مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات تأمل من زوارها الكرام المشاركة في الاستطلاعات التي تجريها بفعالية نظرا لفائدتها العالية
مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات هي شركة تضامن لبنانية مسجلة تحت الرقم 489 تتنشط في مجال الدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية والتربوية والاجتماعية والادارية والثقافية والتنمية والارشاد الاسري والاجتماعي ، واصدار المنشورات المتخصصة ، وتقديم الاستشارات في المجالات المذكورة وتوقيع الاتفاقيات مع الجامعات والمؤسسات والشركات الوطنية والعالمية على انواعها والقيام بالاستطلاعات والابحاث العلمية والدراسات المتخصصة في لبنان والخارج - نتمنى لكم زيارة ممتعة

17‏/12‏/2010

الإتنولوجية


الإتنولوجية ethnology هي العلم الذي يدرس الأجناس والسلالات البشرية في نشأتها وخصائصها المميزة ونموها وتطورها والعوامل التي خضعت لها في هذا التميّز. ويهتم هذا العلم كذلك بدراسة الفروض والنظريات التي وضعت لتصنيف الشعوب على أساس الخصائص والمميزات السلالية والثقافية، وبيان مدى إمكان رد الإنسانية إلى جنس واحد أو أكثر، وما يثار من جدل حول الجنس الأمثل، والفروق العنصرية وأثرها في التنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وقد يقتصر هذا العلم على دراسة الشعوب والثقافات، وتاريخ حياة الجماعات دون النظر إلى مدى تطورها وتقدمها. وقد عرفت الإتنولوجية كذلك بأنها علم تصنيف الشعوب على أساس خصائصها ومميزاتها السلالية والثقافية، وتفسير توزعها في الماضي والحاضر نتيجة لتحركها واختلاطها وانتشار الثقافات.
    وتستفيد الإتنولوجية عملياً من البيانات التي تزودها بها الإتنوغرافية، ويقوم الباحث الإتنولوجي بعد ذلك بتصنيف الحضارات إلى مجموعات أو أشكال على أساس مقاييس معينة، وبتحليلها واستخلاص المبادئ منها، ليعمد، بعد تحديد موضوع دراسته، إلى إقامة الفروض والنظريات التي تتعلق بطبيعة التصرفات الإنسانية، والنماذج الحضارية ووظائفها، ووضع الطرائق والوسائل لمعرفة صحتها. وعلى هذا فالإتنولوجية تهتم بتحليل معطيات المجتمع المحلي في ضوء النظريات المختلفة، وبإقامة مقارنات بين المجتمعات والأنماط الحضارية، إذ يرمي الإتنولوجي إلى الوصول إلى قوانين عامة للعادات الإنسانية وظاهرة التغير الحضاري، وآثار الاتصال بين الحضارات المختلفة.
    ويدخل في الإتنولوجية عدد كبير من التخصصات كدراسة الأساطير والآداب الشعبية والموسيقى واللغات والرقص ونظم القرابة والأسرة في المجتمعات البدائية، بالإضافة إلى البحث في الأنشطة الاقتصادية لتلك المجتمعات وأنظمتها الحكومية والقانونية والدينية.
    وتقوم الإتنولوجية بدراسة كل حضارة يمتاز بها مجتمع ما من غيره، فتبحث في النظم السياسية والاقتصادية والدين والتقاليد والفنون الشعبية وفروع المعرفة والفنون الصناعية والمثل العليا والفلسفات، أي إنها تبحث عن كل ما يتعلق بهذا المجتمع من مسائل حضارية.
    وقد اعتمدت الأصول الأولى للإتنولوجية في المستويين النظري والمنهجي، على الوصف والتحليل في دراسة ما خلفته الشعوب القديمة من حكايات شعبية وأساطير معقدة وذلك بقصد استنباط أنماط من الإنجازات الحضارية المهمة التي تشكل منعطفات في تاريخ تطور الإنسان، كاكتشاف النار واختراع بعض الأدوات والفنون المفيدة أو صنعها، أو البدايات الأولى للتقنيات المختلفة المستخدمة في إنتاج الطعام.
    ومنذ عصر الاكتشافات الكبرى في القرن الخامس عشر الميلادي تقريباً بدأت تتراكم كمية من المعلومات تجمعت على يد الرحالة والمبشرين والجنود، امتزج فيها الوصف بالتراث الشعبي وحكايات العجائز والمسنين، إذ كتب المؤرخون عن خبراتهم الشخصية وعن الأقاصيص والأساطير التي صادفوها أو سمعوها في رحلاتهم. وهكذا فإن مصادر المعلومات كانت مبنية على التحليلات الصورية وما تتناقله الأفكار والألسن، لهذا تعرضت جوانب كثيرة من هذه المعلومات للتشويه، ذلك أن معظم الرحالة كانوا ينظرون إلى الشعوب والحضارات الأجنبية من منظار ميولهم الثقافية المتعصبة.
    الإتنولوجية والإتنوغرافية
    يتضح الارتباط الوثيق بين الإتنولوجية والإتنوغرافية من التركيب اللغوي لكل منهما، فالمعنى اللفظي لاصطلاح الإتنوغرافية يتحدد بالكتابة عن الأجناس، إذ تعني كلمة «أتنو» الجنس، وكلمة «غرافية» الكتابة. أما الدراسة في الإتنوغرافية فتقتصر على الناحية الوصفية للحضارات، وتكون مهمة الباحث الإتنوغرافي جمع البيانات من دون تقديم تفسير أو تحليل لها، أي أنها تنصب على وصف حضارة ما من دون أي تعليق عليها.
    وجاء في معجم العلوم الاجتماعية أن الإتنوغرافية تعني «وصف الشعوب» فهي الدراسة الوصفية للمجتمعات الإنسانية، ولاسيما المجتمعات البدائية، أو التي لاتزال في مراحل متأخرة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياًَ وفكرياً. وتُعنى كذلك بجمع المعلومات وشرحها بطريقة وصفية أكثر مما تعنى بتحليلها واستخلاص بعض الفروض والنظريات منها. إلا أن الإتنوغرافية استطاعت في منتصف القرن التاسع عشر أن تغذي الأنتروبولوجية بأبحاث نظرية.
    وقد قام العرب بدراسات إتنوغرافية منذ عهد بعيد، واشتهر رحالتهم بالكشف عن معالم مجتمعات مختلفة، وفي مقدمتهم المسعودي (ت346هـ/956م) في كتابه «مروج الذهب ومعادن الجوهر» وابن حوقل (ت380هـ/990م) صاحب كتاب «صورة الأرض» والمقدسي (ت380هـ/990م) صاحب كتاب «أحسن التقاسيم» والإدريسي (ت560هـ/1165م) صاحب «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق»، وابن بطوطة (ت779هـ/1377م) صاحب «تحفة الأنظار في عجائب الأسفار». وتوسع الرحالة الأوربيون في دراساتهم فيما بعد ولاسيما بعد الكشف عن العالم الجديد.
    تبدأ الدراسات الإتنوغرافية بوصف البيئة المادية للمجتمع المحلي موضع الدراسة، فتصف مكان المجتمع والمسكن والملابس والأدوات، ثم ينتقل الباحث إلى وصف القطاع الاجتماعي لثقافة هذا المجتمع الذي يتضمن النظم الاجتماعية المختلفة فيه، وأهمها النظم الاقتصادية والسياسية والدينية والتربوية وأواصر القرابة والزواج، وقواعد الضبط الاجتماعي، والتنشئة الاجتماعية، وينتقل الباحث أخيراً إلى وصف القطاع الفكري والرمزي لثقافة المجتمع، وهنا يهتم بوصف لغة المجتمع وفنونه وقيمه.
    إلا أن الدراسات الإتنوغرافية الفردية تختلف في تصنيف الموضوعات التفصيلية وترتيبها. وهكذا تتصف الإتنوغرافية بالعرض الشامل للمجتمع المحلي موضوع الدراسة، وبغلبة أسلوب الوصف وتقرير الوقائع كما هي، وتتصف بفردية البحث إذ لا يتم البحث الإتنوغرافي إلا عن المجتمعات المحلية الصغيرة الحجم.
    الإتنولوجية وعلم الآثار
    يدرس علم الآثار ماضي الإنسان، ويبحث في الحضارات القديمة، والمراحل البعيدة للمدنيات الغابرة، ويرمي إلى تحديد التغير الحضاري وتتابعه على مر العصور، ويهدف كذلك إلى إعادة بناء الحياة الاجتماعية لمجتمعات ما قبل التاريخ. وهناك اختلاف كبير بين طبيعة دراسة كل من التاريخ وعلم الآثار فعالم التاريخ يدرس الأزمنة المسجلة كتابة للمدنيات الكبرى، والحوادث الماضية المؤرخة،إذ يعتمد،إلى حد كبير، على الوثائق والمخطوطات وغيرها من الوسائل التي تنقل أحداث التاريخ بمنتهى الدقة والتحديد، في حين يهتم الإتنولوجي وعالم الآثار بالحقب والمراحل التاريخية الطويلة التي قضاها الإنسان قبل معرفة القراءة والكتابة. فإذا كانت الكتابة قد اخترعت منذ نحو 5 آلاف عام فإن أول حضارة إنسانية يرجع تاريخها إلى نحو مليون عام، هذا بالإضافة إلى أن الكتابة لم تكن من نصيب جميع الشعوب، حتى أن بعض المجتمعات المعاصرة لا تعرف الكتابة حتى الآن. فالإتنولوجي، وإن كان يستخدم الوثائق المكتوبة للحضارات الماضية، يعتمد اعتماداً رئيسياً على بقايا الحضارات التي خلفها الإنسان، إذ ينصب اهتمامه حول الآثار ليرسم صورة أقرب ما تكون إلى الأصل المنقرض وإن لم تطابقه، وذلك باستخدام أساليب دقيقة في القياس ليصل إلى أكبر قدر ممكن من الدقة والتحديد في القياس الزمني.
    وقد توصل العلماء إلى أساليب دقيقة لحفر طبقات الأرض التي يحتمل وجود بقايا حضارية فيها، كما اهتدوا إلى طرائق دقيقة لفحص تلك البقايا وتسجيلها، وتحديد المواقع التي توجد فيها وتصنيفها لتعرّفها ومقارنتها بعضها ببعض، ويستطيع العلماء بوساطة تلك الطرائق استنتاج الكثير من المعلومات عن الحضارات القديمة وتغيراتها واتصالاتها بغيرها.
    ويتعاون علماء الآثار مع الإتنولوجيين والأنتروبولوجيين والمؤرخين في أبحاثهم، ويستفيدون كذلك من أبحاث علماء الجيولوجية والنبات والحيوان والمناخ ودراساتهم في تاريخ هوية البقايا التي يكتشفونها وتحقيقها، وأكثر ما يتعاون علماء الآثار مع علماء الأنتربولوجية الطبيعية وذلك لكثرة وجود الحفريات الإنسانية مع البقايا الحضارية.
    الإتنولوجية وعلم اللغات
    يهتم علم اللغات بلغات المجتمعات المدروسة من حيث أصولها وتطويرها وتركيبها، ويختلف الإتنولوجي عن دارس اللغات لمجرد معرفتها، أو عن دارس الأدب الذي يهتم بالأعمال الأدبية، أو عن الفقيه اللغوي الذي ينظر إلى اللغة وسيلةً لفهم أدق معالم التاريخ من الناحية الأدبية. فالإتنولوجي يرمي إلى الكشف عن الأصول التاريخية لنشأة اللغة عموماً والمجموعات المتشابهة فيها على وجه الخصوص، ويقارن اللغات بعضها ببعض ليحدد الظواهر اللغوية الشائعة بينها على وجه العموم، وفي ضوء ذلك يتمكن من فهم العمليات والظروف التي أدت إلى نشأة اللغات وتطويها واختلافها. وكذلك يسجل لغات المجتمعات البدائية ليحيلها إلى لغات مكتوبة تخضع للتحليل اللفظي ومن ثم يستخرج مضمونها الحضاري. والإتنولوجي لايربك نفسه بالمشكلات اللغوية البحتة، إذ إن العلاقة بين لغة القوم وحضارتهم تلقى منه اهتماماً بالغاً ومثال ذلك العلاقة بين اللهجة والمرتبة الاجتماعية. وكذلك يهتم أيضاً بدراسة بعض العبارات والمقاطع التي يقتصر استعمالها على الطقوس والشعائر فقط، ويجري مقارنة بين التغيير الاجتماعي الحاصل لحضارة  مجتمع ما، وما ينعكس من تغير موازٍ على مفردات لغة هذا المجتمع. ويركز الإتنولوجي اهتمامه في الكشف عن كيفية نقل اللغة من جيل إلى جيل، وكيف أن مثل عمليات التوريث اللغوي هذه تنقل معها بالتالي عقائد المجتمع وتقاليده وأعرافه. وبعبارة أخرى فإن الإتنولوجي اللغوي ينظر أساساً إلى الدور المهم الذي تقوم به اللغة القائمة بين لغة مجتمع من المجتمعات الإنسانية وحضارته.
    وبهذا تعدّ اللغة من أهم عناصر الحضارة، والتبادل بينهما واضح. وينقسم علم اللغات إلى قسمين أساسيين يتمثلان بما يلي:
    علم اللغات الوصفي: ويهتم بتحليل اللغات في زمن محدد، ويدرس النظم الصوتية، وقواعد اللغة والمفردات. ويعتمد الإتنولوجي اللغوي في دراسته على اللغة الكلامية، ولذلك يستمع إلى المواطنين، لأن معظم أبحاثه تتعلق بلغات كلامية لم تكتب بعد، فيقوم بكتابة تلك اللغات، عن طريق استخدام رموز دولية متعارف عليها. وتتركز معظم هذه الدراسات في المجتمعات البدائية، التي لم تعرف القراءة والكتابة، ولكن لها لغة كلامية خاصة بها، إذ لايوجد مجتمع إنساني مهما تخلفت حضارته من دون لغة كلامية.
    علم أصول اللغات: ويختص بالجانب التاريخي والمقارن، إذ يدرس العلاقات التاريخية بين اللغات التي يمكن متابعة تاريخها عن طريق وثائق مكتوبة.
    وتتعقد المشكلة هنا في حال اللغات القديمة التي لم تترك وثائق مكتوبة، إلا أن هناك وسائل خاصة لبحث تاريخ اللغات، وتحديد أصولها الإنسانية.
    ومن الواضح أن العلاقة متينة بين علم اللغة والإتنولوجية الحضارية، وذلك لأن عليهما دراسة لغة المجتمع الذي يبحثانه، ولايتم ذلك إلا عن طريق دراسة مبادئ علم اللغات.
    ولعلم اللغات أقسام مستقلة في الجامعات، ويعود السبب في ذلك إلى إمكان دراسة اللغة وتحليل عناصرها دراسة مستقلة عن بقية عناصر الحضارة، ويقوم المتخصصون في تلك الأقسام بتدريس طلبة أقسام الأنتروبولوجية والإتنولوجية مادة اللغات وفروعها.
    وقد تقدم علم اللغات في العصر الحاضر ويستخدم الآن طرائق ومناهج وأدوات دقيقة في دراسة لغات العالم، وتوصل إلى قوانين عامة دقيقة.
    الإتنولوجية والأنتروبولوجية
    يتحدد الارتباط الوثيق بين الإتنولوجية والأنتروبولوجية بقيامهما بدراسة حضارة الإنسان وتمايزها، والطرائق التي يستجيب بها الإنسان إلى ذلك التمايز، والعناصر التي تكوّن الحضارة، والعوامل التي تدفع إلى انتشارها من مجتمع إلى آخر، وانتقالها من جيل إلى جيل في المجتمع الواحد. ويؤلف مجال الأنتروبولوجية الحضارية المحور الثالث لميدان الأنتروبولوجية إلى جانب كل من الأنتروبولوجية الطبيعية والأنتروبولوجية الاجتماعية، ويتوجه نحو دراسة العناصر التي تكوّن مضمون الحضارة بغية تعرف أصولها ومراحل تطورها. فإذا كانت الأنتروبولوجية الطبيعية تبحث في علم أصل الإنسان وارتقائه وانتظامه في سلالات، وكانت الأنتروبولوجية الاجتماعية تبحث في تطور الأنساق الاجتماعية وتباينها والعوامل التي تدفع إلى تكوين البناء الاجتماعي، فإن الأنتروبولوجية الحضارية تبحث في أسس تكوين الحضارات، وهو ما تشترك فيه مع الإتنولوجية بقاعدة عريضة ويكوّن ذلك القاسم الأعظم لاهتماماتهما.
    إن الإنسان كما هو معلوم يكتسب قدراته عن طريق التعلّم والتدرب وما يختزنه من تراث يتنقل عبر الأجيال، فتولد معارف عامة يستخدمها في علاقاته مع البيئة المادية ومع أخيه الإنسان. وتتمايز الحضارة الإنسانية من مجتمع إلى آخر، كما أنها تتصف بتجديد العلاقات الاجتماعية وتبدل الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وقد أعطى هذا التنوع مادة لعلماء الأنثروبولوجية الحضارية والإتنولوجية ليبحثوا في أسس تكوين الحضارات، وأنماط توزعها، وأسلوب انتشارها والعوامل التي تؤدي إلى انتقالها من جيل إلى آخر، والعناصر العامة التي تكوّن مضمون الحضارة، والرموز التي يستخدمها الإنسان في التعبير عنها. ويؤكد العلماء أهمية ذلك التمييز وأثره في سلوك الإنسان فالحضارة تضغط باتجاه التمايز بين المجتمعات من جهة والتصاق سلوك الأفراد برموز الحضارة ومعانيها من جهة أخرى.


abuiyad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق