعة لكن النظام الاقتصادي كان يخطط مركزياً.
ـ كان معظم السكان يعيشون في المدن والحواضر.
ـ مجتمعات سياسية مميزة أو دول قومية.
تسير معظم هذه المجتمعات في اتجاه أن تصبح جزءاً من العالم الأول.
* مجتمعات العالم الثالث: من القرن الثامن عشر إلى اليوم وتشمل الصين، الهند ومعظم الدول الإفريقية والأمريكية الجنوبية، وتتميز بما يلي:
ـ تعتمد على الزراعة.
ـ بعضها يقوم على اقتصاد السوق الحر بينما يعتمد بعضها على التخطيط الاقتصادي المركزي.
ـ مجتمعات سياسية مميزة أو دولاً قومية.
*الدول المصنعة حديثاً: من 1970 إلى اليوم، وتشمل هونغ كونغ، كوريا الجنوبية، سنغافورة، تايوان، البرازيل والمكسيك وتتميز بما يلي:
ـ كانت جزءاً من العالم الثالث وتعتمد الآن على الإنتاج الصناع واقتصاد السوق الحر.
ـ يعيش معظم الناس في المدن والحضر.
ـ تفاوت اجتماعي كبير بين الطبقات.
ـ متوسط الدخل القومي أقل من ما هو موجود في العالم الأول.
3/6 تأثير العولمة
يمكن تعريف العولمة بأنها الزيادة في الاتصال العالمي والاعتماد الاقتصادي المتبادل، وهى تمثل ما هو أكثر من النمو في وحدة العالم. لقد تم الاعتراف بالزمن والمسافة في طرق تقربنا من بعضنا البعض لكن أنماط العلاقات الاجتماعية الجديدة الناتجة من هذه العملية ( العولمة ) ما زالت عرضة لنفس المظالم والتفاوتات التي ظللنا نصارع باستمرار من أجل فهمها وتغييرها.
لا يوجد مجتمع بشرى على وجه الأرض يعيش في حالة عزلة من المجتمعات الأخرى. كما أن العولمة أدت إلى الاعتماد المتبادل بين مجتمعات العالم. لكن من غير المتوقع تلاشى التنوع الثقافي بسبب العولمة.
تأثير الثقافة العالمية المتزايدة النمو استفز العديد من ردود الأفعال على المستويات المحلية، فالعديد من الثقافات المحلية استعادت شبابها ـ إن جاز التعبير ـ ويرجع ذلك جزئياً إلى رد الفعل تجاه انتشار الثقافة العالمية. وأحد تجليات ذلك عودة القومية والتي تعنى الشعور بانتماء الفرد إلى شعبه ويُعبّر عن ذلك من خلال حزمة من المعتقدات المشتركة التي يتمسك بها بقوة. لذلك، فإنه على الرغم من فعالية قوى العولمة تبقى الثقافات المحلية قوية ومزدهرة.
تشتمل الثقافة على القيم التي يتمسك بها أعضاء جماعة معينة، المعايير التي يتبعونها والمنتجات المادية التي يوجدونها. المجتمع نسق من العلاقات المتداخلة التي تربط بين الأفراد. ولا يمكن وجود ثقافة بدون مجتمع، وبطريقة مساوية لا يمكن وجود مجتمع بدون ثقافة.
في هذا الفصل سنتعرف على بعض المفاهيم الضرورية التي ستساعدنا على فهم الثقافة بصورة أفضل. وهذه المفاهيم تشمل: العموميات الثقافية، الثقافة الفرعية، المركزية الثقافية، النسبية الثقافية. إضافة إلى ذلك سنتعرف على الأنماط الأساسية للمجتمع الانسانى، تاريخها وتغيرها، وأخيراً سنتعرف على تأثير العولمة على الثقافة والمجتمع.
3/1 مفاهيم الثقافة
في هذه الفقرة نقوم بتعريف بعض المفاهيم الأساسية للثقافة وهى:
* الثقافة: عبارة عن مجموعة القيم التي يتمسك بها أعضاء جماعة معينة، المعايير التي يتبعونها في حياتهم، والمنتجات المادية التي يوجدونها.
* القيم: أفكار مجردة يتمسك بها أفراد مجتمع ما. مثال لذلك الزواج الأحادي من القيم الأساسية في المجتمعات الغربية
* المعايير: مبادئ محددة أو قواعد للسلوك يتوقع أن يطيعها أفراد مجتمع ما.
* المجتمع: نسق من العلاقات يربط أفراداً يحملون نفس الثقافة. تربط بين الثقافة والمجتمع صلة وثيقة كما أن الاختلافات الثقافية ترتبط باختلاف أنواع المجتمعات. وكما أسلفنا سابقاً، لا يمكن وجود ثقافة بدون مجتمع أو مجتمع بدون ثقافة.
* المركزية الثقافية: تعنى الحكم على الثقافات الأخرى بناءً على معايير ثقافة الفرد نفسه.
* الثقافات المغايرة: جماعات ترفض القيم والمعايير السائدة في المجتمع.
* التشكيلات الثقافية: سكان يتكونون من عدد من الجماعات من خلفيات ثقافية، أثنية ولغوية مختلفة.
3/2 تطور الثقافة الإنسانية
يوجد تداخل وثيق بين الثقافة الإنسانية والبيولوجيا الإنسانية. ولقد عملت الثقافة على تحرير الإنسان الأول من حزم الاستجابات المحددة غريزياً و جينياً نحو البيئة، وهو ما ميزه من الأنواع الأخرى من الحيوانات.
تختلف الثقافات في مختلف البيئات اختلافاً واسعاً نتيجة لأنواع التكيف التي شكل الناس عن طريقها ثقافاتهم لتناسب الظروف الجغرافية والمناخية المعينة.
3/3 جدل الطبيعة والتنشئة
يركز علماء الأحياء وبعض علماء النفس على العوامل البيولوجية في تشكيل تفكير الإنسان وسلوكه، بينما يشدد علماء الاجتماع على دور التعلم والثقافة.
يرى علم الأحياء الاجتماعي أن تكويننا الجيني مسئول عن العديد من جوانب الحياة الاجتماعية. وكتابات علماء الأحياء الاجتماعيين تبدو مهمة بشكل أساسي في رؤاها التي تتعلق بسلوك الحيوانات في حين أن أفكارهم عن الحياة الاجتماعية للبشر تخمينية في معظمها. سلوكنا يتأثر جينياً، لكن مكوناتنا الجينية من المحتمل فقط أن تشكل إمكانيات سلوكنا وليس المحتوى الفعلي لنشاطاتنا. ويقر معظم علماء الاجتماع اليوم بدور الطبيعة لكنهم لا يعتقدون "أن علم الأحياء هو المصير".
يتساءل علماء الاجتماع عن كيف أن الثقافة والتنشئة يتفاعلان لإنتاج السلوك الإنساني. الاهتمام الأساسي هو كيف أن طرقنا المختلفة للتفكير والفعل يتم تعلمها في التفاعل مع الأسرة، الأصدقاء، المدارس ، التلفزيون وكل وجه آخر من البيئة الاجتماعية.
3/4 الثقافة في المجتمع
المجتمعات الحديثة توجد بها ثقافات فرعية، وأجزاء صغيرة من المجتمع تتميز بنظم سلوك متفردة. إلا أنه من النادر ما تتيه قيم الثقافات الفرعية عن الثقافة السائدة في المجتمع.
عند دراستنا للثقافات الأخرى يظهر شرك المركزية الثقافية و التي تعنى الحكم على الثقافات الأخرى وفقاً لمعاييرنا الخاصة. يحاول علماء الاجتماع تجنب ذلك عن طريق ممارسة النسبية الثقافية: الحكم على المجتمع بمعاييره هو.
من المكونات الثقافية المهمة ما يعرف بالعموميات الثقافية، وهى أشكال من السلوك توجد في كل الثقافات تقريباً مثل اللغة، مؤسسات الزواج، الأسرة، الدين والملكية وهي عموميات ثقافية.
امتلاك لغة يعتبر أهم الصفات الثقافية المميزة. ولكل ثقافة لغتها، وهناك عدة آلاف من اللغات التي يُتحدث بها في عالم اليوم.
تُعد كتابة اللغة تطوراً ملحوظاً في التاريخ الإنساني، وقد بدأت كوسيلة لتخزين المعلومات وإعداد القوائم بالأحداث المهمة. لكن كما نعلم، النص ليس كلاماً مكتوباً، وتأخذ اللغة خاصيات مختلفة عندما توضع على الورق، والمجتمع الذي بدأ بإعداد قوائم عن الأحداث المهمة استطاع تحويل اللغة إلى مقدرة لتحديد موقعه في الزمان والمكان.
أشار عدد من الباحثين إلى فرضية النسبية اللغوية و التي تعنى أن اللغة التي نستخدمها تؤثر على إدراكنا للعالم. السلوك الإنساني يتوجه نحو رموز نستخدمها لتمثيل " الواقع " وليس الواقع نفسه، كما أن تلك الرموز تتحدد داخل ثقافة معينة.
الرموز التي يعبر عنها في الكلام والكتابة هي واحدة من الطرق الأساسية التي تتشكل بها المعاني الثقافية ويعبر عنها، لكن اللغة ليست الشكل الرمزي الثقافي الوحيد. السلوك والمواضيع المادية يمكن أن تكون دلالية أيضاً، والشيء الدلالي هو كل ما يحمل معنى، كما أن تحليل المعاني الثقافية غير اللغوية مفيد في المقارنة بين ثقافة وأخرى.
3/5 عالم يختفي: المجتمعات قبل الحديثة ومصيرها
أ/ المجتمعات قبل الحديثة الأساسية:
المجتمعات قبل الحديثة مصطلح يستخدم ليدل على الأنواع التالية من المجتمعات الإنسانية:
* مجتمعات الصيد والجمع: (من 50.000 سنة قبل الميلاد إلى اليوم). مجتمعات الصيد والجمع مجتمعات إنسانية وجدت في أنحاء مختلفة من العالم وبعضها يوجد حتى اليوم في أفريقيا وأمريكا الجنوبية إضافة إلى مناطق أخرى. وتتميز هذه المجتمعات بالميزات التالية:
ـ مستوى محدود من التفاوت الاجتماعي.
ـ الاختلاف في المكانة الاجتماعية يحدده عمر الشخص ونوعه.
ـ بها أعداد قليلة من الناس الذين يعتمدون في حياتهم على الصيد، صيد الأسماك وجمع النباتات الصالحة للأكل.
* المجتمعات الزراعية: (من 12.000 سنة قبل الميلاد إلى اليوم). وهى مجتمعات وجدت وما زالت توجد في العديد من أرجاء الكرة الأرضية وتتميز بما يلي
ـ أساسها مجتمعات محلية ريفية صغيرة تنعدم فيها المدن.
ـ بها مستوى من التفاوت الاجتماعي أكبر من ذلك الذي يميز مجتمعات الصيد والجمع.
ـ تعتمد في حياتها على الزراعة التي عادة ما تكمّل بالصيد والجمع.
* المجتمعات الرعوية: (من 12.000 سنة قبل الميلاد إلى اليوم). نوع من المجتمعات الإنسانية وجد ومازال يوجد في أنحاء كثيرة من العالم. تتميز المجتمعات الرعوية بما يلي:
ـ العناية بالحيوانات المستأنسة لتوفير المتطلبات المادية.
ـ يتفاوت حجمها من عدة مئات إلى عدة آلاف من الناس.
ـ تتميز بتفاوت اجتماعي واضح.
ـ تحكم بواسطة القادة والمحاربين.
* الدول والحضارات التقليدية: (من 6.000 سنة قبل الميلاد إلى اليوم). نوع من المجتمعات يعرف بالحضارات القديمة وجد في كل أنحاء العالم تقريباً. مثال ذلك الحضارة الفرعونية، الصينية و الرومانية وتتميز بما يلي:
ـ تعتمد على الزراعة بشكل كبير.
ـ توجد بها بعض المدن.
ـ ضخمة في حجمها حيث بلغ سكان بعضها الملايين من الناس.
ـ يوجد بها تفاوت اجتماعي بين مختلف الطبقات.
ـ بها جهاز حكومي مميز يرأسه ملك أو إمبراطور.
ب/ مجتمعات العالم الحديث
أدى التصنيع أو ظهور الآلة في الإنتاج إلى الاختفاء الفعلي للمجتمعات قبل الحديثة. وتعنى الثورة الصناعية حزمة معقدة من التغيرات التقنية حدثت في إنجلترا القرن الثامن عشر وأثرت على كيفية اكتساب الناس لمعيشتهم. أثر ذلك على كل جوانب المجتمع بما فيها النظام السياسي. المجتمعات الصناعية هي أول الدول القومية ـ مجتمعات سياسية ذات حدود واضحة تفصل بينها.
أدى نمو المجتمعات الصناعية وتمدد الغرب وتوسعه إلى احتلال معظم أجزاء العالم، كما أن الاستعمار غيّر جذريا الأنساق الاجتماعية والثقافية التي رسخت عبر فترات طويلة من الزمن. وعلى الرغم من أن معظم المستعمرات قد نالت استقلالها لكن أثر الاستعمار يمكن ملاحظته في معظم الدول النامية.
اشتمل نشوء العلاقات الاجتماعية العالمية على تفاوتات كبرى بين العالم الأول أو الصناعي والمجتمعات النامية. التفاوتات الكبيرة في الثروة ومستويات المعيشة هي التي تفصل بين الدول الصناعية الغنية والدول النامية الفقيرة.
توجد معظم المجتمعات النامية في مناطق من العالم مرت بالحكم الاستعماري الغربي. وبعضها أصبح دولاً مستقلة بعد الحرب العالمية الثانية. على الرغم من أن معظم المجتمعات النامية فقيرة مقارنة بالأمم الصناعية، إلا أن القليل منها يمر بنمو اقتصادي سريع، وهى التي تعرف بالاقتصاديات المصنعة حديثاً ـ مثال ذلك دول جنوب شرق آسيا.
هذا ويمكننا يمكننا تصنيف مجتمعات العالم الحديث كما يلي:
* مجتمعات العالم الأول: من القرن الثامن عشر إلى اليوم، وتشمل المجتمعات الغربية، اليابان، استراليا ونيوزيلندة، وتتميز بما يلي:
ـ تقوم على الإنتاج الصناعي والأعمال الحرة.
ـ يعيش معظم السكان في المدن والحواضر.
ـ بها تفاوت طبقي كبير.
ـ تشكل مجتمعات سياسية أو دول قومية مميزة.
* مجتمعات العالم الثاني: من بداية القرن العشرين إلى التسعينات من القرن الماضي، وشملت الاتحاد السوفيتي السابق ودول شرق أوروبا، وتميزت بما يلي:
ـ قامت على الصناعة لكن النظام الاقتصادي كان يخطط مركزياً.
ـ كان معظم السكان يعيشون في المدن والحواضر.
ـ مجتمعات سياسية مميزة أو دول قومية.
تسير معظم هذه المجتمعات في اتجاه أن تصبح جزءاً من العالم الأول.
* مجتمعات العالم الثالث: من القرن الثامن عشر إلى اليوم وتشمل الصين، الهند ومعظم الدول الإفريقية والأمريكية الجنوبية، وتتميز بما يلي:
ـ تعتمد على الزراعة.
ـ بعضها يقوم على اقتصاد السوق الحر بينما يعتمد بعضها على التخطيط الاقتصادي المركزي.
ـ مجتمعات سياسية مميزة أو دولاً قومية.
*الدول المصنعة حديثاً: من 1970 إلى اليوم، وتشمل هونغ كونغ، كوريا الجنوبية، سنغافورة، تايوان، البرازيل والمكسيك وتتميز بما يلي:
ـ كانت جزءاً من العالم الثالث وتعتمد الآن على الإنتاج الصناع واقتصاد السوق الحر.
ـ يعيش معظم الناس في المدن والحضر.
ـ تفاوت اجتماعي كبير بين الطبقات.
ـ متوسط الدخل القومي أقل من ما هو موجود في العالم الأول.
3/6 تأثير العولمة
يمكن تعريف العولمة بأنها الزيادة في الاتصال العالمي والاعتماد الاقتصادي المتبادل، وهى تمثل ما هو أكثر من النمو في وحدة العالم. لقد تم الاعتراف بالزمن والمسافة في طرق تقربنا من بعضنا البعض لكن أنماط العلاقات الاجتماعية الجديدة الناتجة من هذه العملية ( العولمة ) ما زالت عرضة لنفس المظالم والتفاوتات التي ظللنا نصارع باستمرار من أجل فهمها وتغييرها.
لا يوجد مجتمع بشرى على وجه الأرض يعيش في حالة عزلة من المجتمعات الأخرى. كما أن العولمة أدت إلى الاعتماد المتبادل بين مجتمعات العالم. لكن من غير المتوقع تلاشى التنوع الثقافي بسبب العولمة.
تأثير الثقافة العالمية المتزايدة النمو استفز العديد من ردود الأفعال على المستويات المحلية، فالعديد من الثقافات المحلية استعادت شبابها ـ إن جاز التعبير ـ ويرجع ذلك جزئياً إلى رد الفعل تجاه انتشار الثقافة العالمية. وأحد تجليات ذلك عودة القومية والتي تعنى الشعور بانتماء الفرد إلى شعبه ويُعبّر عن ذلك من خلال حزمة من المعتقدات المشتركة التي يتمسك بها بقوة. لذلك، فإنه على الرغم من فعالية قوى العولمة تبقى الثقافات المحلية قوية ومزدهرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق