مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات تأمل من زوارها الكرام المشاركة في الاستطلاعات التي تجريها بفعالية نظرا لفائدتها العالية
مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات هي شركة تضامن لبنانية مسجلة تحت الرقم 489 تتنشط في مجال الدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية والتربوية والاجتماعية والادارية والثقافية والتنمية والارشاد الاسري والاجتماعي ، واصدار المنشورات المتخصصة ، وتقديم الاستشارات في المجالات المذكورة وتوقيع الاتفاقيات مع الجامعات والمؤسسات والشركات الوطنية والعالمية على انواعها والقيام بالاستطلاعات والابحاث العلمية والدراسات المتخصصة في لبنان والخارج - نتمنى لكم زيارة ممتعة

08‏/12‏/2010

التراث والهوية فى ظل العولمة

الدكتور : علـــــى بــرهانه
تمــــــهــــــــيد
يتناول ما هو متناول من حديث فى الأوساط الإعلامية عن هذه الأمور الثلاثة ( التراث /الهوية /العولمة ) ومدى خطورة كل منها .
تعريفات :
ا/ التراث : فى اللغة ما ينقل للحى عن الميت سواء كان ماديا او معنويا ، واصله ( وراث ) قلبت فيه الواو ياءا وفى الاصطلاح : تعنى كلمة التراث الاتصال الزمني بين الأجيال ومعنى التلازم العضوي الذي لامفر منه على صعيد الحياة و الفكر كما تاتى ضلال تتصل بفكرة الانتماء القومي ووحدة الجماعة وسريان الماضي فى الحاضر ، اى معنى مايرثه القوم عن اسلافهم فيما يتعلق بالحضارة و الثقافة من جهة شقيها المعنوى و المادى ، مع مايتعلق بالتعامل معه من ادوات منهجية و اجرائية .
ب/ الهوية :
لها مفهوم فلسفى يتصل بكثرة المعانى فى الموضوع فيردها الا الوحدة فى الاشارة ، فمثلا ( ا فى هوية مع ب) ومعناها الة على الرغم من الاختلاف فى التعبير بين ا/ ب فان المقصود بها شى واحد فالهوية مايجعل شيئا ما متشابها تماما مع شى اخر .
وفى علم الاجتماع تثار مشكلة الهوية فيما يتعلق بهوية الشخص فى الاطار الاجتماعى بانه يشعر بالهوية مع اشخاص المجتمع الذى يعيش وينمو فيه ( ص 569/570) ( عبد الرحمن بدوى موسوعة الفلسفة ) اى مايوجد افراد المجتمع ويمنحهم سمات حضارية وثقافية تميزهم عن غيرهم من المجتمعات الاخرى .
ج/ العولمة :
تفيد فى المعنى العام اتصال العالم بعضه ببعض بدرجة شديدة حتى كانه قرية واحدة نتيجة تطور وسائل الاتصال وسرعتها وتداخل المصالح الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية و السياسية غير ان ذلك كله يرسخ هيمنة القوى الكبرى على الساحة العالمية ، وتمكن وسائلها المختلفة من السيطرة على المستويات السابقة وبذلك تصبح المجتمعات الصغرى و الضعيفة مهشمة وتابعة لتلك القوى وهى مهددة بالذوبان فى تلك الكيانات الضخمة .
3/ العلاقة بين لبتراث والهوية :ـ يبدو كل من التراث والهوية وجهان لعملة واحدة ، فليس لاحدهما انفصال عن الاخر ، ونحن لا نتصور هوية دون تراث ولا العكس ، وهنا مصدر الاشكالية التى تثير السوال لا يمكن تجاهله هل تتحدد هوية مجتمع ما على اساس التراث وحده ؟ ان اجابة هذا السوال هى ما نحن بصدد قوله فيما ياتى .
4/ اهمية التراث فى تحقيق الهوية :ـ
لما كان التراث يمثل التراكم الثقافى و الحضارى من جهة ، والتعاطى المعرفى معه من جهة اخرى اى التراث بوصفه مادة متاحة للسلوك من جهة وادوات معرفية ( ايستمولوجية ) من جهة اخرى ، اى طريقة خاصة فى الحياة ، فانه المحدد الاساس الذى تتاسس عليه الهوية ، هنا يتسع مفهوم التراث ليشمل الحاضر والمستقبل ، فتكتسب الامة تبعا لذلك هويتها فى ضوء تراثها ، وهذه الهوية هى التى تعطى لهذه الامة السمات العامة ( مايميزها عن غيرها ) ويحدد تبعا لذلك عطاءها فى الحضارة فى الحضارة الانسانية وقيمة هذا العطاء .
5/ خطورة التراث ( مكانته )
ان التراث من الاهمية بدرجة تجعله ويكون الاسس الذى يقوم عليه اى مجتمع وذلك انه طبقا لقيمة هذا التراث وكيفية التعاطى معه ينبوا المجتمع مكانته فى الحضارة الانسانية .
أ/ قيمة التراث : يتصل الامر هنا بمقدار ماقام به التراث فى الماضى من دور فاذا كان هذا التراث اسهاما حضاريا من الاسهامات الانسانية التى مثلت محطات التاريخ البشرى ساهمت فى نقلة الانسانية من حقبة تاريخية الى اخرى وحققت مكاسب انسانية ما، فان القيمة تظل عالقة به لانه يحققها بواسطة منهج فى التفكير يكون قابلا للافادة والاستفادة ، واذا كان غير ذلك فتكون قيمته تنتهى بانتهاء الماضي الذى وجد فيه .
ب/ التعاطي مع التراث :
وهنا تكمن الخطورة الكبرى ، فقد يكون التعاطى مع التراث ذا طابع تزيينى ينظر اليه الرضى ويمجده ، ولا يرضى بديلا عنه ، وقد يكون عكس ذلك يرى فيه مصدر اعاقة فيتنكر له ويدعو للقطيعة معه .
وكلا النظريتين خطا فيجب الوعى بالتراث والوعى بالتاريخ فالاول دون الثانى يمثل جمودا ، والثانى دون الاول يمثل قطيعة ( ابيستمولوجية ) ضد تاريخية الانسان . اى ان هناك محاذير من الاسئلاب ومن الانكفاء نتيجة للدور البارز للحضارة الغربية وجدت نظرتان للتراث العربى ومصدر كل منها الخوف على الهوية العربية اى ادارة ان يتبوا المجتمع العربى المكان الللائق به سواء بالقياس ماضيه المجيد او الى واقعيه وامكاناته البشرية و المادية .
أ/ نظرة تراثية تنفى الاخر وتدعو الى الرجوع للحظات المشرقة فى التراث واستلهامها ولكنها تظل نظرة حبيسة لتلك اللحضات ، فيدير ظهره للتاريخ اى للواقع و المستقبل وبذلك ترهن الماضى وتعيش فيه ، وهذا فى حد ذاته حكم على النفس بالاعدام
ب/ نظرة مستلبة ترى الماضى على انه مجموعة سلبيات وبذلك تنادى بالقطعية معه وتدعو بانهيار الى انجازات الحضارة الغربية والى الانخراط الكلى فيها بشروط وهذا طبعا لايفيد فى شى لانه لايمكن ان يكون الاماانت عليه ولن يكون غيرك
6/ نقد الاتجاهين :
قام مجموعة من المفكرين العرب بدراسة الموقف العربى سواء فى نطاق ( التراث المعاصرة ) او ( الانا والاخر ) او ( التراث التقدم ) او ( النقلية العقلية ) وقد جاءت دراساتهم منسجمة طبعا مع المناهج التى استخدموها فى تحليل هذه الظاهرة ، ولكنها اجمعت على ان كلا الموقفين او الاتجهاهين السابقين خطا وكانت الاشكالية التى انطلقت منها هذه الدراسات هى : كيفية تحقيق الحداثة العربية ؟ وبتجاوز الدعوات الضيقة نذكر امثلة ونجملها فى اطار واحد من كتب فى هذا الموضوع :
1/ محمد اركون 2/ محمد عابد الحايرى 3/ برهان غليون 4/ عبد الله العردى
5/ عبد الله ابراهيم 6/ على حرب 7/ طه عبد الرحمن .
وقد كانت حصيلة هذه الاراء على النحو الاتى : وهذا الاجمال يسىْالى هذه الدراسات هناك شبه اجماع على مايلى :ـ
( ان الحداثة تجربة زمنية تاريخية تنشا فى ضل سياقات سوسيوثقافية خاصة ، مستجيبة لحاجات وطموحات المرحلة التاريخية وخصوصيات الواقع و الثقافة ، ولذلك فان لكل مجتمع حداثته ... مناهضة الوعى الأسطوري و الروح السجالية التى تكرس الرؤى القاصر وتكرس النزعة الايديولوجية الضيقة سواء تعلق الامر بالتوضيف الشعاراتى الأيديولوجي للتراث او التعليق اللاهوتي المقدس بالحداثة و التنوير
7/ كيفية التعامل مع التراث :ـ
ان تجاوز التراث كما راينا غير صحيح و الارتهان له كذلك غير صحيح ولذلك يجب اتخاذ موقف وسط بين هذين الموقفين :
أ/ الاخد بالاساليب العلمية و التراثية متى كانت مناسبة والعمل على تطويرها
ب/ الانحياز للجانب الذاتى فيما يتعلق بالقيم الاجتماعية و الادبية و الفنية وتطويرها .
ج/ التركيز على الخصوصية وثوابتها التى تحدد الشخصية العربية الاسلامية فى مقابف الاخرر.
د/ ممارسة ذلك كله فى اطار نظرة انسانية تحى مايجمعنا مع غيرنا من بنى البشر من وشائح .
ه/ تكميل التراث وذلك باضفاء الممكن عليه سواء تعلق الامر بالمنطلقات العقلية و المعرفية او بالنواحى الفنية و الادبية .
8/ التراث فى ضل العولمة :
1/ نتيجة للثورة المعلوماتية اصبح العالم قرية صغيرة
2/ هيمنة القوى الكبرى اقتصاديا و عسكريا وثقافيا
3/ التهديد بالذوبان فى الاخر لقصور الادوات .
بناء على ذلك ينبغى :ـ
1/ التكتل على اساس الهوية الواحدة (العربية الاسلامية )
2/ دعم البنى الثقافية وتقويتها لتاخد مكانها فى المعلوماتيه العالمية .
3/ الارتباط بالبيئة المحلية و التعامل معها بدلا عن التوجه اليها باساليب غربية عنها .
4/ تحديث النظم السياسية مع التركيز على التوابت الحضارية اى الاخد بالديمقراطية مفهوما عاما التى هى الحوار السلمى وتداول السلطة .
5/ تنشيط الروح الشعبية وادخالها فى الحياة الثقافية المعاصرة .
abuiyad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق