مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات تأمل من زوارها الكرام المشاركة في الاستطلاعات التي تجريها بفعالية نظرا لفائدتها العالية
مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات هي شركة تضامن لبنانية مسجلة تحت الرقم 489 تتنشط في مجال الدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية والتربوية والاجتماعية والادارية والثقافية والتنمية والارشاد الاسري والاجتماعي ، واصدار المنشورات المتخصصة ، وتقديم الاستشارات في المجالات المذكورة وتوقيع الاتفاقيات مع الجامعات والمؤسسات والشركات الوطنية والعالمية على انواعها والقيام بالاستطلاعات والابحاث العلمية والدراسات المتخصصة في لبنان والخارج - نتمنى لكم زيارة ممتعة

09‏/12‏/2010

تاريخ الفكر الاجتماعي


في الحضارة المصرية القديمة 
من المسلم به أن الديانة المصرية هي أقد م الديانات الشعرية ظهورا على وجه الأرض بدون استثناء على الإطلاق وأمدتهم با لمعارف ودعتهم إلى التأحل والتفكر بل فوق ذ لك يؤكد كثير من الباحثين تأكيدا قاطعا أنه لم تظهر ديانة فى الد نيا إلا ولها عند المصر ين تأثير فيهم بل كونت من وادى النيل عنصرا ثقافى وخط فكرى ومن حديث القرآن الذى عرفتا منه قصة خلق السموات والكون كله إنسا نه وحيوانه. 
ومن قائل أن جميع الديانات الإنسانية ليست إلا فتاتا بالنسبة لبلاد الفرات عنه الذينسبقو ا جميع سكان الكرة الأرضية إلى حمل لواء المعرفة البشرية وفتح كثير من مغلقات العلم وكذ احل الغاز الكون . 
ومن أشهر المقدرين لهذه الفقرة العالمان "بوى" "والبوت" الا نجيلزيان, ولكن الأستاذ "ينيس" فيؤمن با لفقرة الأ ولى , وهى الد يا نة المصر ية سابقة على كل الد يانا ت الإنسانية , وهو لا يستبعد أن تكون جميع التطورات الدينية قد وجد ت فى مصر من الوثنية المحضة إلى الروحية المغالبة فى التجددية , بل يذهب إلى أبعد من هذا فيقول إن المغالات وصلت 
إلى "اللا أدرية" المطلقة. 
ولكن الذى يعارض فيه أن بقية الشعوب القديمة قد تفذ ت من سوا قط فتات الما ئدة المصر ية كما يقول بعض العلماء, وبرا هينة فى هذه العارضة هى: 
أولا : أنه لم يثبت عن المصريين أنهم بعثوا بعثات إلى البلاد الأجنبية للتبشير بد يا نتهم حتى انتشرت بين ربوع تلك الأمم . 
ثانيا : إن الآثار المصرية التى يعتمد عليها العلماء فى حكمهم هذا يرون أنها كافية لنشر الدين المصرى لانؤ يدهم فى دعواهم إذا تأملو فى الأمر تأملا دقيقا لأنها ليست إلا رموزا وطلاسم قصد بها كاتبوها غابات دينية خالصة لا تسجيل حقائق علمية ولا إذاعة أسرار الدين وإبانة تطوراته المختلفة . 
وبناء على ذلك فهذه الأتا ر المهمة لا نستطيع أن تقدم إلى أحد معلومات مفيد ة عن الديانة المصر ية , ولا ريب أن هذا الغموض يجعلها فى هنة الناحية شبيهة بالعدم وهو يقرر أن أسرار العقيدة المصرية لم تذع بين أفراد الشعب المصري إلا فى عصور التدهور ويقصد القرن السادس 
قبل المسيح . 
وعلى ذلك فقد ظل العامة, وهم الذين يحتكون يا لأجانب فى المعاملات ت جاهلين بحقيقة هذه الديانة حتى القرن السادس بعد ظهور كثير من الديانات الشرقية . 
وإذا كان هؤلاء قد جهلوا تلك الديانة , فلا يعقل أن ينقلو ها إلى غير هم لأن فاقد الشئ لا يعطيه كما يقولون وبهذا ينتفى تأثير الديانة المصرية فى تلك الديانات, ولا ريب أن البرهان الذى إستدل به صاحب هذا الطعن برهان فى الواقع ضعيف جدا اللآتى : 
أولا : الثقافة تنشر بواسطة البعثات و كذالك بواسطة الاحتكاكات التجارية و الدين كذالك فى انتشاره سواء إنتشر عن الطريق الأول و عن طريق الثاني أو عن طريق النواحى الاجتماعية فى المجتمعات, وهذا الأمر كان موجودا و متوفرا و ثابتا الثبات كله 
ثانيا : أدعاء أصحاب هذا الرأي من جهل الشعب بالعقائد المصرية حتى القرن السادس فالواقع يكذبه ، و الدليل عليه أن الأدب المصرى و هو المرأة الصافية لحياة الاجتماعية بما يحتويه من دين و أخلاق و مثل عليا 
و قد أخيرنا فى مواضع تجل عن الوصف و الحصر بكثير من أثرار العقيدة و يضاف إلى هذا أن ان الرسوم و النقوش المعابد التى تكتظ بها المعابد المصرية القديمة و هى فى نفس الوقت تذيع اكثر هذه الأسرار الدينية , و ليس هذا سرا ما يعلمه رجال الدين من الكهنة و الامراء و ايضا رجال البلاط و كيار الرسامين و العلماء و أصحاب الوظائف فى الأمة المصرية القديمة على أنه إذ جاز سرية ما لدى هؤلاء الأدباء , جميعا و هى بعيدة نقول فلا تجوز سرية ما لدى الادياء و الكتاب الذين أقعموا أسفارهم المتعددة بوصف هذه المعلومات بأسلوب رقيق جذاب مسهب و عليه نقرر أن جمع الأمة القديمة من غير إشتشناء هى تلميذات مصرية فى الدين و ايضا فى علم الأدب و الفن و عجز الإنسانية إلى يومنا هذا عن الوصول إلى المادة التى عرفها أهل مصر قديما لحفذ الأجسام و الأشياء و بقائها مدة طويلة من السنين لخير دليل على مدى معرفة المصريين بالعلوم و المعارف و أن الأمم الشرقية أحذت دياناتها عن المصريين كما قلنا إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى كثير هن عمليات الاثبات و إلى حطوات حدرة مثبصرة لتضمن الطريق أمامنا و حقائق لصحة نسبة هذه الأقوال على قدم الثقافة المصرية و أخذ الإمم فى شرق البلاد و غربها عن هؤلاء بعض العلوم و المعارف فى العصور القديمة و الدارس لكثير من العلوم و المعارف و الإعتقادات عن المصريين ف العصور المحتلفة يرى العجب العجاب من سعة الفكرى المصرى و أن الذين يتهمون المصريين بعدم وجود فلسفة و تقليدهم للغير 
و نحن نرى من الواجب و الأمانة العلمية أن تدرس شيأ من عصور التاريخ المصرى فى إجاز لنقف على الحقيقة من نفى للإتهام و إثبات جداره الأمة المصرية و سبقها فى ميدان العلوم و المعارف فى العصر المصرى الأول عندما رأى فى العصر الحديث علماء أوربا با الآثار المصرية القديمة : و شاهدوا الحيوانات المقدسة التى تموج بهاذه الآثار , و رأوا كذالك بعض الشعوب البربرية المتوحشة فى جنوب أفريقيا و فى أطراف أمريكا كل هذه الجماعة تقدس الحيوانات فى هذا العصر الذى نعيش فيه تقديس المصريين قديما لهذه الحيوانات : تراهم قد انخدعوا بهذه المشابهة السطحية و قاسوا الغائب على المشاهد قالوا إن المصريين عندما عبدوا الحيوانات كان هذا نوعا من تقديس المعاصرين المتوحشين لها 
و على هذا قالوا بأن تقديس المصريين قديما هو " توتيميسم " و هذه الكلمة وضعت للدلالة على قداسة الحيوانات الناسئة عن إعتقاد القبيلة فى قرابتها أو صلتها الوثيقة بهذالحيوانات نعم هذا " التوتيميسم " لا يزال موجودا عند امتوحشين فى أطراف أمريكا 
تلك نسبة و إعتقاد غيرهم صحيح لدى هؤلاء العلماء يدليل سؤالهم للذين يقدسون هذه : فاجاب بعضهم عن السبب لهذا التقديس فقالوا بأنها إجدادهم الأولون وهم عندما يفعلون ذلك إنما يجلون و يحترمون عنتصرهم الأول و يقولون أن دماء أسلافهم تجرى فى عروق هذه الحيوانات ويجب عليهم إحترامها وتقديسها 
و قد سئل البعض عن سبب تقديس الحيوان فأجاب بأنها أقارب أجدادهم و أكد البعض الآخر أنها من خلفاء أولئك الأجداد – بينما أعلن صنف آخر و قال أن الحيوان المقدس عندهم إنما هو إله قبيلته وهكذا و أيضا شاهد علماء أوروبا المعاصرين : انقسام الجهات المتوحشة إلى أربعة بطون الأول منها يقدس الكلب , و هو جده الأعلى و الثانى يقدس الحنزير و هو عنصرالأول و الثالث يقدس الوزع , و هو مبدؤه الأساسى و الرابع يقدس التمساح و هو رأس الأسرة الأولى من هذه البطن 
عندما رأى العلماء هذه التقديس عند الشعوب المتوحشة و قارنوا بينه و بين تقديس المصريين الذين سبقوا فى قرون غابرة جزموا با لتشابه فى العقيدة ويقولون هذه عقيدة المصريين و هذه معرفتهم و على رأس هؤلاء الذين رموا الأمة المصرية و ثقافتها و معرفتها التى هى أساس الثقافات الأولى هما العالمان " فكتورلوريه " و " الكسند رمورية 
و قد أفاض بعض العلماء فى الموازنة بين تقديس المصريين و الشعوب الأخرى قديما قياسا على الحديث عند هذه الشعوب و الناظر فى هذه الموازنة يرى أن آراء هؤلاء نزلت منزلة الخيال الذى يصنعه الشعراء و من أبرز هؤلاء العالم الأستاذ فرازير الإنجليزى الأصل صاحب كتاب الغصن الذهبى و لكن هل هذه الآراء و التى سبقت هل سلمت لهم الواقع أنها عورضت من كثير من العلماء الأدباء الذين فندوا هذه الآراء و صرحوا بها تنقصها الأسانيد العلمية و الأدلة التى يعتد بها عن منشأ تقديس الحيوانات و من نحية اخرى أنها غير متناسقة الجزئيات و نحن نسوق لك بضا من أدلة المعارضة 
1.إن المصريين القدماء كانوا يبيحون زواج الأخ من أخته مع أن جميع قبائل " النوتيميسم " تعد هذا العمل من أكبر الجرائم التى تستوجب السخط والغضب و العقاب و فوق هذا أنها مجمعة على أن زواج الرجل بإمرأة من البطن الذى هو منه محرم و هذا أمر من شأنه أن يجعل المشابهة بعيده كل البعد 
2.وقد وجد كثيرا من القبائل المتوحشة تجهل تماما " النوم تيميسم" ولا تنظر إلى الحيوان الذى يقدس إلا النظر العادى و اغضاء والأهمال و حسب منفعه فيه و الإحتياج إليه الآن فى أرقى المتمدينين العصريين 
3.من العلوم أن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن عنصرهم الأول هو السماء فلا يمكن ان ينتسبوا إلى الإنسان العادى فضلا عن الحيوان المسخر لهم 
4.إن المصريين صرحوا قديما فى عدة مواضع من آثارهم للأسباب التى جعلتهم يفدسون بعض الحيوانات ولا يمكن أن يمت أى واحد من هذه الأسباب بصلة إلى تسلسلهم من الحيوان 
و عليه فلا يمكن أن نسمى تقديس المصريين لبعض الحيوانات " توتيميسم " اللهم إذا تعدينا هذا التقديس المصريين و أخرجنا الكلمة عن معناها الأصلى و جعلت مرادفة للتقديس فحسب بدل مرادفتها للتقديس الناشئ عن البنوة او القراعن التى جعلت العلماء يقررون المشابهة: و الآخرون يعارضون هذه المشابهة على أن الذين يوفقون على تسمية تقديس المصريين للحيوانات " توتيميسم" 
يجمعون على أن التسمية مقصورة على عصور ما قبل التاريخ كما يجمعون على وجوب فصل عقائد تلك الأصور عن العصور التاريخية الراقية 
 في الحضارة الصينية 
الغرب يستفيق من نرجسيَّته و العالم يفيق من غيبوبته ، ويتذكران أن هناك فلسفة في الشرق لطالما أهملوها. فمن هيغل، إلى هايدغر، إلى آخرين عديدين من المفكرين، والاعتقاد السائد أن الفلسفة لا تتكلم إلا اليونانية، وأنها لا تمارس وظيفتها كاملة إلا في الغرب. وحدها اليونان موطن "اللوغوس"، ومَن تبقَّى من الشعوب لم يحبل بغير الأحلام والهذيان! ليس ثمة مستقبل. ثمة دفق أبدي للحاضر. على هذه الحقيقة، أو بالأحرى على اختبار هذه الحقيقة، تأسس هذا الأثر الصيني العتيق وأنشِئ أصلاً في الصين القديمة ليكون "الطريق الملكي" إلى معرفة الحياة والكون في قصور الأمراء والندماء ومثقفي ذلك الزمان. والطريق لدى منشئيه – أولئك العرَّافين الأوائل – هو أن يقرأ المرء "النظام الكوني" ليقيم الانسجام في ذاته. ولكن كيف يُقرأ هذا النظام – هذا الحَبَل الدائم بالكون – عندما ندرك أن لا شيء يدوم في شكل مطلق، وأن قوانين التغير وحدها أزلية، وعندما نستشف وراء العماء الطاقات الأولانية... 
على سبيل المثال لا الحصر اليك قول هيراقليطس لتتوضح المقارنة: "كلُّ شيء يسيل، ولا شيء يبقى. كلُّ شيء يترك مكانه ولا شيء يبقى ثابتًا." أو قوله: "لا يمكنك أن تنزل في النَّهر نفسه مرتين، فإن مياهًا أخرى تسيل باستمرار." والغريب هنا أن معاصره كونفوشيوس (551 ق م) هتف بالمعنى ذاته وهو يقف يومًا إلى جوار نهر: "كلُّ شيء يتدفَّق على الدوام ليل نهار كهذا النهر." ونسجِّل لكونفوشيوس أيضًا – استطرادًا – سبقه على أفلاطون في مُثُله المشهورة، حيث رأى "أن في فجر الأزمان وجوهًا مثالية، وجوه ياو Yao ووجوه تشوان–هيو Tchouan-Hieu، وهي تعلِّق أبصارها على الأنماط الأولى في السماء." بيد أن هناك فرقًا بين التغيُّرين: الهيراقليطي والصيني. "فالشيء الوحيد الذي سيطر على هيراقليطس هو تغيُّر الضدِّ إلى ضدِّه: تغيُّر الرطب إلى الجاف، وبالعكس. حتى الآلهة يتغيَّرون إلى شيء ما؛ أو في صورةٍ أدق، إن اسمًا إلهيًا يحوي عملية تنظيم، كما عملية تدمير. الحرب وزوس شيء واحد؛ والتغيُّر هو الشرط النهائي لكلِّ شيء. في التغيُّر راحة الأشياء. والشقاق أو الحرب هو الله. والشيء الأسمى هو الحرب أو التوتُّر، والسلام والسكون هما تنازع في حركةٍ بطيئة." الحياة لدى هيراقليطس حركة يولِّدها اصطدام الأضداد. "في حين آمن الصينيون بوحدة مبدأي "الحركة" و"القانون الثابت" الذي يُهيمن عليها"، أي العكس. فالحياة عندهم كالحرباء (يي) التي تتغير ولا تتغير، لأن طبيعتها الحقيقية هي التغيُّر. فالحرباء هي مرآة كيانها؛ كذلك لُحمة النسيج (كنغ) التي ترمز إلى لحمة الظواهر الكونية، حيث كل ظاهرة تهتزُّ في انسجامٍ مع الأخرى. التغيُّر لدى الصينيين أصل الموجودات، وهو لا يهدأ أبدًا. وإذا سكن فلن ينتج منه الموت، لأن الموت وجه آخر للحياة. وعليه، فالسُّكون، في المفهوم الصينيِّ، ندٌّ للحركة، وشريك لها في إنتاج التغيُّر. أما الإنسان، أمام كل ذلك، فدورُه كبير. إنه مركز الأحداث. وفي وسعه، إذا أدرك مسؤوليته، أن يتسلِّط على التغيُّر. 
= المراحل السياسية التي مرت بها الحضارة الصينية 
في وديان الانهار الثلاثة وجدت أهم مراكز الحضارة الصينية القديمة و قد مرت الحضارة الصينية بثلاث مراحل سياسية و ثلاث اسر حاكمة هي 
• == سلالة Hsia التي حكمت فترة (2183-1752)ق.م 
أول أسرة ملكية في تاريخ الصين, وتركزت في غربي مقاطعة خنان وجنوبي مقاطعة شانشي. ووصل نفوذها وتأثيرها إلى جنوب النهر الأصفر وشماله، كما بدأت تدخل إلى المجتمع العبودي. بعد أسرة شيا، ظهرت أسرة شانغ ثم أسرة تشو الغربية اللتان تطور فيهما نظام العبودية. ثم عصر الربيع والخريف وعصر الممالك المتحاربة اللذان انحط فيهما نفوذ البلاط الملكي وتنافس الأمراء والحكام من أجل الهيمنة. وهما مرحلة انتقالية من المجتمع العبودي إلى المجتمع الإقطاعي. 
• == سلالة Shang التي حكمت فترة (1751-1112)ق.م == 
بدأوا يستخدمون الأدوات الحديدية. وفي مجال صناعة الفخار تم إنتاج أدوات الفخار الأبيض والفخار الملون. كما تطور نسيج الحرير، فظهر أول فنون نسيج الحرير الجيكار في تاريخ العالم. وفي عصر الربيع والخريف ظهر فن صناعة الفولاذ. وفي عصر الربيع والخريف وعصر الممالك المتحاربة، كان هناك نهوض كبير لنشاطات ثقافية، فظهر كثير من الفلاسفة مثل لاو تسي وكنفوشيوس ومنشيوس والاستراتيجي سون وو الذين أثروا تأثيرا عميقا واسعا في الأجيال اللاحقة . 
• == سلالة Chou التي حكمت فترة (1111-249)ق.م == 
وضع ينغ تشنغ الإمبراطور تشين شي هوانغ حدا للنزاعات بين أمراء وحكام الممالك المتحاربة والتي دامت أكثر من 250 عاما، وأسس أول دولة إقطاعية مركزية موحدة متعددة القوميات في تاريخ الصين - أسرة تشين. لقد وحّد الإمبراطور تشين شي هوانغ اللغة المكتوبة، والمقاييس والمكاييل والنقد، وأقام نظام المحافظات والولايات. واستخدم الناس هيكل الدولة الإقطاعية الذي أسسه لمدة أكثر من 2000 عام فيما بعد. ونظم أكثر من 300 ألف شخص لمدة بضعة عشر عاما لبناء سور الصين العظيم الذي يمتد أكثر من 5000 كيلومتر في شمالي الصين، كما بدأ في بناء مقبرته الضخمة الحجم وهو على قيد الحياة. تماثيل الجنود والخيول الصلصالية لحراسة مقبرة الإمبراطور تشين شي هوانغ، المكتشفة عام 1974، هزت العالم. ولقبت الـ8000 تمثال من الجنود والخيول والعربات الحربية الصلصالية بالحجم الواقعي بـ "الأعجوبة الثامنة في العالم" 
اما من الناحية الفكرية والفلسفية فيمكن ايجاز مراحل تطور الفكر الاجتماعي الصيني في ثلاث مراحل و ثلاث اشخاص كونفوشيوس و ما يمثله من منهج اجتماعي، ولاوتز بمنهجه الصوفي ، وموتزو وما يمثله من منهج نفعي و هو أول المفكرين الاجتماعيين في الصين و اكثرهم غموضا ً و سنعرض هنا لاثنين من المفكرين الاجتماعيين هم كونفيشيوس و لاوتز 
المفكرين و الفلاسفة الصينيين 
اولا ً-  كونفوشيوس K’ung Fu-tzu 
ولد K’ung Fu-tzuالذي لقب بالسيد المعلم فيما بعد ، والذي معناه في اللاتينية Confucius كونفوشيوس ، في سنة 551 ق. م. في قرية تدعى Zou في ولاية LU ، ومات في 479ق. م، أي انه عاصر فترة السلالة الثانية.كان ينحدر من اصل عائلة نبيلة لكن الوضع الاجتماعي لوالده بالكاد تتيسر له لقمة العيش، في فترة طفولته كان كنفوشيوس يحب ممارسة الطقوس والشعائر الدينية في المعبد المحلي ، وعندما وصل مرحلة الشباب اصبح تواقا للمعرفة، لذلك كان يتعلم بسرعة ، فاكتسب شهرة كبيرة بين الناس في السياسة لصدقه وعدالته ومحبته للعلم 
اهميته 
كان الصينيون قبل كونفوشيوس يعطون للتدوين والكتابة هالة معينة، بحيث لا يكون التدوين إلا لبعض الأمور الطقسية والشعائرية أو لأرشيف الحكومات، ولم يكن التأليف الفردي معتمداً، ولكن كونفوشيوس كان أول من كسر هذا التقليد، وأسند إلى نفسه مهمة الكتابة لتوعية معاصريه بما ينشره من مبادىء وقيم أخلاقية واجتماعية تدور حول شؤون السلطة وإدارة المجتمع، لم يذهب كونفوشيوس باتجاه الحديث عن أمور ما وراء الطبيعية، ولا بحث في نظام الكون وسننه، ولا هو أولى جلّ اهتمامه للبحث في المادة والماديات وظواهر الطبيعية ومظاهرها، وإنما تركز اهتمامه على الإنسان. وسرّ نجاح مشروع كونفوشيوس الفكري في أنه عكف على مجتمعه باحثاً في أزماته وقضاياه التي تمسّ حياة المواطن من الجوانب كافة، وعاد إلى تراث بلاده، ومن ذلك خرج بأفكاره الإصلاحية التي تنطلق من الإنسان والمجتمع من أجل الإنسان، فكان لأفكاره القبول العام بسبب ذلك. 
الاطار الفلسفي للكونفوشيوسية 
كثيراً ما وُصف كونفوشيوس بأنه أحد مؤسسي الديانات ، و هذا تعبير غير دقيق إن لم يكن خاطئاً فمذهبه ليس ديناً . فهو لا يتحدث عن إله أو السماوات . و إنما مذهبه هو طريقة في الحياة الخاصة و السلوك الإجتماعي و السلوك السياسي . و مذهبه يقوم على الحب - حب الناس و حسن معاملتهم و الرقة في الحديث و الأدب في الخطاب . و نظافة اليد و اللسان . و أيضاً يقوم مذهبه على احترام الأكبر سناً و الأكبر مقاماً ، و على تقديس الأسرة و على طاعة الصغير للكبير و طاعة المرأة لزوجها . و لكنه في نفس الوقت يكره الطغيان و الإستبداد . و هو يؤمن بأن الحكومة إنما أنشئت لخدمة الشعب و ليس العكس . و أن الحاكم يجب أن يكون عتد قيم أخلاقية و مثل عليا . و من الحكم التي اتخذها كونفوشيوس قاعدة لسلوكه تلك الحكمة القديمة التي تقول : " أحب لغيرك ما تحبه لنفسك " . 
يعتبر كنفوشيوس الفضيلتين الهامتين هما ( جن ) و ( لي ) و الرجل المثالي يسير حياته طبقا لهما . و قد ترجمت (جن ) بالحب أو الاهتمام الحميم باخواننا البشر ، أما ( لي ) فهي تصف مجموعة من الأخلاق و الطقوس و التقاليد و الاتكيت و اللياقة و الحشمة . 
 وكان كونفوشيوس محافظاً في نظرته إلى الحياة فهو يرى بأن العصر الذهبي للإنسانية كان وراءها - أي كان في الماضي . و هو لذلك كان يحن إلى الماضي و يدعو الناس إلى الحياة فيه .. و لكن الحكام على زمانه لم يكونوا من رأيه و لذلك لقي بعض المعارضة . و قد اشتدت هذه المعارضة بعد وفاته ببضع مئات من السنين ، عندما ولي الصين ملوك أحرقوا كتبه و حرموا تعاليمه .. و رأوا فيها نكسة مستمرة . لأن الشعوب يجب أن تنظر أمامها . بينما هو يدعو الناس إلى النظر إلى الوراء .. و لكن ما لبثت تعاليم كونفوشيوس أن عادت أقوى مما كانت و انتشر تلاميذه و كهنته في كل مكان .. و استمرت فلسفة كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناً - أي من القرن الأول قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد . 
الكونفوشيوسة بعد موت كونفوشيوس 
ولم تبق الكونفوشية على حالها بعد كونفوشيوس فانقسمت بعده إلى اتجاهين: ـ مذهب متشدد حرفي ويمثله "منسيوس" إذ يدعو إلى الاحتفاظ بحرفية آراء كونفوشيوس وتطبيقها بكل دقة، ومنسيوس هذا تلميذ روحي لكونفوشيوس إذ إنه لم يتلق علومه مباشرة عنه، بل أخذها عن حفيده وهو الذي قام بتأليف كتاب الانسجام المركزي. 
ـ المذهب التحليلي، وأهم رموزه هزنتسي ويانجتسي، إذ يقوم مذهبهما على أساس تحليل وتفسير آراء المعلم واستنباط الأفكار باستلهام روح النص الكونفوشي. 
ركائز الكونفوشيوسية 
الكتب الخمسة: وهي الكتب التي قام كونفوشيوس ذاته بنقلها عن كتب الأقدمين وهي: 1-كتاب الأغاني أو الشعر: فيه 350 أغنية إلى جانب ستة تواشيح دينية تغني بمصاحبة الموسيقى. 2-كتاب التاريخ: فيه وثائق تاريخية تعود إلى التاريخ الصيني السحيق. 3-كتاب التغييرات: فيه فلسفة تطور الحوادث الإِنسانية، وقد حوّله كونفوشيوس إلى كتاب علمي لدراسة السلوك الإِنساني. 4-كتاب الربيع والخريف: كتاب تاريخ يؤرخ للفترة الواقعة بين 722 - 481 ق.م. 5-كتاب الطقوس: فيه وصف للطقوس الدينية الصينية القديمة مع معالجة النظام الأساسي لأسرة "تشو" تلك الأسرة التي لعبت دوراً هاماً في التاريخ الصيني البعيد. - الكتب الأربعة: وهي الكتب التي ألّفها كونفوشيوس وأتباعه مدوِّنين فيها أقوال أستاذهم مع بعض التفسيرات أو التعليقات وهي تمثل فلسفة كونفوشيوس نفسه وهي: 1-كتاب الأخلاق والسياسة. 2-كتاب الانسجام المركزي. 3-كتاب المنتخبات ويطلق عليه اسم إنجيل كونفوشيوس. 4-كتاب منسيوس: وهو يتألف من سبعة كتب، ومن المحتمل أن يكون مؤلفها منسيوس نفسه. ما يؤخذ على الكونفوشيوسية رغم الطابع الإنساني للكونفوشية فإن الموقف من المرأة لم يكن إيجابياً وينسب لكونفوشيوس قوله: "إحذر لسان المرأة، إنك ستلدغ منه إن عاجلاً أو آجلاً واحذر زيارة المرأة إنها ستصيبك إن عاجلاً وإن آجلاً". 
ثانيا ً لوتز 
لاوتز Lau Tzu 
اسم عائلة لاو دان لي واسمه الأول أر وسماه الناس ب "لاو تسي" والمصادر التاريخية لم تحدد تماما تاريخ ميلاده أووفاته وهو من مواطني مملكة تشو في أواخر عصر الربيع والخريف \ 770 -476 قبل الميلاد\. وكان لاو دان قد تولى منصب مسؤول عن إدارة الكتب والمحفوظات خلال عهد أسرة تشو الملكية. لذلك كان لدى لاو دان معرفة واسعة وتمتع بشهرة كبيرة حينذاك. وكان كونفوشيوس في شبابه قد زاره خصيصا وطلب منه مراسم الأدب في أسرة تشو. وبعد ذلك، وحينما لاحظ الأفول المستمر في أسرة الملك، قرر مغادرة العاصمة لو يانغ. وعندما مر بممر هانقو، أتم الفصل الأول والأخير من "كتاب الأخلاق"، ثم خرج من هذا الممر على ظهر بقر أخضر وولم يعلم أحد مقصده.قال بعض الناس إن لاو دان عاش 60 عاما، وقال آخرون إنه عاش 200 عام. على كل حال من المؤكد أنه كان معمرا، وذلك يرجع إلى إيمانه بالحفاظ على هدوء البال وتقليل الرغبات وأخلاقه الحميدة والثقافته العالية. 
اهميته 
احتلت فلسفة لاو دان وضعا هاما في تاريخ الفلسفة الصيني. وأثرت أفكاره السياسية فيما بعد على المفكرين والمصلحين. كتاب الاخلاق يسمى كتاب الأخلاق أيضا بكتاب لاى تسي الذي يضم أكثر من خمسة آلاف كلمة ومضامينه وافرة جدا ويعتبر تراثا هاما للثقافة الصينية القديمة. ويعد لاى دان مفكرا ماديا. وهو أول من اتخذ الطاوية أعلى مستوى للطاوية في الصين. ومعنى الطاوية الأصلي هو طريق يسير عليه الإنسان، ووسع القدماء هذا المعنى إلى المبادئ القانونية. وراقب لاو دان التغيرات الطبيعية والعلاقات الإنسانية وأضفى معنى جديدا إلى الطاوية حيث يرى أن الطاوية هي أكثر الأشياء واقعية والمصدر الأخير لإحداث كل الأمور. الاطار الفلسفي لكتاب الاخلاق وأوضح لاو دان في كتاب الأخلاق قوانين تحول الأمور. حيث يرى أن البركة والنكبة يمكنهما التحول المتبادل. وتواجد في النكبة عوامل البركة، والعكس صحيح. كما لاحظ لاو دان بشكل مبدئي أيضا أن تكثف حجم الأشياء يستطيع إثارة تغير طبيعتها. حيث قال إنه يمكن لبذرة صغيرة أن تصبح شجرة كبيرة بعد النمو المستمر ويمكن لقطع من الطين أن تثير مبنى عاليا. كما شجع الناس على مواجهة الصعوبات دون خوف وما دام يبذل جهودا ذرة بعد ذرة، فسيتغلبون على الصعوبات وينجزون قضايا عظيمة. 
رؤيته 
عارض لاو دان الحرب حيث قال إن أي مكان رابط فيه الجيش يصبح مليئا بالأشواك. كما عارض لاو دان إفراط الطبقة الحاكمة في التجنيد وجباية الضرائب. وكان لاو دان قد وصف المجتمع المثالي في قلبه بأن دولة صغيرة بأعداد من المواطنين قليلة توجد بها ورغم وجود أسلحة ولكن بدون استخدام ورغم وجود عربات وسفن ولكن بدون ركوبها وتناول أبناء الشعب الأطعمة الجيدة ويلبسون الملابس الجميلة ويسكنون في بيون مريحة ويمكن رؤية الدولة المجاورة ولكن مواطنيهما لا يزورون بعضهم بالبعض. والحياة بسيطة وليس من الضروري استخدام الكتابة ويمكن للناس العودة إلى عصر تسجيل الأمور بالحبال. وعلى الرغم من أن هذه المثل سلبية إلا أنها جسدت كراهية لاو دان للحروب المتتالية في عصر الربيع والخريف وتطلع المزارعين لمجتمع هادئ ومستقر. 
الطاوية Tao 
أسسها لاوتزو Lau Tzu، وكان معاصراً لكونفوشيوس، ومارسة السلوك المعروف باسم طاو Tao، ومبدأه يقوم على الزلة وعدم الاعتداد بالنفس، والكنوز الثلاثة هي: الرحمة، والبساطة، مع الاقتصادوالتواضع وقامت مناقشات حادة بين الكونفوشيوسية والطاوية، مع أن الصينيين ألهوا لاوتزو وكونفوشيوس فيما بعد، وانتقدت الطاوية الكونفوشيوسية التي نسيت العالم والطبيعة وتمركزت في الإنسان. ولقد أصبحت الكونفوشيوسية الديانة الرسمية منذ أيام الإمبراطور ووتي Wuti 140-87 ق.م. وحتى عام 1912م، حيث أعلنت الجمهورية الصينية. 
 في الحضارة اليونانية القديمة 
بيئة الفكر اليوناني (الإغريقي) 
كانت بلاد اليونان القديمة (أي بلاد الإغريق) مقسمة إلي مدن حرة تمثل كل منها دولة مستقلة ، حيث كانت الوحدة السياسية القائمة وقتذاك تعرف بدولة-المدينة ومن أمثلة هذه الدول كل من أثينا ومقدونيا و إستجيرو و أرجوس وغيرها. كما كانت هذه الدول تتبادل البعثات الدبلوماسية كدول مستقلة تماما كما كان أبناء كل مدينة يعاملون في المدن الأخرى كأجانب . و كانت كل دولة عبارة عن مدينة رئيسية (هي العاصمة والتي تستمد دولة المدينة اسمها منها فيقال دولة أثينا ودولة مقدونيا وهكذا) ، وميناء ، ومنطقة زراعية. 
أما البناء الاجتماعي (أو الطبقي) للمدينة فكانت كل مدينة تتكون من ثلاث طبقات هي: 
(1)المواطنون : وكان يشترط في المواطن شرطان : الأول أن يولد لأبوين ينتميان إلي المدينة (أي يحملان جنسية المدينة)، والثاني أن يبلغ سن الثامنة عشرة (أو العشرين في بعض المدن). وتتمتع طبقة المواطنين دون غيرها بالحق في ممارسة كافة الحقوق المدنية والسياسية. 
(2)الأجانب : وهم كل من يعيش في المدينة بصفة دائمة أو مؤقتة من الأحرار و لا يحمل جنسيتها. (أي أبناء المدن الأخرى الموجودين بالمدينة). ولم تكن لهذه الفئة أية حقوق سياسية بطبيعة الحال. 
(3)الأرقاء : أو العبيد وكانوا يمثلون الفئة الأضخم عددا والقائمة على العملية الإنتاجية فكان منهم الأطباء والمدرسون والموسيقيون وخدم المنازل والحرفيون إلخ ، وبرغم ذلك لم يكونوا من الأحرار كما لم تكن لهم أية حقوق سياسية ولا مدنية . وهذا يشكك في مقولة أن اليونان القديمة كانت تطبق الديمقراطية المباشرة (حكم الشعب) ، إذ أن الحقوق السياسية كانت قاصرة على فئة المواطنين دون غيرهم. 
تجدر الإشارة إلي أن كثيرا من اللفظات (المصطلحات) السياسية التي نستخدمها حتى يومنا هذا هي لفظات ذات أصل يوناني مثل لفظة ديموقراطية التي تنقسم إلي ديمو أي الشعب و قراطي بمعنى حكم وبالتالي فالديموقراطية تعني حكم الشعب. أو كما يقولون حكم الشعب نفسه بنفسه ولنفسه. 
فمثلاً انطلق افلاطون في نظريّته السياسية من أساس فلسفي يعتمد على أنّ الفرد له حاجات ذاتيّة ، وهو يسعى لإشباع تلك الحاجات ، ولا يستطيع إشباعها بطريقة فردية ، لذا نشأ المجتمع نتيجة للشعور بالحاجة إلى التعاون من أجل إشباع الحاجات .
ونادى افلاطون بنظريّته «المدينة الفاضلة» التي يحكمها الفيلسوف ، ولكي تبعد مناشئ الشرور ، نادى بشيوعيّة الأموال والنِّساء .
ومن هذه الاُسس انطلق في بناء «المدينة الفاضلة» التي يحكمها الفيلسوف .
وأمّا أرسطوا فيبدأ نظريّته من فلسفته العامّة في الطّبيعة البشريّة ، وهي أنّ الانسان مدنيّ بالطّبع ، وهو حيوان سياسي ; لأ نّه يملك الشعور بالخير والعدالة (حيوان أخلاقي) ، وانّ سعادته تتحقّق في العيش الجماعي في ظلِّ المدينة .. والاُسرة عنده هي وحدة البناء ، فمن مجموع الاُسر تتكوّن القرية ، ومن مجموع القرى تتكوّن المدينة ، وأنّ حياة الفرد وسعادته لا تتحقّق إلاّ بالمدينة ; لأ نّها غاية في الوجود الانساني ، تفرضها طبيعة الانسان التكوينية . 
 في بلاد الرافدين 
تعد بلاد الرافدين مهد الثقافة والعلوم والفنون ، ففي العصور القديمة كان سكان بلاد مابين النهرين أول من اخترع الكتابة - الكتابة المسمارية حوالي سنة 3000 ق.م- وكذلك ظهرت في بلاد وادي الرافدين أولى المكتبات في تاريخ الانسانية حيث قام بإنشائها الملك الاشوري آشوربانيبال حوالي سنة 669 ق.م حيث تضمنت هذه المكتبة العديد من الالواح المكتوبة بالكتابة المسمارية في مختلف شؤون الحياة الثقافية والعلمية والدينية والاجتماعية. ولايفوتنا ان شعب وادي الرافدين كانوا أول من سن القوانين حيث قام الملك البابلي حمورابي بسن مئتان واثنان وثمانون قانوناً تعالج مختلف أمور الحياة في مسلته المعروفة باسم مسلة حمورابي. 
لقد استوطن الرافديون في قرى زراعية شكلت نمطا اعتمد الحجر في أدواته ونمطا منالكتابة التصويرية , وقد أدى تطور القرية إلى مدينة وتعدد الأنشطة اليومية إلى تطورالكتابة والى معالجة الكون الذي بدا كالدولة أو العكس , فاستلهم ملوك سومر , بابلوآشور السلطة من الآلهة , ويقوم مجمع الآلهة بانتخاب الحاكم لتصبح المدينة في الألفالثالث ق. م ملك للآلهة والملك خادم يدير المملكة .
لم تكن الأسطورةالرافدية مجرد متعة أدبية بل حقائق وأراء ميتاقيزيقية يتلازم فيها الفكر والخيالتفسر ما حولها من أشياء , كأن يرى الرافدي حلما قد يحصل من خلاله على توجيهات إلهيةفيفسر انحسار مياه النهر بأن الآلهة غاضبة . وقد عززت من سلطة الكهنة ونفوذهمفقانون حمورابي دنيوي صرف قدم بمشروعية دينية من قبل جميع الألهة (أنو –بل – شمش – مردوخ – سين – ماما –أدو – دجن) لإجبار المواطنين على الطاعة .
ونجد في فكرالرافدين ما يمكن تسميته بنظرية الاسم الذي بموجبه عدم وجود شيء ما لم يكن له اسم . نقرأ في الملحمة البابلية إنه في البدء لم تكن السماء أو الأرض تحمل أسماء مما سهلللرمز وتكراره أن يلعب دورا ويفكك الأسطورة , من هنا يبرز تساؤل " هل استطاعالبابليون أن يخرجوا إلى الوجود أشياء تلزمهم في الحياة اليومية عن طريق الحلمالمتكرر لاسيما أن الأسطورة يشوبها خيال كثيف تنطلق من حالة حلم بدائية متواصلة أيهل كان للحلم لديهم دوافعا وأسبابا لاكتشاف شيء ما ؟ يكتسب السؤال مشروعيته من إنالحاجة حركت البدائي لوضع أساطير فيها آلهة تشفي ( انكي , ننخرساج ) .
نظرالرافدي إلي الظاهرة الطبيعية وحتى الجماد كأنها علاقات اجتماعية ونظام من الاراداتكأن يلجأ إلى الملح وينظر إليه ككائن إذا وقع ضحية السحر :
أيها الملح , يامن خلقت من مكان نظيف 
طعاما للآلهة , جعلك انليل 
بدونك لا تمد مائدة انكور
ويستمر
أنا فلان ابن فلان وقعت أسيرا للسحر 
أيها الملح فك عني العقدة 
ارفع السحر عني .
وعلى هذا المنوال يخاطب القمح , النار , الصوان وأشياء أخرى , فمن خلال أنسنة القوى الغير إنسانية أوجد الفكر الرافديمنطويات المهمة الاجتماعية والسياسية وتنظيمها وتوسيعها لتصبح مؤسسات لها كيانهافأوجد الدولة الكونية والتي نجدها عند البابليين تضم كل ما في الوجود . ويتحكمبمصائر الدولة سبع آلهة يضمها مجلس واحد برئاسة آنو إله السماء تمثل النفوذ السياسيوتتكيف باقي القوى لطاعة هذا النفوذ. 
أما عند عند السومريين شكلت فكرة الخلق والتكوين وتنظيمه محور رئيسي للتأملاتالفكرية التي صاغها كهنة المعابد , ويرى السومريون
 أن الكون لم يكن مخلوقا ( موجودا) منذ الأزل واعتقدوا إن هناك مادة أولى أو محرك أولى سبق التكوين وشكل أساسا لهوأطلقوا عليه اسم " نمو " إلهه أنثى وتعني البحر ومنها ولدت السماء آن . والأرض "كي " بعد أن شطر بينهما إله الهواء ويستخلص من الأساطير السماوية. 
الفكر الكنسيّ اللّاهوتيّ الأوروبي: 
عاشت أوربا قروناً عديدة تحت كابوس الفكر الكنسيّ الّذي فرض على أوربا وكم من علماء الطبيعة والباحثين ورجال الفكر المعارض ، اُعدِموا ، واُحرِقَت كتبهم ، واضطُهِدوا بسبب آرائهم العلميّة والسياسية المخالِفة للكنيسة .. لقد كانت الكنيسة تعتقد أنّ البابا مُفوّض من قِبَل الله له ما لله . يحكم ما يشاء ، وانّه يملك حقّ إعطاء صكوك الغفران . فكانت عقليّة الكنيسة عقليّة إرهابيّة دكتاتوريّة تنطلق من نظرية التفويض الإلهي القائلة بأنّ الله فوّض أمر إدارة شؤون البشريّة إلى البابا ، وأنّ إرادته هي القانون .
لذا أدانت(7) جامعة أكسفورد توماس هوبز الكاتب السياسي وصاحب نظرية العقد عام 1683 م بسبب نشره كتابين (الدولة ـ ولفيتان) لتعارض آرائه مع نظرية الكنيسة في الدولة ، القائمة على أساس النظريّة اللّاهوتيّة ، نظريّة الحق الإلهي المفوّض للكنيسة ; لأ نّه ذهب إلى أنّ قوانين المحافظة على النوع الانساني في المجتمع هي قوانين طبيعية ، والنظام الاجتماعي هو نظام دنيوي ، رغم أ نّه كان من المنادين بنظريّة الاستبداد الملكيّة .
وقد استمرّ الصِّراع طويلاً بين الفكر الكنسيّ لبناء المجتمع والدولة،وبين الفكر البرجوازي الأوربي ، الذي انغلق على اُسس علمانيّة حتى سقط الفكر الكنسي اللاّهوتي المحرّف .
وهكذا انعكست نظرية المعرفة الكنسية للطبيعة والمجتمع والدين والانسان والحياة على بناء المجتمع والدولة والسلطة وعلاقة الاُمّة بالحاكم .
وحين انطلقت من فلسفة اللاّهوت لتفسير الطبيعة والفكر والمجتمع والسلوك والأخلاق والطبيعة البشريّة ، انتهت إلى النظام الاقطاعي في الاقتصاد ، وإلى الدكتاتوريّة والاستبداد في السياسة ومصادرة حقوق الانسان ، واضطهاد المرأة وإقرار الطبقيّة والتمايز بين أفراد النوع الانساني ، كما انتهت إلى تحريم البحث العلمي والاستدلال العقلي ، وبذا اُبعِدَ العقل والتجربة عن مجال بناء الفكر والعلم والمجتمع.. كما قام المجتمع والدولة على اُسس خرافيّة مُتخلِّفة . 
الفكر الاجتماعي الاسلامي : 
وينطلق الفكر الاسلامي في تأسيس الحياة السياسية والمجتمع المدنيّ من مرتكزات معرف(فِطرةُ اللهِ الّتي فَطَرَ الناسَ عليها لا تبديلَ لخلقِ اللهِ ذلِكَ الدِّين القَيِّم ولكنّ أكثرَ الناسِ لا يَعْلَمون ). ( الرّوم / 30 )
«كلّ مولود يُولد على الفطرة ، حتّى يكون أبواه هما اللّذان يُهوِّدانه ويُنصِّرانه ويُمجِّسانه» (8) .
وانّ البشريّة كانت في بداية وجودها على هذه الأرض تعيش حياة الوحدة والوئام وتسيِّرها تلك الفطرة ، ويضعف فيها دور العقل والغرائز المؤدِّية إلى الخلاف والصِّراع ، وأنّ الذات البشرية تحمل الاستعداد لتسخير الأشياء لصالحها واحتوائها، فنشأ الصراع والخلاف على امتلاك الأشياء والسيطرة عليها ، فبعث الله النبيِّين ، وأنزل معهم الكتاب لرفع الخلاف ، ودعوة الناس إلى الحق ، قال تعالى :
(كانَ النّاسُ أُمّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النّبيِّين مُبَشِّرينَ ومُنذِرين وأنْزَلَ مَعَهُم الكِتابَ بالحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ فيما اخْتَلَفُوا فيهِ ). ( البقرة / 213 )
ويعتبر مجيء النبيين والكتاب ، البداية لتأسيس المجتمع السياسي (المدنيّ) الّذي يحكمه القانون وتديره السّلطة .
وهكذا يربط القرآن بين تأسيس المجتمع المدنيّ ، وخروج الانسان من المجتمع الطبيعيّ (الفطريّ) ، وبين بعثة الأنبياء ، ويؤكِّد أنّ المجتمع السياسي (المدنيّ) تأسّس على يد الأنبياء والرسالات .
وبما أنّ الانسان ترتكز فيه غريزة حبّ الاجتماع ، وهو بحاجة إلى الجماعة ، لحاجته إلى تبادل المصالح والمنافع ..
قال تعالى :
(يا أيّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَر وأُنْثى وَجَعَلْناكُم شُعوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا إنّ أكْرَمَكُم عندَ اللهِ أتقاكُم ). ( الحجرات / 13 )
( ... وَرَفَعْـنا بَعْضَهُم فوقَ بَعْض دَرَجات لِيَتّخِذَ بَعْضَهُم بَعْضاً سُخريّاً (9)).(الزّخرف / 32 )
بما أنّ الذات البشريّة تحمل في أعماقها هذا التكوين الطبيعي ، فإنّه يتجسّد في الحياة الاجتماعية التي يحياها الانسان ، ويندفع لتأسيس المجتمع المدني (السياسي) .
وبمجموع هذه الاُسس المعرفيّة ينطلق الفكر الاجتماعي و السياسي الاسلامي .. وتكون مهمّة القانون والدولة هي رفع الخلاف وصيانة الفطرة بنقائها الخيِّر (حمايتها من التلوّث) كما تتم حماية البيئة والطبيعة من التلوّث . 
أهم المفكرين و المبدعين 
أوجست كونت
مقدمة تاريخية : 
يعتبر الكثيرون من الكتاب الغربيون أنأوجست كونت هو الأب المؤسس لعلم الاجتماع متناسين في ذلك الرائد الحقيقي لهذا العلموهو عبد الرحمن ابن خلدون إما عن عمد وإما نتيجة قصور في أن دراساته لم تلقى ماتستحقه من ذيوع وانتشار . 
ولقد ولد أوجست كونت في مونتيليه بفرنسا عام (1798 – 1857) والتحق وهو في سن السادسة عشرة بمدرسة البولتكنيك أو مدرسة الفنونالتطبيقية ولقد كانت أوسع المدارس شهرة وأكثرها تميزا في ذلك الوقت ونظرا لطبيعةالدراسة بهذه المدرسة فلقد كان الاهتمام الأساسي لمناهجها هو التركيز على دراساتالرياضة والطبيعة ولم يكن هناك تركيز يذكر على الدراسات الإنسانية بوجه عام . 
وفي سن التاسعة عشرة عمل كونت سكرتيرا للكاتب الإشتراكي المعروف (سانسيمون) وكان ما زال طالبا بمدرسة الفنون التطبيقية ومع أن سان سيمون كان ينتمي إلىالأرستقراطية الفرنسية إلا أنه أصبح واحدا من أوائل مشاهير الإشتراكيين المثاليينوواحدا من المفكرين الاجتماعيين ولقد عمل كونت وسان سيمون معا منذ عام 1817م وحتىعام 1823م وكانت علاقتهما في عملهما وثيقة لدرجة أنه أصبح من الصعب معها التمييزبين إسهامات كل منهم ويتضح ذلك في عملهم المسمى " خطة العمليات اللازمة لإعادةتنظيم المجتمع". 
ولقد كانت حياة كونت سلسلة من الإحباطات والمعاركالشخصية الأمر الذي تزايدت معه عزلته الاجتماعية بصورة مستمرة حتى أنه أصيب بمرضعقلي جعله ينقطع عن محاضراته التي كان قد بدأ في إلقائها سنة 1826م في الفلسفةالوضعية مما دعاه إلى محاولة الانتحار غرقا في نهر السين ، ثم عاد ما بين سنة 1830 – 1843 إلى إلقاء محاضراته التي كان قد انقطع عنها وفيها قدم تصوراته للمعرفةوالعلوم وحاول خلالها وضع أسس علمه الجديد والذي أطلق عليه في بادئ الأمر (الفيزياءالاجتماعية) ثم تجنبا لتكرار الاسم الذي سبقه إليه (كتيليه) سمى العلم الجديد باسمعلم الاجتماع.
ويعد كونت مثله في ذلك مثل سبنسر من أنصار المدخل العضويوالذي أعطى اهتماما أساسيا إلى البناء الميكانيكي الآلي للكائن الاجتماعي حيث كانينظر أصحاب هذا المدخل إلى المجتمع باعتباره نظاما متكاملا يؤدي كل عضو من أعضائهوظيفته من أجل استمرار الكل وأن هذا المجتمع جزء لا ينفصل عن النظام الوظيفي . 
وجدير بالذكر أن النموذج العضوي في النظرية الاجتماعية أقدم أشكال النظريةالاجتماعية وثمة ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية وفكرية أدت إلى ظهور وإرساء قواعدهذا النمط في النظرية الاجتماعية ، فالمبادئ الأساسية للنموذج العضوي دعى إليهاجماعة من مفكري الطبقة العليا درسوا فلسفة عصر التنوير وآمنوا بها وتفاعلوا معالبيئة الاجتماعية وعاشوا أحداث الثورة السياسية والانهيار الاجتماعي والتطوروالنزعة الطبيعية والتصورية الاجتماعية والإصلاح الاجتماعي وقدموا رؤية جديدةللمجتمع تركز على حاجات المجتمع المنظمة ويؤدي هذا المجتمع وظائفه وفق القوانينالطبيعية . 
القضايا الأٍساسية التي عالجها أوجست كونت:
أولاً : علمالاجتماع : على الرغم من أن أوجست كونت هو الذي أعطى العلم الاسم المستخدم الآن إلاأنه قد كرس جهده للدعوة إلى العلم أكثر من اهتمامه بموضوع العلم ، فلقد كان كونتينظر إلى العلوم على أنها إما عملية تطبيقية أو نظرية ، أو أنها علوم وضعية ملموسةوأخرى مجردة حيث تهتم الأولى بالظواهر الملموسة وتعالجها بينما الثانية تنشغلباكتشاف القوانين الطبيعية التي تحكم هذه الظواهر وتحدد وجودها وتتابعها . وتشكلالعلوم النظرية المجردة سلسلة أو سلما تعتمد فيه كل حلقة عليا على الحلقات التيتسبقها ، وتحتل الرياضة قاعدة السلم لأنها تهتم بالجوانب المجردة لجميع الظواهريليها في الترتيب الميكانيكا والتي خلط كونت بينها وبين الفلك ثم الفيزياءوالكيمياء فالبيولوجيا وفوق كل ذلك يتربع العلم الجديد أو الفيزياء الاجتماعية أوعلم الاجتماع . 
لقد كان المناخ الذي يسيطر على فرنسا في أعقاب الثورةالفرنسية مهيئا لبلورة أفكار كونت ولقد ظهرت مشكلات إصلاح المجتمع وإعادة تنظيمهبعد الثورة الفرنسية ولقد كان من وجهة نظره أن الفوضى التي يعيش فيها المجتمع ليستراجعة فقط إلى أسباب سياسية بل هي كذلك راجعة إلى أسباب عقلية أو إلى طرق التفكيرفالمجتمع لكي يستمر ويتقدم ليس في حاجة إلى انسجام في المصالح المادية والمنافعالمتبادلة فحسب بل في حاجة كذلك إلى اتفاق عقلي. 
ولقد كانت الفوضى في رأيهراجعة إلى وجود أسلوبين متناقضين للتفكير ، التفكير العقلي والذي من خلاله يتمتناول الظواهر الكونية والطبيعية والبيولوجية وثانيهما التفكير الديني الميتافيزيقيوالذي يتناول الظواهر التي تتعلق بالإنسان والمجتمع ، ولقد أدت هذه الفوضى إلى فسادفي الأخلاق والسلوك ، وللقضاء على هذه الفوضى عرض كونت ثلاثة تصورات هي : 
‌أ- التوفيق بين التفكير الوضعي والميتافيزيقي . 
‌ب- أن نجعلالمنهج الديني (التيولوجي) والميتافيزيقي منهجا عاما تخضع له جميع العقول والعلوم . 
‌ج- أن نعمم المنهج الوضعي فنجعل منه منهجا كليا يشمل جميع ظواهر الكون ،فبالنسبة للوسيلة الأولى لا يمكن تحقيقها علميا لأن المنهجين متناقضين فالمنهجالأول نسبي والثاني مطلق فغاية الأول كشف القوانين العلمية وهدف الثاني وضع مبادئفلسفية لا سبيل إلى تصورها.
أما الوسيلة الثانية فهي قد تحقق الوحدة العقليةالمنشودة ولكن هذا الوضع يتطلب القضاء على الحقائق الوضعية التي توصل إليها علماءمثل جاليليو وديكارت وبيكون ونيوتن ، وبالتالي هل نستطيع أن نحكم على القوانينالطبيعية التي حكمت على المراحل السابقة بالفساد ونمنعها من أن تحدث النتيجة نفسهامرة أخرى فكأننا نعيد الفوضى من جديد ونهدم المجتمع من حيث نريد له الإصلاحوالتقدم.
وأخيرا لا يبقى في أيدينا إلى الاتجاه الثالث وهو أن نقبل التفكيرالوضعي منهجا كليا عاما ونقضي على ما بقى من مظاهر التفكير الميتافيزيقي وهذاالمنهج لا يمكن أن يتحقق إلا ظل شرطان : 
1 أن تكون هذه الظواهر خاضعة لقوانين ولا تسير وفق الأهواء والمصادفات.
2- أن يستطيع الأفراد الوقوف علىهذه القوانين لكي يفهموا الظواهر.
لهذا كان لا بد من ظهور علم يعالج الفوضىوتنطبق عليه هذه الشروط وهو ما أسماه أولا بالفيزياء الاجتماعية أو علمالاجتماع.
ولقد قسم كونت موضوعات هذا العلم إلى قسمين هما : 
(1) الاستاتيكا الاجتماعية. 
(2) الديناميكا الاجتماعية.
ولقد كان في تصورهأن هذين القسمين يصوران البناء التنظيمي لهذا المجتمع وكذا مبادئ التغير الاجتماعيلهذا المجتمع ، فالاستاتيكا الاجتماعية تشمل الطبيعة الاجتماعية ( الدين والفنوالأسرة والملكية والتنظيم الاجتماعي) والطبيعة البشرية (الغرائز والعواطف والعقلوالذكاء) بينما تشمل الديناميكا الاجتماعية قوانين التغير الاجتماعي والعواملالمرتبطة به ( مستوى الضجر وطريقة الحياة ونمو السكان ومستوى التطور الاجتماعيوالفكري ) ورأى كونت أن هذا البناء ككل يتقدم خلال مراحل التطور الثلاث نحو المرحلةالوضعية . 
وسنتناول الاستاتيكا والديناميكا الاجتماعية بالتفصيل في الآتي : 
أولاً : الاستاتيكا الاجتماعية : 
تعني الاستقرار حيث تهتمالاستاتيكا بالشروط الضرورية لوجود المجتمع الإنساني ومن ثم فإن التركيز يكون أساساعلى النظام العام فدراسة النظام العام هي دراسة لعوامل التوازن والانسجام في بيئةالمجتمع ، تلك العوامل التي أطلق عليها كونت مصطلح الاتساق العام ، والاتساق العامهو التساند والاعتماد المتبادل بين الظواهر موضوع البحث أو بعبارة أخرى هو الارتباطالضروري القائم بين عناصر المجتمع ومكوناته الرئيسية ، والدراسة الاستاتيكية للنظامالاجتماعي تشبه ما اصطلح على تسميته بلغة علم الاجتماع المعاصر بالبناء الاجتماعي.
ولقد وصل كونت في تحليله الاستاتيكي إلى أن المجتمع يتكون من ثلاثة وحداتأو عناصر أساسية هي الفرد والأسرة والدولة ، غير أن الفرد لا يعتبر عنصرا اجتماعيافالقوة الاجتماعية مستمدة في حقيقتها من تضامن الأفراد واتحادهم ومشاركتهم في العملوتوزيع الوظائف فيما بينهم ، أما القوة الفردية الخالصة فلا تبدو إلا في قوتهالطبيعية ولكن ليست لهذه القوة أية قيمة إذا كان الفرد وحيدا أعزل من الأساليبوالوسائل التي تذلل له متاعب الحياة ولا قيمة كذلك لقوة الفرد العقلية والأخلاقيةفالأولى لا تظهر إلا بمشاركة غيرها من القوى واتحادها ببعضها والثانية في نظرهوليدة الضمير الجمعي والتضامن الأخلاقي في المجتمع ، وهذا يعني أن الفردية الخالصةبفرض وجودها لا تمثل شيئا في الحياة الاجتماعية . بينما الأسرة هي أول خلية في جسمالتركيب الجمعي وهي ثمرة من ثمرات الحياة الاجتماعية ويعرف كونت الأسرة بأنها " اتحاد ذو طبيعة أخلاقية " لأن المبدأ الأساسي في تكوينها يرجع في نظره إلى وظيفتهاالجنسية والعاطفية ولا شك أن الميل المتبادل بين الزوجين والعطف والمتبادل بينهمامن جهة والأبناء من جهة أخرى والمشاركات الوجدانية الموجودة بين أفراد هذا المجتمعالصغير ثم تربية الأطفال والنزعة الدينية التي يغرسها الأبوان في أولادهم والحقوقوالواجبات المترتبة لكل عضو في الأسرة قبل العضو الآخر ، كل هذه الأمور ترجع فيطبيعتها إلى وظيفة الأسرة الأخلاقية . 
لقد كان كونت ينظر إلى المجتمع علىأنه وحدة حية ومركب معقد أهم مظاهره التعاون والتضامن ولذلك فهو من طبيعة عقليةوأما وظيفته الأخلاقية فإنها تابعة للوظيفة العقلية ولاحقة بها ومترتبة عليها ويرىكونت أن مبدأ التعاون والتضامن هو الذي يسيطر على المجتمع ويحكمه ويسمى لدى بعضالمفكرين المحدثين تقسيم العمل.
ولقد انتهى كونت في دراسة الاستاتيكاالاجتماعية إلى " قانون التضامن" والذي يطلق عليه " قانون التضامن الاجتماعي الماديوالروحي " وملخص هذا القانون أن مظاهر الحياة الاجتماعية تتضامن بعضها مع بضع وتسيرأعمال كل منها منسجمة مع أعمال ما عداها شأنها في ذلك شأن جسم الإنسان الذي يختص كلعضو منه بأداء وظيفة معينة ، وكما أن الوظائف الحيوية كلها تعمل بصفة تلقائية لحفظالمركب الحيوي والحرص على سلامته كذلك نظم المجتمع وعناصره تعمل متضامنة لتحقيقاستقرار الحياة الاجتماعية ودوام بقائها.
ويرى كونت أن مبدأ التضامنالاجتماعي لا يمكن أن يتحقق بصورة كاملة إلا إذا وجه المسئولون عنايتهم إلى إصلاحثلاثة نظم اجتماعية أساسية وهي نظام التربية والتعليم ونظام الأسرة والنظام السياسيفي الدولة . فنظام التعليم من شأنه أن يحارب الغرائز الفطرية ويهذب المشاعرالإنسانية ، أما النظام السياسي فمن شأنه أن يقاوم ما عسى أن ينشأ في جو المجتمع منتصادم بين مصالح الهيئات الاجتماعية ومن نزاع بين الطبقات حول مشاكل الإنتاج وكيفيةتوزيعه . 
وبصدد إصلاح نظام التربية والتعليم يرى كونت أن المجتمع يحتاج إلىنظام من التربية العصرية يحل محل دراسة الآداب والنظريات المجردة وهذا النظام لابدوأن يقوم أولا على معرفة حقائق العلوم الوظيفية الجزئية ويقوم ثانيا على أسس علميةتنحوا بالنشئ بعيدا عن الجمود والعقم النظري ويؤهل الأفراد للمشاركة بصورة إيجابيةفيما يتطلبه المجتمع من وظائف جديدة . ويجب أن يكون للإعداد المهني معاهد جديدةخاصة ، كما قسم مراحل التعليم إلى ثلاثة مراحل ، مرحلة ابتدائية وإعدادية وعاليةوظيفتها إعداد الشباب لمواجهة حياتهم العملية.
كما أنه تناول الإصلاح الأسريويلاحظ أن تصوره مستمد من المذهب الكاثوليكي حيث يركز بصفة خاصة على الوظيفةالأخلاقية والتربوية ، وبالنسبة لإصلاح النظام السياسي تعرض كونت لوظيفة الحكومةوحللها وقرر أن هذه الوظيفة ليست سهلة الأداء وليست مقصورة فقط على تنظيم البوليسأو ضمان سلامة الشعب ونشر الأمن وليست كما كان يقال عنها في القرن الثامن عشر أنهاشر لابد منه بل على العكس من كل هذا فإن الحكومة هي أولى الوظائف الاجتماعية وأهمهاوهي دليل على مبلغ تقدم المجتمع وهذا التقدم مرهون بنظام هذه الهيئة ومبلغ انقيادالأفراد لها ومدى سلطتها عليهم فوظيفة الحكومة في نظره تقوم على مبدأ التضامن فيالمجتمع والحرص على وحدته . 
ولقد تناول كونت النظام الاقتصادي حيث تعرضللنظريات السائدة ونقدها جميعا حيث نقد آراء مدرسة الفيزيوقراط وما تذهب إليه منإشاعة الحرية الاقتصادية ونادى بضرورة التدخل من جانب الحكومة لكي تقيم توازنامعقولا بين الأهداف الفردية وبين ما ينبغي أن تكون عليه المعاملات الاجتماعية ، كمانقد الإشتراكيين والشيوعيين واعترف بأنهم وفقوا في الوصول إلى بعض الحقائق ولميكونوا مخطئين في كل ما قالوه واتفق معهم في ضرورة تدخل الحكومة في العلاقاتالاقتصادية ، كما درس كونت الناحية الأخلاقية ورأى وجوب قيام علم وضعي هو علمالأخلاق ورأى أن هذا العلم لا يمكن تأسيسه إلا بعد قيام علم الاجتماع . 
ولم يفت كونت أن يدرس الناحية الدينية في المجتمع لأن المجتمع في حاجة ماسة إلى مجموعةمنظمة من العقائد يتفق عليها الأفراد جميعا وهذا لا يتأتى إلا إذا ألغينا الدياناتالقائمة وصهرناها في دين جديد ، أي أنه إلى جانب النظم السابقة وضع نظاما دينياجديدا هو الدين الوضعي ، ويدور هذا الدين حول عبادة الإنسانية كفكرة ، أي أن فكرةالإنسانية تحل في رأيه محل فكرة " الله " في الديانات المعروفة . 
ثانياً : الديناميكا الاجتماعية : 
تدور دراسات كونت فيالديناميكا الاجتماعية حول نظريتين أساسيتين هما : 
أ‌. نظرية في تطور المجتمعات ( قانون المراحل الثلاثة ) . 
ب‌. نظرية في تقدم الإنسانية.
1 – نظريةالتقدم:
يرى كونت أن التقدم الاجتماعي لابد وأن يكون خاضعا لقوانين ولعل هذهالفكرة كانت غائبة عن أذهان المفكرين السابقين الذين درسوا الحركات الاجتماعيةبوصفها ذبذبات أو اضطرابات وهو يرى أن انتقال الإنسانية من مرحلة إلى أخرى يكونعادة مصحوبا بتقدم أو تحسن يبدو في مظهرين:
(1) التقدم المادي.
(2) التقدم في الطبيعة الإنسانية.
والتقدم المادي يكون أوضح وأسرع حركة وأسهلتحقيقا ، أما التقدم في الطبيعة الإنسانية فيكون واضحا في الطبيعة البيولوجيةوالعقلية ، وهو يرى أن الجانب العقلي من التقدم جانب أساسي وظاهر فالتاريخ يحكمهويوجهه نمو الأفكار . 
ويرى كذلك أن الإنسان يبدو غالبا مشغولا بإشباع حاجاتمادية ولذلك فإن التقدم يكون واضحا وظاهرا بالفعل في مجال السيطرة على قوى الطبيعةلكن كونت يصر على أن النمو العقلي يؤدي إلى النمو المادي . 
ولقد دعم كونتنظريته المتفائلة بقبوله النظرية التي تقول أن السمات التي يكتسبها الفرد خلالحياته يمكن أن تنتقل بالوراثة البيولوجية إلى الأبناء ، كما اعتقد كونت أن التطورالاجتماعي ما هو إلا استمرار للتقدم العام الذي يبدأ من مملكة النبات فالسلسلةالاجتماعية الكبرى تتطابق مع سلسلة الكائنات الكبرى وليس مع تتابع المراحل العمريةلكائن عضوي بسيط ويعد هذا الافتراض عنصرا أساسيا في نسق فكري يؤكد التقدم المستمر. 
وتمثل الديناميكاالاجتماعية ما يعرف الآن في علم الاجتماع باسم التغيرالاجتماعي.
2 ـ قانون المراحل الثلاثة : 
يؤمن كونت بالتقدم أيالتحول إلى المجتمع المثالي مثله مثل غيره من فلاسفة عصره ، وعلى الرغم من ذلك فهويصر على أن هذا المجتمع لن يتحقق بالثورة السياسية بل عن طريق التطبيق المناسب لعلمأخلاقي جديد وهذا العلم أسماه علم الاجتماع ، سنة 1839م ، ولهذا أصبح كونت معروفابأنه الأب المؤسس لعلم الاجتماع " أرفع العلوم جميعا " والعلم الذي سوف يستخدمالمنهج العلمي الوضعي من خلال الملاحظة والتجريب والمقارنة من أجل فهم نظام ما ومنأجل دفع التطور ويتضمن التطور والوصول إلى المجتمع المثالي . 
أما مرور فكرةالإنسان بمراحل تاريخية معينة هي المرحلة اللاهوتية والمرحلة الميتافيزيقيةوالمرحلة الوضعية (الإيجابية) . فقد أشار إلى أن تقدم المعرفة هو الأساس الذي ترتكزعليه نظريته في التطور من خلال (قانون المراحل الثلاث) والذي يعد أمرا حتميا فقط بلإنه أمر قطعي أيضا بالإضافة إلى ذلك فإن تقدم المعرفة لا نهائي بمعنى أننا دائمانقترب من المعرفة الوضعية الكاملة ولكننا لا ندركها مطلقا. 
ولقد تناول كونتكل مرحلة من هذه المراحل بصورة أكثر تفصيلا:
فبالنسبة للمرحلة الأولى وهيالمرحلة اللاهوتية : حيث يعتقد الناس أن الموضوعات الجامدة ( التي لا حياة فيها ) هي موضوعات حية ولقد مرت هذه النظرية العامة نفسها بثلاث مراحل : 
1- Animism or Fetishism والتي تنظر إلى كل موضوع على أن له إرادته الخاصة . 
2- Polytheism والتي تعتقد أن الكثير من الإرادات السماوية تفرض نفسها علىالموضوعات.
3- Monotheism والتي تعتقد بوجود إله واحد يفرض نفسه علىالموضوعات وعموما فإن المرحلة اللاهوتية تتميز بسيطرة اللاهوت على النظام ويتسمالأفراد بالبدائية حيث يعتقدون في الخرافات وتعتبر العبودية والعسكرية من السماتالرئيسية لهذه الفترة . 
أما المرحلة الثانية وهي المرحلة الميتافيزقية : وهي الفترة التي حدث فيها تفسير للسببية بلغة القوى المجردة ، حيث تحل الأسبابوالقوى التجريدية محل الإرادات وتسود فكرة وجود كيان عظيم واحد هو الطبيعة . 
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي المرحلة الوضعية أو الإيجابية : وتتميزهذه المرحلة بأنها مرحلة إيجابية يحل فيها العلم محل الخرافات حيث يطور البشر عمليةالتفسير بمصطلحات العملية الطبيعية والقوانين العلمية وعند هذه النقطة من تطورالمجتمع يصبح من الممكن التحكم في الأحداث الإنسانية ، ويعتقد كونت أو المدنيةالأوروبية قد وصلت بالفعل إلى المرحلة الوضعية من التحكم في الظروف الطبيعية وأصبحتعلى حافة الوضعية فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية . 
ولا تظهر كل مرحلة منالمراحل السابقة صورة محددة من النمو العقلي فقط بل إن لكل مرحلة تطور مادي مماثل ،ففي المرحلة اللاهوتية تسود الحياة العسكرية وفي المرحلة الميتافيزيقية تسودالأشكال القانونية أما المرحلة الوضعية فهي مرحلة المجتمع الصناعي ، وهكذا يتمسككونت بأن التطور التاريخي يكشف عن حركة متوافقة للأفكار والمؤسسات . ويصور الشكلعرض مختصر لنمط المجتمع عند كونت والذي يشمل الاستاتيكا الاجتماعية والديناميكاالاجتماعية . 
مراحل التطور الثلاث : الغائية والميتافيزقيةوالوضعية : 
* التقدم وليد الضعف الإنساني . 
* الحركة نحو سيطرة علمالاجتماع ( حكم علم الاجتماع).
* الصدام بين السلطات والكنسية والعسكرية . 
فهو يرى أنه من خلال قانون المراحل الثلاثة أن العقل الإنساني أوالتفكير الإنساني قد انتقل في إدراكه لكل فرع من فروع المعرفة من الدور الديني (التيولوجي) إلى الدور الميتافيزيقي وأخيرا الدور الوضعي أو العلمي . 
ويقصد بالدور الديني أن العقل كان يسير على أسلوب الفهم الديني بمعنى أنه يفسر الظواهربنسبتها إلى قوى غيبية خارجة عن الظاهرة نفسها كالآلهة والأرواح الشيطانية وماإليها كأن يفسر ظاهرة النمو في النبات بنسبتها إلى الله عز وجل ، ويقصد بأسلوبالفهم الميتافيزيقي أن العقل كان يفسر الظواهر بنسبتها إلى معان مجردة أو قوىميتافيزقية كأن يفسر ظاهرة النمو في النبات بنسبتها إلى قوة النبات . ويقصد بأسلوبالفهم العلمي أن العقل يذهب في تفسيره للظواهر بنسبتها إلى القوانين التي تحكمهاوالأسباب المباشرة التي تؤثر فيها كأن يفسر ظاهرة النمو بنسبتها إلى العواملالطبيعية والكيميائية والقوانين المؤلفة لهذه الظاهرة.
رابعاً : منهجالبحث عند كونت : 
تتلخص قواعد المنهج عند كونت في الملاحظة والتجربة والمنهجالمقارن ثم ما يسميه كونت بالمنهج التاريخي وسنتعرض في الآتي لكل منها :
1- الملاحظة : المقصود بالملاحظة ليس مجرد الإدراك المباشر للظواهر ولكن هناك وسائلأخرى مثل دراسة العادات والتقاليد والآثار ومظاهر الفنون الأخرى وتحليل ومقارنةاللغات والوقوف على الوثائق والخبرات التاريخية ودراسة التشريعات والنظم السياسيةوالاقتصادية وما إليها . 
والملاحظة الاجتماعية ليست سهلة وذلك لطبيعةتداخلها وكذا لأن الفرد يشارك فيها بدرجة أو بأخرى ، لذا يجب النظر إلى الحقائقالاجتماعية على أنها موضوعات منعزلة عنا وخارجة عن ذاتنا ومنفصلة عن شعورنا حتىنستطيع أن نصل من وراء الملاحظة الاجتماعية إلى نتائج أقرب إلى حقائق الأمور ، وهويرى أن الملاحظة أو استخدام الحواس الفيزيائية يمكن تنفيذها بنجاح إذا وجهت عن طريقنظرية.
2- التجربة : يقصد بها التجربة الاجتماعية حيث يمكن مقارنة ظاهرتينمتشابهتين في كل شيء ومختلفتين في شيء واحد . 
3- المنهج المقارن : وهو يرىأن المقارنة الاجتماعية بالمعنى الصحيح تقوم على مقارنة المجتمعات الإنسانية بعضهاببعض للوقوف على أوجه الشبه وأوجه التباين بينها.
4- المنهج التاريخي : ويسميه كونت بالمنهج السامي ويقصد به المنهج الذي يكشف عن القوانين الأساسية التيتحكم التطور الاجتماعي للجنس البشري باعتبار هذا الجنس وحدة واحدة تنتقل من مرحلةإلى أخرى أرقى منها.
ولقد ميز كونت علم الاجتماع عن الفلسفة السياسيةبإصراره على أن الاستقصاءات السوسيولوجية لابد وأن تعتمد على المناهج الوضعية أوالموضوعية في الملاحظة والتجريب والمقارنة المميزة للعلوم الطبيعية ، كما أن تطبيقالمعرفة العلمية عن المجتمع جديرة بأن تقدم أكبر تقدم في المجتمع الإنساني ، ولقدجاهد كونت وكتب كثيرا دفاعا عن الموقف الوضعي بالنسبة لدراسة المجتمع ولذلك أصبحتالوضعية مقترنة بكونت تاريخيا ، إلا أنه لم يمارس عمليا ما كان ينادى به حيث أنه لميقم بدراسات يستخدم فيها طرق البحث الاجتماعي فلا نزاع في أنه أول من عرف علمالاجتماع بأنه الدراسة الواقعية المنظمة للظواهر الاجتماعية 
أميل دور كايم
كان دور كايم عالمأجتماع وإن دور كايم كرس القدر الأعظم من أهتمامه لدراسة تأثير الأبنيه الكبرىللمجتمع وتأثير المجتمع نفسه على أفكار وأفعال الأفراد الذين يعيشون فيه .كما كانصاحب التأثير الأعظم في صياغة وتشكيل النظرية البنائية الوظيفية وتأكيد أهتمامهابدراسة البناء الأجتماعي والثقافة .
دور كايم طور وأستخدم مفهوم الظاهرةالأجتماعية فأن الظاهرة الاجتماعية هي الأبنية الأجتماعية والمعايير الثقافيةوالقيم التي توجد خارج الفاعلين وتمارس عليهم في نفس الوقت القهر والألزام .
ومثل هذه الظواهر تمارس قهرا على الأفراد المجتمع في كل مجالات الحياةالأجتماعية.
الظواهر الاجتماعية
يرى دور كايم أنه لكي نساعد علمالاجتماع على الأبتعاد عن الفلسفه وعلى أن يكون ذا هوية واضحه ومستقله فأن موضوعالمييز لعلم الأجتماع يجب أن يكون دراسة الظواهر الأجتماع يتكون مفهوم الظاهرهالأجتماعية من عناصر عده ولكن العنصر الحاسم في فصل علم الأجتماع عن الفلسفه هوفكرة أن الظواهر الاجتماعية يجب دراستهاا بأعتبارهاا أشياء.
فرق دور كايمبين نطمين كبيرين من الظواهر الاجتماعية هما: 
الظواهر الاجتماعية المادية 
الظواهر الأجتماعية لامادية 
وتقع معظم أعمال دور كايم وجوهر علمالجتماع عنده في دراسة الظواهر الأجتماعية الامادية وما يسميه علماء الاجتماع اليوم 
القيم والمعايير تعد أمثلة جيدة لما كان يقصده دور كايم بالظواهر الأجتماعيةالامادية 
الأفضل النظر إلى الظواهر الاجتماعية الامادية على أنها ظواهرعقلية ولكنهاا ظواهر عقلية خارجية وتمارس على الافراد قهرا عليهم .
دور كايمقسم الظواهر إلى مستويات من الواقع الأجتماعي يبدأ دور كايم بمستوى الظواهرالاجتماعية المادية ليست لكونها اكثر المستوياات اهميه بالنسبه لدور كايم ولكن لانعناصرهاا تمثل في نظريته أولوية سببيه بمعنى انهاا تؤثر في الظواهر الأجتماعيةالامادية التي تعد محور الاهتمام الأساسي في دراسته.
الظواهر الاجتماعيةالمادية مثل :
المجتمع
المكونات البنائية للمجتمع (الدولة(
العناصرالمورفولجية للمجتمع 
الظواهر الأجتماعية اللا مادية 
المبادئ الأخلاقية 
الضمير الجمعي
التصورات الجمعية
التيارات الأجتماعية 
الدينأن الدين يمثل الظاهرة الأجتماعية اللامادية بصورتهاا المطلقة وقد وصف دوركايم الظاهرة الدينية بأنها ذات طبيعة دينامية أصيله بمعنى انه ليس لديها القدرةعلى السيطرة على الأفراد فحسب ولكن لديهاا القدرة أيضا على السمو بهم بما يفوققدراتهم العادية 
رأى دور كايم انه من المهم دراسة الدين في مثل هذه القبائلالبدائية لعدة أسباب أول هذه الأسباب 
1_أن من السهل الوصول إلى رؤية عميقةللضرورة الطبيعية للدين في المجتمعات البدائية اكثر من المجتمعات الحديثة.
2_إنالديانات البدائية كأنساق فكرية لم تتطور إلى حد كبير كما هو الامر في الدياناتالحديثة فأن الديانات البدائية أكثر وضوح وأقل تشويش 
3_السبب الثالث فأنه علىحين يتشكل الدين في المجتمع الحديث في صور مختلفة فأنه في المجتمع البدائي يتمثل فيالامتثال الأخلاقي والفكري وبالتالي يمكن دراسته على نحو أفضل في صورته البدائية فيالمجتمعات البدائية .
در كايم يقول أن المجتمع هو المصدر الدين .وذلك يحددبعض الظواهر بانها مقدسة وبعض الظواهر الاخرى بانها علمانية .
الدين :هو نسقموحد من المعتقدات والممارسات التي تربط بأشياء مقدسة وهذه المعتقدات تحدد فيالمجتمع أخلاقي واحد وفريد يمسى الكنسية (( المكان )) ويضم الذين يؤمنون به .
تقسيم العمل في المجتمع 
دور كايم صور نمطين مثاليين من المجتمعاتالنمط الاول بدائي يتميز بالتضامن الآلي وبناء أجتماعي متماثل نسبيا ويوجد به قدرضئيل من تقسيم العمل .
النمط الثاني يتميز بالتضامن العضوي بقدر أكبر وأكثرتحديدا من تقسيم العمل .
الانتحار
اهتم دور كايم بتفسير البيانات فيمعدلات الانتحار 
هناك انماط أربعة للانتحار :
1_انتحار أناني 
2_أنتحار قدري
3_أنتحار الإيثاري
4_أنتحار الأنومي 
يرتبطالانتحار الإيثاري بدرجة عالية من التكامل .
يرتبط الانتحار الأناني بدرجةمنخفضة من التكامل .
يرتبط الأنتحار القدري بدرجة عالية من النظام .
يرتبطالأنتحار الانومي بدرجة منخفضه من النظام 
هربرت سبنسر 
هربرت سبنسر فيلسوف بريطاني ( 27 ابريل 1820 - 8 ديسمبر 1903 ).في كتابه السياسي " الرجل ضد الدولة"قدم رؤية فلسفية متطرفة في ليبراليتها. كان سبنسر ، و ليس داروين ، هو الذي اوجد مصطلح "البقاء للأصلح ". رغم ان القول ينسب عادة لداروين. و قد ساهم سبنسر في ترسيخ مفهوم الارتقاء، و اعطى له ابعادا اجتماعيا ، فيما عرف لاحقا ب الدارونية الاجتماعية .و هكذا يعد سبنسر واحدا من مؤسسي علم الاجتماع الحديث. ولد سبنسر في ديربي ، و تلقى معظم تعليمه في المنزل ، عمل كمهندس مدني ، لكن كتاباته المبكرة 1848 شهدت اهتماما بألامور الاقتصادية. حيث عمل كمحرر في جريدة الايكونومست "الاقتصادي".و التي كانت ، كما هي الان ، جريدة اقتصادية مؤثرة و مهمة. عام 1851 انضم إلى مجموعة جون تشابمان ،التي كانت ترعى الفكر الحر و الاصلاح ،و بالذات تروج لفكرة التطور و الارتقاء . طلب تشابمان من سبنسر ان يبحث نظرية توماس مالتوس و يعرضها في العدد الاول من مجلة اشرف على اصداراها ،و رأى سبنسر في نظرية مالتوس قانونا عاما يصلح للبشر كما للحيوانات ،حيث تعمل الحروب و الكوارث و الاوبئة على تصحيح الزيادة السكانية . من هذه اللحظة فصاعدا اعتبر سبنسر كاتبا مهما ، و وجد تعبير" البقاء للأصلح " رواجا كبيرا ،و توالت كتبه التي شملت مواضيع مختلفة ، و كانت ترى مسألة التطور و الارتقاء في شتى الجوانب الاجتماعية.حيث لا مكان للضعيف في سباق الاقوياء.شكلت الدراوينية الاجتماعية في تلك الفترة بمثابة كفارة لضمير الانسانية المتعب : حيث قدمت على انها قانون الطبيعة الذي لا حياد عنه. كان سبنسر يمتلك علاقات وثيقة مع كبار الرأسماليين في عصره ، الذين تلقفوا افكاره و رحبوا بها، و كان سبنسر قد اخبر كارينجي ، واحد من أهم راسماليي عصره : ان صعود شخص مثله ، لم يكن نتيجة حتمية فحسب ، بل كان حقيقة علمية. كان سبنسر معجبا جدا بداروين ، و من اجله فقط ، حنث بيمينه بعدم دخول اي كنيسة ، حيث حضر القداس على روحه في كنيسةوستمنستر
ماكس فيبر (21 أبريل 1864 - 14 يونيو 1920) 
عالم ألماني في الاقتصاد والسياسة ومن مؤسسي علم الاجتماع الحديث ودراسة الادارة العامة في مؤسسات الدولة, وهو من أتى بتعريف
 البيروقراطية، وعمله الأكثر شهرة هو *(مقالة في الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية)حيث أن هذا أهم أعماله المؤسسة في علم الاجتماع الديني وأشار فيه إلى أن الدين هو عامل غير حصري في تطور الثقافة في المجتمعات الغربية والشرقية ، وفي عمله الشهير أيضا *(السياسة كمهنة)عرف الدولة: بأنها الكيان الذي يحتكر الاستعمال الشرعي للقوة الطبيعية, وأصبح هذا التعريف محوريا في دراسة علم السياسة .درس جميع الاديان كان يرى ان الاخلاق البروستنتانتية اخلاق مثالية و منها استقى النمودج المثالي للبيروقراطية والدي يتميز بالعقلانية والرشادة ومن الصعب تطبيقه في الواقع ولو طبق في التنظيم لوصل لاعلى درجات الرشادة.
ولقد ميز فيبر بين ثلاثة نماذج مثالية للسلطة تعتمد على تصورات مختلفة للشرعية هي :
1- السلطة الملهمة
2- السلطة التقليدية
3- السلطة القانونية
عالم الاجتماع والمفكر الفرنسي بيير بورديو 
(2002 - 1930) 
يعد (بيير بورديو) عالم الاجتماع الفرنسي الشهير أحد أبرز الأعلام الفكرية في القرن العشرين. يحتل مكانة مميزة في حقل الدراسات الإنسانية .شهد علم الاجتماع على يديه إبداعا علميا رائعا، وتجديدا فكريا حقيقيا في المصطلحات والمضامين والدور والأهداف. فقد أحدث الرجل في تحليله للظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية تغييرا في حقل الدراسات الثقافية والأبحاث الاجتماعية النقدية وفي مفهوم علم الاجتماع نفسه. لقد هالني إنتاجه الفكري الغزير والمتميز، واطلاعه الواسع، وإرادته القوية والشجاعة في تطبيق الأفكار والمبادئ التي نادى بها في أعماله الفكرية وتصميمه الحاسم على ترجمتها إلى سلوك ومواقف وممارسات عملية من خلال مشاركاته ومداخلاته الشخصية في المظاهرات والحركات الاجتماعية والسياسية.
كان (بورديو) مفكرا فذا ،عالمي الثقافة ،وانساني التوجه ومن أبرز المثقفين المناضلين في تاريخ النضال الاجتماعي والسياسي والثقافيفي القرن العشرين. لقد انخرط (بورديو) في معمعة الفكر العالمي الجياش وشارك عمليا في حراك مجتمعه وكون لنفسه رؤية خاصة في الشأن الفرنسي خصوصا وفي الشأن الإنساني عموما وراح يكتب بحماس ملتهب وبغزارة جارفة، وقد أكسبته هذه الرؤية العميقة الواسعة وذلك النضالالفاعل مكانة عالمية وجعلته نموذجا رائعا للإقدام في الفكر والفعل. وتذكرنا شخصيته الفذة المؤثرة بالمفكر الايطالي (انطونيو غرامشي)، و الفيلسوف (جان بول سارتر)، والفيلسوف (ميشيل فوكو)، والمبدع والمفكر (جورج أورويل)، والفيلسوف (برتراند رسل)، فقد كانوا جميعا من المفكرين الذين يعملون ما يقولون، ويجمعون بين القول والفعل، والمبدأ والسلوك، وبين الإنتاج الفكري المتميز والممارسة النضالية العملية التي تدافع عن القضايا والمبادئ التي نادوا بها. وفي تقديري يبقى في تاريخ الفكر الاجتماعي، كتاب المقدمة لابن خلدون له الفضل والأسبقية على رواد علم الاجتماع في العصر الحديث من أمثال (ميكيافلي) و (فيكو) و (مونتسكيو) و(هيجل) و (ماركس) و (كونت سبنسر) و (دوركهايم) و (ماكس فيبر)، في تأسيس علم الاجتماع. وأفضل من تمثّل نظرية (ابن خلدون) ودرسها بعمق واستفاد من المنهج الخلدوني في الدراسة هو عالم الاجتماع المرموق (علي الوردي) وكتابه (منطق ابن خلدون)هو من أفضل الأعمال التي شرحت ابن خلدون ويسرت فهم نظريته، وأحاطت بالظروف التاريخية التي وضع فيها العلامة ابن خلدون نظريته الشهيرة. يصف المؤرخ البريطاني (آرنولد توينبي) كتاب مقدمة ابن خلدون بأنه أعظم عمل من نوعه أنتجه أي عقل في أي زمان أو مكان
IT IS THE BESTWORK OF ITS KIND THAT IS CREATED BY ANY MIND INANY TIME OR PLACE
ومن أهم ما قام به (ابن خلدون) في تاريخ الفكر الاجتماعي انه قام بأول محاولة جدية للنزول بالفلسفة من عليائها وللدخول بها في معترك الحياة الواقعي. وما زالت الكثير من الأفكار الخلدونية تتمتع بالصمود حتى اليوم مثل(آلية السوق) و(آلية الحكم) وأثر (العدل) في ديمومته
ولد (بيير بورديو)في الأول من آب 1930م في منطقة (دنكه) من (بيآرن)في جنوب فرنسا .كان أبوه موظفا حكوميا في مكتب البريد ومن أصل ريفي. درس بورديو الفلسفة في مدرسة المعلمين العليا في باريس ونال فيها شهادة الأستاذية في الفلسفة في عام 1954م. وكان (جاك دريدا) الفيلسوف الفرنسي الشهير من الذين تخرجوا في نفس الدورة. أطلع بورديوعلى أعمال (ماركس) (وجان بول سارتر) وفي الوقت الذي كان المذهب الوجودي يطغى على الأوساط الفلسفية، توجه بورديو نحو دراسة المنطق وتاريخ العلوم ثم تابع حلقة دراسية في التعليم العالي حول فلسفة الحق عند هيجل.ولكن بعد تجربة قصيرة له كأستاذ في إحدى الثانويات دعي من قبل المكتب النفسي للجيوش في مدينة فرساي ولكن لأسباب تأديبية أرسل بسرعة إلى الجزائر في إطار إحلال السلام حيث أدى هناك القسم الأساسي من خدمته العسكرية. ومن 1958الى1960م تمنى أن يتابع دراساته عن الجزائر.فدرس في كلية الآداب في الجزائر واهتم بالدراسات الأنثروبولوجيية والاجتماعية و كتب بعد عودته إلى فرنسا مباشرة كتابا بعنوان (سوسيولجيا الجزائر) ثم أصدر كتابا آخر بعنوان (أزمة الزراعة التقليدية في الجزائر). وبدأ يدرس الفلسفة في السوربون ثم أصبح مديرا لقسم الدراسات في مدرسة الدراسات العليا، ثم مديرا لمعهد علم الاجتماع الأوربي، كما انتخب عام 1982م لكرسي علم الاجتماع في «الكوليج دو فرانس»وهي أعلى هيئة علمية في فرنسا. وكانت محاضرته الافتتاحية في «الكوليج دو فرانس» بعنوان درس في درس وقد جال فيها بجدارة في ميادين النقد الاجتماعي والسياسي والتربوي والنفسي وختمها بالتحذير من ظاهرة التسامي الزائف التي تنشأ عن إساءة استخدام المعرفة. وهكذا ظل يدرس ويحاضر فيها لغاية عام 2001م. كان بيير بورديو على موعد مع الشهرة مبكرا بعد إصداره كتاب (الورثة)بالاشتراك مع (جون كلود باسرون) ولكن تألق نجمه مع ثورة الطلاب عام 1968م التي جذبت وركزت أنظار المجتمع الفرنسي ووسائل الإعلام على الجامعة والنظام التعليمي.
وقف بورديو على الدوام ضد النظام التعليمي القائم على تلقين المعلومات ونقد بشدة المدارس ومناهجها وحسب رأيه يجب أن تكتفي الدولة بتعليم التعليم وتدريب الناس على تحصيل المعرفة فالرجل يرفض الادلجة ولا يقبل أية شبهة للتأثير السياسي في التعليم.
طور (بورديو) عددا من المفاهيم والاستعارات القوية من أجل صياغة تحليله لعلاقة القوة والسيطرة في الفضاء الاجتماعي وقد أسس الرجل لموقفه النظري من خلال مقال كتبه عام 1970م بعنوان (مخطط تمهيدي لنظرية الممارسة). وهذا المقال يستحق الإعجاب فعلا.
ومن المفاهيم الأساسية التي استخدمها بورديو في تحليله: «إعادة الإنتاج» و«الحقل» و«رأس المال الرمزي» و« العنف الرمزي» و«العرف» و«الانعكاسية»
إذا كان بورديو قضى شطرا من حياته في البحث الاجتماعي وتحليل الظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية فقد كرس السنوات الأخيرة من حياته المعرفية والعملية في العمل النضالي السلمي والمشاركة السياسية الفاعلة ضد الأشكال الجديدة من السلطة السياسية والاقتصادية
وأصدر في هذه المرحلة مجموعة كتب قيمة أذكر منها: (بؤس العالم) و(علل عملية.في نظرية الفعل) و(عن التلفزيون)و(تأملات باسكالية) و(السيطرة الذكورية) و(البنيات الاجتماعية للاقتصاد)و(علم العلم والانعكاسية) و(تدخلات.العلم الاجتماعي والعمل السياسي) و(توطئة لتحليل ذاتي)
يرى بورديو ليس جديا أن نفكر في السياسة دون أن نتحلى بتفكير سياسي ، ولا يمكن فهم ظاهرة ما دون تحليل بنيتها والآليات التي تحكمها وتعمل وفقا لها.وفي رأيه أن تحليل الواقع الاجتماعي ونقده يساهم في تغييره.
تعود علاقة بورديو بالسياسة إلى فترة حرب الجزائر ويرى الرجل أن العلوم الاجتماعية لا تستحق الاهتمام إن لم تكن في خدمة الإنسان والمجتمع وان لم تكشف آليات الهيمنة السائدة في المجتمع. يقول بورديو في كتاب (إعادة الإنتاج) من المفهوم أن علم الاجتماع كان مرتبطا جزئيا بالقوى التاريخية التي كانت تحدد طبيعة علاقات القوى التي يجب الكشف عنها في كل حقبة من حقب التاريخ. المشكلة السياسية الخاصة كانت تلك المتعلقة بنشر الأعمال العلمية المتقدمة التي تسمح بفهم وتقدير أكثر ديمقراطية بقدر المستطاع للنتائج التي يتوصل إليها علم الاجتماع (في مقابل البحوث العملية التي تتم حسب طلب الهيئات والمؤسسات الحاكمة التي تستخدم العلوم الاجتماعية من أجل أن تتحكم بشكل أفضل وتهيمن بفاعلية على الخاضعين لهيمنتها. ولم يكن من باب المصادفة صدور كتاب بؤس العالم في عام 1993م قبل الانتخابات الفرنسية.هذا الكتاب الضخم هو ثمرة سنوات من العمل البحثي الكبير الذي شارك فيه عشرات من الباحثين الذين عملوا بالتعاون الوثيق مع بورديو وقد كان الهدف الأساسي منه الكشف عن المعاناة الاجتماعية الناتجة عن سياسة الليبرالية الجديدة . لازلت أذكر شخصيا كيف لاقى هذا الكتاب اهتماما إعلاميا كبيرا في فرنسا جعل من بورديو شخصية عامة ومؤثرة. 
ثم اصدر بعد ذلك سلسلة من الكتب تدور موضوعاتها حول قضايا سياسية ساخنة وكان الهدف من ورائها دفع الدراسات التي تقوم بها العلوم الإنسانية إلى ميدان النضال السياسي. ومن أجمل كتبه كتابه الرائع عن التلفزيون. حلل بورديو فيه حالة وسائل الإعلام وهاجم التلفزيون وأعتبره جهازا مدمرا لأنه يستخدم مخزن النظام الرمزي ليشيع خطرا كبيرا في ميادين الإنتاج الثقافي والفني والأدبي والعلمي والفلسفي والقانوني كما انه يشيع خطرا لا يقل عن ذلك للحياة السياسية والديمقراطية وكذلك يشيع التفاهة في المشاهدين ويقدم ثقافة سريعة حسب تعبيره .
من الصعب على أي كاتب أو باحث أن يلم إلماما تاما بفكر وأعمال المفكر الفرنسي بيير بورديو . فقد عاش الرجل فترة حاسمة من التاريخ الإنساني ، فبين ميلاده في الأول من آب عام 1930م ووفاته في الثالث والعشرين من كانون الثاني 2002م، اثنان وسبعون عاما من العمل الجاد المتواصل، أبدع خلالها ما يزيد عن ثلاثين كتاب، إلى جانب مئات المقالات في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع والسياسة والفن والأدب.
كتب كتابه الأول عن سوسيولوجيا الجزائر، وأنا لم أولد بعد ولكنني والحق يقال لو لم تتح الفرصة لأن أقيم وأدرس في باريس قبل أكثر من ربع قرن لكنت قد عشت ومت من دون أن أطلع على كل كتبه وأقرأ كل ما جرى به قلمه، وأنصح باقتنائها والاطلاع عليها. ومن حسن الحظ أتيح لي أن أتقن اللغة الفرنسية واللغة الانكليزية المليئتين بالمراجع في جميع الاختصاصات والعلوم. وأعتقد أن معظم مؤلفات بورديو إن لم يكن كلها غير مترجم إلى العربية وإذا ماترجم فنادرا أن تكون الترجمة صحيحة أو موثوقة. 
تضم مؤلفات بورديو هذه النفائس: (سوسيولوجيا الجزائر) ، و (الورثة.الطلبة والثقافة) ، و (إعادة الإنتاج.أصول نظرية في نظام التعليم) ، و (التمييزـ التميز.النقد الاجتماعي لحكم الذوق) ، و (الحس العملي) ، و (ما معنى أن نتكلم.اقتصاد التبادلات اللغوية) ، و (درس في الدرس) ، (ومسائل في علم الاجتماع) ، و (الإنسان الأكاديمي) ، و (الانطولوجيا السياسية عند مارتن هيدغر) ، و (منطق الممارسة) ، و (إجابات. من أجل إنسيات انعكاسية) ، و (قواعد الفن) ، و(بؤس العالم) ، و (علل عملية.في نظرية الفعل) ، و (عن التلفزيون) ، و (تأملات باسكالية) ، و (السيطرة الذكورية) ، و (البنيات الاجتماعية للاقتصاد) ، و (علم العلم والانعكاسية) ، و (تدخلات.العلم الاجتماعي والعمل السياسي) ، و (توطئة لتحليل ذاتي).
عندما يموت مفكر أو مبدع كبير يشعر الإنسان بالحزن ، يشعر بأن نجمة ما قد انطفأت ...ومع رحيل بورديو في الثالث والعشرين من كانون الثاني عام 2002م وبعد مسيرة علمية وفكرية تضعه في زمرة المجددين الكبار ...انطفأ نجم كبير في سماء باريس. 
ابن خلدون 
هو عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المؤرخ ورائد علمالاجتماع الحديث الذي ترك تراثا مازال تأثيره ممتدا حتى اليوم. ولد فيتونس عام 1332م (732 ﮪ)بالدار الكائنة بنهج تربة الباي عدد 34 وعاش فيأقطار تونس والجزائر والمغرب الأقصى. وكانت أسرة ابن خلدون على ما ذكر فيكتاباته أسرة ذات نفوذ في إشبيلية في الأندلس، ثم نزحت منها إلى تونس أوأفريقية الأسم القديم لتونس التي أعطت إسمها للقارة الأفريقية وكان قدومعائلته إلى تونس في دولة الحفصيين، وقضى أغلب مراحل حياته في بلده تونسوكتب الجزء الأول من المقدمة بقلعة بني سلامة بالجزائر وفي آخر حياته تولىالقضاء المالكي بمصر بوصفه فقيها متميزا خاصة انه سليل المدرسة الزيتونيةالعريقة. توفي في القاهرة سنة 1406 م (808 ﮪ). وولد لأسرة من أصول يمنيةكما يقول هو في المقدمة.ومن بين أساتذته الفقيه الزيتوني الإمام ابن عرفةحيث درس بجامع الزيتونة المعمور ومنارة العلوم بالعالم الإسلامي آنذاك.
ويعد من كبار العلماء الذين أنجتبهم شمال افريقيا، إذ قدم نظريات كثيرةجديدة في علمي الإجتماع والتأريخ ، بشكل خاص في كتابيه: العبر والمقدمة. وقد عمل في التدريس في الزيتونة بتونس ثم في بلاد المغرب، بجامعة القرويينالتى أسسته فتاتتن قدمتا من القيروان وأسستا جامع القروويين نسبة إلىالقيروان، ثم في الجامع الازهر في القاهرة، وغيرها من محافل المعرفة التيكثرت في أرجاء العالم الاسلامي المختلفة خلال القرن الرابع عشر نظراً لحضالدين الإسلامي الحنيف للناس على طلب العلم. وقد عمل ابن خلدون في مجالالقضاء أكثر من مرة، وحاول تحقيق العدالة الاجتماعية في الأحكام أصدرها. ونحن نقتطف وصفه لمعاناته في هذا المجال في كتاب مذكراته التعريفبابن خلدون.
فلسفة ابن خلدون
امتاز ابن خلدون بسعة إطلاعه على ما كتبه الأقدمون وعلى أحوال البشروقدرته على إستعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكيروإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسيةوالإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة في شمالي إفريقية وغربيهاإلى مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخوملاحظاته. ويرى ابن خلدون (ت 808هـ، 1406م) في المقدمة أن الفلسفة منالعلوم التي أستحدثت مع إنتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرِّفهاقائلاً: ¸بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسيمنه وما وراء الحسي، تُدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظارالفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لامن جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف،وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوَّموا علىإصابة الغرض منه ووضعوا قانونًا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بينالحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذّر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم مندراسته قبل الإطلاع على العلوم الشرعية من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكننظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والإطلاع على التفسير والفقهولا يُكبَّنَّ أحدٌ عليها وهو خِلْو من علوم الملة فقلَّ أن يَسلَمَ لذلكمن معاطبها·. ولعل ابن خلدون وابن رشد إتفقا على أن البحث في هذا العلميستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجردلأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلىالتجريد. ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفواالشرع والنقل قبل أن يُمعنوا في التجريد العقلي.
الغرب وابن خلدون
كثير من الكتاب الغربيين وصفو تقديم ابن خلدون للتاريخ بإنه أول تقديم لا ديني للتأريخ ، وهو له تقدير كبير عندهم.
وربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلاميتوثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته و تجاربه و دعاهالتعريف بابن خلدون ورحلته شرقا و غربا ، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عنالكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنهلم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.
كان المغرب أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة |الموحدين الامازيغية تحكمه ثلاثة أسر : المغرب كان تحت سيطرة المرينيين الامازيغ أيضا (1196 - 1464 )، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556 )، تونس و شرقيالجزائر و برقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574 ). التصارع بين هذه الدولالثلاث كان على أشده للسيطرة ما أمكن على أراضي الشمال الإفريقي .وكانالمشرق انذاك يهدده خطر أكبر هو خطر المغول.
وظائف تولاها
كان ابن خلدون دبلوماسياً حكيماً ايضاً . وقد أُرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول : مثلاً ، عينه السلطان محمد بنالاحمر سفيراً له إلى امير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما .. وبعد ذلك بأعوام استعان به اهل دمشق لطلب الامان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما . ونحن في الصفحات التالية نقتطف ايضاً وصف ابن خلدونلذلك اللقاء في مذكراته. اذ يصف ما رآه من طباع الطاغية ، ووحشيته فيالتعامل مع المدن التي يفتحها ، ويقدم تقييماً متميزاً لكل ما شاهد فيرسالة خطها لملك المغرب. الخصال الاسلامية لشخصية ابن خلدون ، اسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلاً، وذكائه وكرمه ، وغيرها من الصفاتالتي ادت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملاًمتميزاً عن غيره من نصوص ادب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هناالملامح الاسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع.
أشهر أقواله
العرب جرب، وهو يقصد الأعراب وليس العرب. 
إذاعربت خربت، وهو يقصد الأعراب وليس العرب، إذ لا يعقل أن يقصد العرب وهو من أصول حضرمية يمنية. 
وأيضا العرب من دون الاسلام لا يساوون شيئا.
وفاته
وتوفي في مصر عام 1406، و دفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمالالقاهرة. وقبره غير معروف. والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34 بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة
abuiyad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق