مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات تأمل من زوارها الكرام المشاركة في الاستطلاعات التي تجريها بفعالية نظرا لفائدتها العالية
مجموعة اليسر للتدريب والاستشارات هي شركة تضامن لبنانية مسجلة تحت الرقم 489 تتنشط في مجال الدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية والتربوية والاجتماعية والادارية والثقافية والتنمية والارشاد الاسري والاجتماعي ، واصدار المنشورات المتخصصة ، وتقديم الاستشارات في المجالات المذكورة وتوقيع الاتفاقيات مع الجامعات والمؤسسات والشركات الوطنية والعالمية على انواعها والقيام بالاستطلاعات والابحاث العلمية والدراسات المتخصصة في لبنان والخارج - نتمنى لكم زيارة ممتعة

10‏/12‏/2010

الفينومينولوجيا

لم يستطع العقل الانساني الوصول إلى تشكيل المعرفة إلا بواسطة إبداع آليات إنتاج المعرفة ذاتها .. والتي تشكلت كمنهج يعصم عند مراعاة قواعده الفكر من الوقوع في المغالطات والتناقضات  والمنهج ارتبط حضوره في أغلب الأحيان بالنسقية التي جعلت أحيانا علاقة الذات بالموضوع تتسم بالتعالي المفرط .. فالموضوع لا ينبغي أن يرتقي إلى مستوى الذات العارفة .. أو تجعل الموضوع أكثر أهمية من الذات .. باعتبار أن الحقيقة ليس كما تعتقد الذات العارفة وإنما الحقيقة تكمن في الموضوع وتصبح الذات مجرد مرآة تعكس حقيقة الموضوع وفق آليات المنهجوبقي الصراع بين المدرسة التجريبية وأنصار العقلانية الديكارتية مستمرا في الفكر الأوربي .. ولم  يكن الخلاف بينهم حول موضوع المعرفة وإنما كان الخلاف الجوهري حول مشروعية المنهج الذي يوصلنا إلى المعرفة ..
إن إشكالية فصل الذات عن الموضوع .. لم تخرج عن منطق السجال إلا مع ظهور الفينومينو لوجية  .. والتي قدمت منهجا قائما على قلب الكوجيتو الديكارتي .. فبدل أنا أفكر  إذن أنا موجود  .. يصبح المبدأ الفينومينولوجي أنا أفكر إذن أنا المفكر فيه
EGO COGITO COGITATUM
 ومن خلال دراسة أعمال كل من هوسرل وميرلو بونتي وغادامير .. نكتشف  بنية المنهج الجديد الذي يقوم على الأسس التالية:
لا يوجود موضوع خارج ما أفكر فيه ولا يمكن أن أفكر في موضوع خارج بؤرة الذات ..
 ضرورة بناء السؤال ضمن مقولة الشيء في ذاته ،واختزال مقولة الشيء في ذاته ولذاته ..
 وعي السؤال في حقوله الثلاثة: الماضي، الحاضر، الماضي+الحاضر ..
 الانتقال من أفق السؤال إلي فينومينولوجية التأويل( اللغة- الجمال- المنطق)
 الانتقال من جاذبية التفكير إلى قصديته، أي عدم فصل العملية الشعورية عن المدركات ..
التعالي الإيجابي ..
 إن الغاية من المنهج الفينومينولوجي هي إدارك العلاقة بين الذات والموضوع .. والتي تتحدد وفق قصدية الذات .. لأن المناهج التقليدية لم تعط للموضوع المدرك القيمة التي يحتلها كطرف في حقل المعرفة ..
إن المنهج الفينومينولوجي هو تركيب بين المنطق الهيجلي الأكثر حركية وتدافعا بين عناصر الموضوع .. والمذهب الوجودي الأكثر ثورة على الأنساق القديمة.
من خلال ما سبق فإن الأسئلة التي تفرض نفسها تتبلور على الشكل التالي :
لما ظهر المنهج الفينومينولوجي !
ما خصائصه وحدوده !
هل هو منهج للمنهج أم منهج للمعرفة !
 وهل يمكن اعتبار المنهج الفينومينولوجي المنهج الذي مكن العلوم الإنسانية من التمنهج في عصر تنوع مناهج العلوم !
ما الفنوميينولوجية ..
 يحدد علماء المنهج كون علم الظواهر علمان ..
علم يدرس الظواهر من حيث اقترانها بأسباب حدوثها  .. ويخلص إلى تحديد العلاقة المبنية على أساس العلة والمعلول .. يستمد شرعية نتائجه غالبا من التجربة والاختبار وفق القواعد التي وضعها كل من فرانسيس بيكون و جون ستوارت ميل .. وهو ما يعرف لدى العام والخاص بالمذهب التجريبي الذي يحاول أن يفصل الموضوع عن الذات العارفة إذ يصبح الموضوع هو أصل الحقيقة ( المعرفة يعكسها موضوعها) وعلم يدرس الظواهر كما هي عليه في الزمان والمكان دون فصل الذات عن الموضوع أو إقصاء الأحوال الشعورية النفسية عن موضوع المعرفة .
وعلم الظواهر يتخذ ثلاث أشكال رئيسة :
1- دراسة الظواهر النفسية من خلال علاقة الأنا بأحوالها الشعورية .. ويرتبط بمبدأين :
ملاحظة المعطيات النفسية من خلال أعراضها ..
 وصف الأحوال الشعورية وصفا دقيقا مستقلا عن كل قصد أو تصور أو حكم سابق عنه.
2-علم دراسة ظواهر الوجود :
 ويختص بدراسة بنية الظاهرة من أجل معرفة شروط ظهورها أو حدوثها أو وقوعها ويرتكز على مبدأين .. دراسة وصفية تحليلية .. تفسير تكون الظاهرة وتبيان ماهيتها
3- علم الظواهر المتعالي :
 وهو العلم الذي سيطر على الساحة الفلسفية .. وتمخض عنه المذهب الفينومينولوجي والذي يعود الفضل في إرساء قواعده وتحديد منهجه إلى ( إدموند هوسرل ) والظواهر لم تكن علما منفصلا عن السياقات العلمية الأخرى بينما هي استمرارية للفكر الغربي ..
 وهوسرل يجعل رونيه ديكارت معلما من خلال كتاب( التأملات ) .. يقول هوسرل:
 " فالاندفاعات الجديدة التي تلقتها الفينومينولوجيا إنما تدين لروني ديكارت أعظم مفكري فرنسا نوقد تحولت الفينومينولوجيا الناشئة بفضل دراسة تأملات ديكارت إلى نموذج جديد للفلسفة المتعالية"

ما الظواهرية ..
الظواهرية هي علم وصف الظاهرة وصفا مستقلا عن الوسائط المادية التجريبية .. إذ يعتمد على تحليل الظاهرة تحليلا عقليا مبنيا علي القصدية في الشعور .. مرتكزا علي التتالي في عملية التحليل .. كما أنه يتحدد بدور الشعور المحض أو الخالص [PHINOMINOLOGI DE  LESPRIT ].
 و التي يريد من ورائها  إثبات كيفية انتقال الصورة من المعرفة السطحية الحسية إلى المعرفية المجردة التي تتعالى في مراتبها ومنازلها إلى أن تتحد مع المطلق الذي يختزن في جوهره الحقيقة.
وكما جاء في الموسوعة العلمية :
" الفينومينولوجية تتعلق عموما بدراسة وصفية أولية للمعطى الظاهراتي ، لأجل تشكيل صورة مجردة ، وهذه الوصفية ترتبط بضرورة تحديد الشروط العامة للظاهرة باعتبارها نفسها تمثل بعدا جوهريا للكائن".
 ونتيجة انتشار الفينومينولوجية في الأوساط الفكرية فقد أثرت في كثير من التيارات الفلسفية والأدبية كالوجودية ..
 فتكون ما يعرف باسم بعلم الظواهر الوجودي [ phinominolgie] ويتمثل في استعمال منهج يعمل على وصف ما يحيط بالذات من شروط واقعية تحدد وجوده العيني أو ما سواه.
لمنطق والفينومينولوجيا ..
 أعمال هوسرل الأولي كانت ذات طبيعة رياضية ومنطقية .. فأول مؤلفاته كانت تحت عنوان ( فلسفة الحساب ) والتي تعرض فيها لأهم المشاكل التي عرفتها الرياضيات المعاصرة ..
 غير أن الكتاب لم يكن له دور فعال في بلورة المنهج الفينومينولوجي عند هوسرل ..
لكن كتابه الموسوم [PRILLGOMENO ZUR SEIN ENLOGIK ] المترجم بدراسة في المنطق (1900-1901)  والذي تعرض فيه بالخصوص إلى أسس المنطق مع نقد المذهب النفساني .. يعد أولى إرهاصات الظواهرية.
ايضا كتابه الثالث الموسوم بأفكار نحو الفينومينولوجيا IDENZU EMIN SEINEN PHANAN .والذي حاول من خلاله الوصول إلى النقاط التالية:
1 ) إخضاع كل المعرفة إلى الفلسفة وبالتالي يصبح الفينومينولوجي ( فلسفة أولي) ينعكس من خلالها تعالي الذات العارفة .. ويتخذ الكوجيتو الديكارتي معني جديدا  .. يكون على النحو التالي: أنا أفكر إذن أنا المفكر فيه.
2 )  أن يكون للرياضيات دور منهجي في المعرفة من خلال دراستها دراسة فلسفية بحيث تقودنا إلى بلورة منهج موضوعي عقلاني .. وقد قاده منهجه إلى نزوع مثالي ومكنه من جهة أخري دراسة الوعي.
 وقد استطاع هوسرل أن يجد لفلسفته تأثيرا في كثير من الفلسفات والاتجاهات الفكرية المعاصرة .. فلقد كانت التحليلات الفلسفية التي يحملها كتابه [ أبحاث منطقية] والتي كانت من وجهة نقدية ضربة كبري للمذهبين الذين كان لهما حضورا متميزا في أوربا  المذهب الوضعي والإسمي .
وفي كتابه أبحاث منطقية وجه الانتقادات التالية للمناطقة :
المنطق ليس علم القواعد  ..
القانون ليس تعميما للجزئيات الناتجة عن عملية الاستقراء ..
إن التجربة ليست معيار صحة الأفكار ..
لا يمكن فصل الذّات عن الموضوع ..
لا يمكن فصل الموضوع عن ماهيته ..
وذلك كله من منطلق أن الفينومينولوجية هي فلسفة الماهية !


قد المذهب النفسي ..
يجزم أغلب من أرخوا لتاريخ الفكر الفلسفي أن مصطلح الفينومينولوجيا عرف في الفلسفة الكلاسيكية كمصطلح تابع للدراسات النفسية .. و يعني ارتباط الموضوع بملكة الإحساس غير الوهمي ارتباطا يؤدي إلى تمظهره تمظهرا يحقق الموضوعية ..
ومن ناحية أخري يعترف هوسرل لعالم النفس فرانز برونتو بالفضل في ميلاد المذهب الظواهري من خلال أعماله حول الظواهر البسيكولوجية .. والذي نبه إلى ضرورة فهم الظاهرة النفسية انطلاقا من النية .. يقول :
( المعرفة هي دائما نية موجهة نحو الموضوع )
وهو نفسه القائل : " الوعي هو دوما وعي بعض الأشياء"
لكن رغم هذا التأثير فقد وجه مؤسس الظواهرية نقدا للمذهب النفسي من خلال المنهج المتبع .. الذي يري فيه انزلاقا نحو المذهب الإسمي والوضعي ..
 كما أراد أن يعطي للوعي الإنساني مكانته بعيدا عن النظرة المكبلة له ضمن أطر الأحاسيس والانطباعات .. يقول : " إن القيام ضد النزعة السيكولوجية عند هوسرل كان يتجه أساسا ضمن إدراج الوعي ضمن كائنات الطبيعة .. بيد أنه كان يريد أن يصون الذات ويحفظها في صميمها داخل المثالية الترنسنتالية "
إن المقولة التالية لهوسرل تبين قيمة الشعور اللامحصور .. بل الذي يحدده الوعي القصدي :
" كل شعور هو شعور .. إذا حاول الوعي أن يعود إلي ذاته و يتحد معها وينغلق على نفسه إنعدم"  
نقد المنهج الإسمي ..
المنطق سابق في وجوده على علم النفس .. ولا يمكن أن يكون المنطق فرعا من فروع علم النفس ..
إن افتراض المنطق فرع من علم النفس يجعلنا نسلم باحتمالية المعيار المنطقي .. مقارنة باحتمال المعيار النفسي .. وعندئذ تصبح كل الأحكام ذاتية .. وهذا يجعلنا نغير إنتاج معارفنا من جديد خاصة تلك التي أصبحت من البديهيات والمسلمات.
أسس المنهج الظواهري ..

تشكلت الفينومينولوجية كمنهج ومذهب بعد توفر جملة من الأسس التي بفضلها انبلجت إلى الوجود كفلسفة قائمة بذاتها .. وتلك الأسس يمكن أن نوردها على النحو التالي :
1 ) نظرية المعنى  ..
ترى أن الدلالات لا يشكلها الحد المنطقي كما ذهب إلى ذلك أنصار المنطق الصوري .. بل الذي يبلور المعني هو الإدراك للاسم أو الموضوع ..  يقول بوخينسكي :
" وهذا النقد يعد أساسا للقول بأن المنطق ميدانه الخاص الذي ينحصر في إعطاء المدلولات .. فإننا عند إدراكنا لمعني اسم أو موضوع فإن الذي يعنيه حد منطقي أو آخر لا يمكن أن يعد أبدا جزءا من قوة الإدراك نفسها بل مجرد دلالة عن ذلك الاسم أو الموضوع .. وفي مقابل الاختلاف واللمتناهي للتجارب الفردية يوجد على الدوام ما نعبر عن هذه التجارب في حد ذاتها"
إن نظرية المعني عند هوسرل تحاول أن تفصل المعني عن الحد المنطقي .. وتربط المعنى مباشرة بالإدراك الخاص بحالة الشعور القصدي .. فإدراكي لمعني الشجرة مثلا لا يكمن في الحد المنطقي الذي يعبر عن صيغة التجريد .. بل يكمن معناها في ما تحمله الشجرة من مدركات في شعوري الخالص .. وفيما تضفيه الذات الشاعرة على الموضوع (الشجرة) من صفات وأحكام ..
ومن خلال عملية الوصف (المينو) يتحدد ما يلي:
اولا .. تحديد الكيفية التي تتم بها عملية إدراك معني وماهية الموضوع من خلال إسقاط الإدراكات التي تتجه إلى ما لا إدراك .. يقين يؤدي إلى إثبات الموضوع على النحو الذي أدركه عليه .. أو من خلال عدم إثبات الصفات عن الموضوع .. أو من خلال إدراك اعتقاد ما .. والتي تتجه فيه العلاقة بين الذات والموضوع إلي إعادة ترهين الدوغما.
ثانيا .. تحديد معنى الإدراك وماهيته والتي تحاول دوما الوصول إلى ماهية الموضوع باعتبار المذهب الفينومينولوجية يقصد التمكين لفلسفة الماهية .. والتي لا يمكن لها إلا بثلاث حركات هي على النحو التالي :
تحديد قضية أو حكم يصبح قابلا أن يكون موضوعا للإدراك ..
الشك في ماهية الموضوع الأولي من حيث .. الصورة والغاية والصدق ..
إعادة بناء الإدراك الجديد، لأجل إثبات صواب الموضوع أو خطئه ..
إن هذه الحركات الثلاث يمكن أن تعطي للتجريد بعدا فينومينولوجيا إذا ما استطاع العقل أن يميز بين المعنى المنطقي والمعني الفينومينولوجي
وقد حاول هوسرل أن يربط النحو بعملية إدراك المعني .. وخاصة  علم اللغة المتخصص في قضايا الدال والمدلول .. ويبحث في تطور مدلولات الكلام .. أي السيمنتكية .
2 )القصدية ( نظرية القصد)
 منذ البداية لابد من الاعتراف أن هوسرل ركز في العملية المعرفية على القصد أو النية باعتباره موجه عملية الإدراك .. ومن ناحية أخري لا تقل عن الأولى من حيث الأهمية أن هوسرل يجعل كل ماهو موجود موضوعا للتأمل الفينومينولوجي .. وأن الوعي الخالص يلازم بالضرورة ماهية الموجود
ذلك أن الموضوع لا يعرف التعالي إلا من خلال ووعيه لكنه الذات الذي يمثل قطبين .. قطب كونه موضوع يستمد من تجربتي وجوده .. وقطب لكونه موضوعا أساسيا لوعي الخالص.
وعندئذ يصبح الوعي الخالص مطلب الذات العارفة التي تريد أن تصل إلى ماهية الموجود .. لكن كيف يمكن أن نصل إلى استحضار الوعي الخالص داخل بؤرة شعورنا !
الوعي الخالص عند هوسرل يكمن فقط في وجود القصدية أو النية .. وفكرة القصد كانطية وليست ضيقة كما تتجلى في النص الديني علي العموم- تتخذ طابعا أخلاقيا وليس معرفيا – إذن فنظرية القصد تتجه نحو البعد المعرفي وتتخذ طابعا عقليا صرفا.
والنية تتأسس عند هوسرل من خلال سلسلة التجارب التي مرت بها الذات العارفة من خلال لحظة فلسفية تمت نتيجة شعور بموضوع معين .. عندئذ تحضر الرغبة في معرفة الموضوع من خلال التجربة القصدية المرتبط بقصديته .. يقول هوسرل :
"إن الشعور بشيء لا يعني أن نفرغ الشعور من هذا الشيء بل أن نجعله يتجه إليه حيث أن كل الظواهر لها تكوينها القصدي الذي يوجه الإدراك نحوها تلقائيا".
3 )نظرية الحصر ..
يرفض هوسرل الشك الديكارتي كمنهج لمعرفة ماهية الموضوع .. ويري أن الشك هو نفسه عملية يصدر من خلالها حكم على الموضوع المقصود في ذاته وبالتالي لا يمكن أن يحقق معرفة بإصدار حكم على حكم .. وعليه فإن المنهج الفينومينولوجي يخلصنا من عملية إصدار الأحكام نتيجة ميله في لحظات الوعي الخالص إلى التعالي .
 ونقصد بذلك أن الإدراك المرتبط بالوعي الخالص والمُسيج بالقصدية يجنح إلى مرحلة الحصر والإقصاء ..  بمعنى آخر هو رفض الأحكام أو على الأقل التوقف عن إصدار الأحكام ريثما يتجلى الوعي الخالص.
ونظرية الحصر عند هوسرل تحاول أن تعطي للذات العارفة لحظة مثالية لأجل تأمل الموضوع تأملا وصفيا ماهويا، مع توفير شروط إدراك الموضوع من خلال ربطه بالأحوال النفسية للذات التي تتحدد وفق تفاعلات الذات مع أحوالها الشعورية.
إن لحظة التوقف عن إصدار الأحكام مرتبطة بلحظة تاريخية وهي لحظة الإطلاع على الأحكام والآراء التي أطلقتها المذاهب والمدارس على الظاهرة التي هي بالضرورة موضوع اللحظة التأملية….
إن من شروط الفيلسوف وفق معايير المذهب الفينومينولوجي التوقف عن إصدار الأحكام  .. لأن المنهج الفينومينولوجي لا يهمه الحكم في ذاته .. بل يهمه كيف استطاع المتأمل أن يصل إلى ماهية وكنه الموضوع
وعملية الحصر أو التعالي تمر بالمراحل التالية :
إقصاء الحكم القبلي والجاهز عن الموضوع ..
حصر الماهية ..
التركيب بين عملية الإقصاء والنية ..
وختاما ..
إن الإقصاء والتعالي يؤدي إلى حتمية وجود نية وقصد حيال الموضوع .. وعندما نصل إلى  أعلى درجات الوعي الخالص فإن الحقيقة تنبلج على أنها تيار من التجارب المتعاقبة على الشعور ..
 عندئذ تتمظهر أفعالا مجردة .. ولعل هذا ما أراده كانط في قوله : " فإن الظواهر لابد أن تخضع لتصور الاشتراك ( الأثر المتبادل)  وهكذا تكون المبادئ القبلية أساس الأحكام الصحيحة موضوعيا مع أنها أحكام تجريبية "
إن الوعي الخالص لا يعد أفعالا غرضية .. لأن الموضوع ليس سوى معطى خاص لهذا المحمول المنطقي
والموضوع الغرضي يتشكل من خلال التفاعل الناتج بين المادة المحسوسة (HYLE) وبين الهيئة المقصودة (MORPHE ) يوجد عنصر نشيط يوقظ العلاقة بين H  و N يتمثل في (NOESE )
إن المنهج الفينومينولوجي حاول من خلال فلسفة أنصار مذهب الماهية أن يحقق مساءلة فلسفية خالصة .. تتمثل في استنفاد التجربة الغرضية من لحظات التأمل الخالص لجملة التجارب المرتبط بالأحوال الشعورية .. فيصبح بموجب هذا الاستنفاد المحمول مرتبطا بالموضوع والموضوع معطى أساسيا للمحمول الخالص
إن الحقيقة عند الفينومينولوجين ليست شيئا مستقلا .. فهي مجرد ظاهرة مجردة ( موجود ما )  والظاهرة ما هي آخر الأمر إلا مشروع نية و وعي خالص ..
من أجل ذلك كانت تلك العبارة .. " الظواهرية مذهب الحقيقة " .        
----------------------------.
1 ) عبد القادر بو عرفة .. المنهج الفينومينولوجي   الحقيقة والابعاد ( الدراسة الاصلية )
2 ) ربيع ميمون .. نظرية القيم في الفكر المعاصر بين النسبية والمطلقية ..الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ..الجزائر .. 1980
3 ) بوخينسكي .. تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوربا .. ترجمة عبد الكريم الوافي .. مكتبة الفرجاني .. لبيا
4 ) إمام عبدالفتاح .. كير كارد رائد الوجودية .. دار الثقافة للنشر والتوزيع .. القاهرة
5 ) كانط،إيمانويل .. مقدمة لكل ميتافزيقا مقبلة .. ترجمة نازلي إسماعيل حسين ومحمد فتحي الشنيطي
6 ) المعجم الفلسفي .. جميل صليبا ..الجزء الثاني .. الطبعة الثانية .. 1982
7 )  -LYOTARD JEAN-FRANCOIS  LA PHENOMENOLOGIE-PRESSES UNIVERSITAIRES-PARIS- 1961/P54 .
 CHATELET-FRACOIS-LA PHILOSOPHIE DE KANT.AHUSSERL- p288  (8
abuiyad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق