لم يستطع العقل الانساني الوصول إلى تشكيل المعرفة إلا بواسطة إبداع آليات إنتاج المعرفة ذاتها .. والتي تشكلت كمنهج يعصم عند مراعاة قواعده الفكر من الوقوع في المغالطات والتناقضات والمنهج ارتبط حضوره في أغلب الأحيان بالنسقية التي جعلت أحيانا علاقة الذات بالموضوع تتسم بالتعالي المفرط .. فالموضوع لا ينبغي أن يرتقي إلى مستوى الذات العارفة .. أو تجعل الموضوع أكثر أهمية من الذات .. باعتبار أن الحقيقة ليس كما تعتقد الذات العارفة وإنما الحقيقة تكمن في الموضوع وتصبح الذات مجرد مرآة تعكس حقيقة الموضوع وفق آليات المنهجوبقي الصراع بين المدرسة التجريبية وأنصار العقلانية الديكارتية مستمرا في الفكر الأوربي .. ولم يكن الخلاف بينهم حول موضوع المعرفة وإنما كان الخلاف الجوهري حول مشروعية المنهج الذي يوصلنا إلى المعرفة ..
إن إشكالية فصل الذات عن الموضوع .. لم تخرج عن منطق السجال إلا مع ظهور الفينومينو لوجية .. والتي قدمت منهجا قائما على قلب الكوجيتو الديكارتي .. فبدل أنا أفكر إذن أنا موجود .. يصبح المبدأ الفينومينولوجي أنا أفكر إذن أنا المفكر فيه
EGO COGITO COGITATUM
ومن خلال دراسة أعمال كل من هوسرل وميرلو بونتي وغادامير .. نكتشف بنية المنهج الجديد الذي يقوم على الأسس التالية:
لا يوجود موضوع خارج ما أفكر فيه ولا يمكن أن أفكر في موضوع خارج بؤرة الذات ..
ضرورة بناء السؤال ضمن مقولة الشيء في ذاته ،واختزال مقولة الشيء في ذاته ولذاته ..
وعي السؤال في حقوله الثلاثة: الماضي، الحاضر، الماضي+الحاضر ..
الانتقال من أفق السؤال إلي فينومينولوجية التأويل( اللغة- الجمال- المنطق)
الانتقال من جاذبية التفكير إلى قصديته، أي عدم فصل العملية الشعورية عن المدركات ..
التعالي الإيجابي ..
إن الغاية من المنهج الفينومينولوجي هي إدارك العلاقة بين الذات والموضوع .. والتي تتحدد وفق قصدية الذات .. لأن المناهج التقليدية لم تعط للموضوع المدرك القيمة التي يحتلها كطرف في حقل المعرفة ..
إن المنهج الفينومينولوجي هو تركيب بين المنطق الهيجلي الأكثر حركية وتدافعا بين عناصر الموضوع .. والمذهب الوجودي الأكثر ثورة على الأنساق القديمة.
من خلال ما سبق فإن الأسئلة التي تفرض نفسها تتبلور على الشكل التالي :
لما ظهر المنهج الفينومينولوجي !
ما خصائصه وحدوده !
هل هو منهج للمنهج أم منهج للمعرفة !
وهل يمكن اعتبار المنهج الفينومينولوجي المنهج الذي مكن العلوم الإنسانية من التمنهج في عصر تنوع مناهج العلوم !
ما الفنوميينولوجية ..
يحدد علماء المنهج كون علم الظواهر علمان ..
علم يدرس الظواهر من حيث اقترانها بأسباب حدوثها .. ويخلص إلى تحديد العلاقة المبنية على أساس العلة والمعلول .. يستمد شرعية نتائجه غالبا من التجربة والاختبار وفق القواعد التي وضعها كل من فرانسيس بيكون و جون ستوارت ميل .. وهو ما يعرف لدى العام والخاص بالمذهب التجريبي الذي يحاول أن يفصل الموضوع عن الذات العارفة إذ يصبح الموضوع هو أصل الحقيقة ( المعرفة يعكسها موضوعها) وعلم يدرس الظواهر كما هي عليه في الزمان والمكان دون فصل الذات عن الموضوع أو إقصاء الأحوال الشعورية النفسية عن موضوع المعرفة .
وعلم الظواهر يتخذ ثلاث أشكال رئيسة :
1- دراسة الظواهر النفسية من خلال علاقة الأنا بأحوالها الشعورية .. ويرتبط بمبدأين :
ملاحظة المعطيات النفسية من خلال أعراضها ..
وصف الأحوال الشعورية وصفا دقيقا مستقلا عن كل قصد أو تصور أو حكم سابق عنه.
2-علم دراسة ظواهر الوجود :
ويختص بدراسة بنية الظاهرة من أجل معرفة شروط ظهورها أو حدوثها أو وقوعها ويرتكز على مبدأين .. دراسة وصفية تحليلية .. تفسير تكون الظاهرة وتبيان ماهيتها
3- علم الظواهر المتعالي :
وهو العلم الذي سيطر على الساحة الفلسفية .. وتمخض عنه المذهب الفينومينولوجي والذي يعود الفضل في إرساء قواعده وتحديد منهجه إلى ( إدموند هوسرل ) والظواهر لم تكن علما منفصلا عن السياقات العلمية الأخرى بينما هي استمرارية للفكر الغربي ..
وهوسرل يجعل رونيه ديكارت معلما من خلال كتاب( التأملات ) .. يقول هوسرل:
" فالاندفاعات الجديدة التي تلقتها الفينومينولوجيا إنما تدين لروني ديكارت أعظم مفكري فرنسا نوقد تحولت الفينومينولوجيا الناشئة بفضل دراسة تأملات ديكارت إلى نموذج جديد للفلسفة المتعالية"
ما الظواهرية ..
الظواهرية هي علم وصف الظاهرة وصفا مستقلا عن الوسائط المادية التجريبية .. إذ يعتمد على تحليل الظاهرة تحليلا عقليا مبنيا علي القصدية في الشعور .. مرتكزا علي التتالي في عملية التحليل .. كما أنه يتحدد بدور الشعور المحض أو الخالص [PHINOMINOLOGI DE LESPRIT ].
و التي يريد من ورائها إثبات كيفية انتقال الصورة من المعرفة السطحية الحسية إلى المعرفية المجردة التي تتعالى في مراتبها ومنازلها إلى أن تتحد مع المطلق الذي يختزن في جوهره الحقيقة.
وكما جاء في الموسوعة العلمية :
" الفينومينولوجية تتعلق عموما بدراسة وصفية أولية للمعطى الظاهراتي ، لأجل تشكيل صورة مجردة ، وهذه الوصفية ترتبط بضرورة تحديد الشروط العامة للظاهرة باعتبارها نفسها تمثل بعدا جوهريا للكائن".
ونتيجة انتشار الفينومينولوجية في الأوساط الفكرية فقد أثرت في كثير من التيارات الفلسفية والأدبية كالوجودية ..
فتكون ما يعرف باسم بعلم الظواهر الوجودي [ phinominolgie] ويتمثل في استعمال منهج يعمل على وصف ما يحيط بالذات من شروط واقعية تحدد وجوده العيني أو ما سواه.
لمنطق والفينومينولوجيا ..
أعمال هوسرل الأولي كانت ذات طبيعة رياضية ومنطقية .. فأول مؤلفاته كانت تحت عنوان ( فلسفة الحساب ) والتي تعرض فيها لأهم المشاكل التي عرفتها الرياضيات المعاصرة ..
غير أن الكتاب لم يكن له دور فعال في بلورة المنهج الفينومينولوجي عند هوسرل ..
لكن كتابه الموسوم [PRILLGOMENO ZUR SEIN ENLOGIK ] المترجم بدراسة في المنطق (1900-1901) والذي تعرض فيه بالخصوص إلى أسس المنطق مع نقد المذهب النفساني .. يعد أولى إرهاصات الظواهرية.
ايضا كتابه الثالث الموسوم بأفكار نحو الفينومينولوجيا IDENZU EMIN SEINEN PHANAN .والذي حاول من خلاله الوصول إلى النقاط التالية:
1 ) إخضاع كل المعرفة إلى الفلسفة وبالتالي يصبح الفينومينولوجي ( فلسفة أولي) ينعكس من خلالها تعالي الذات العارفة .. ويتخذ الكوجيتو الديكارتي معني جديدا .. يكون على النحو التالي: أنا أفكر إذن أنا المفكر فيه.
2 ) أن يكون للرياضيات دور منهجي في المعرفة من خلال دراستها دراسة فلسفية بحيث تقودنا إلى بلورة منهج موضوعي عقلاني .. وقد قاده منهجه إلى نزوع مثالي ومكنه من جهة أخري دراسة الوعي.
وقد استطاع هوسرل أن يجد لفلسفته تأثيرا في كثير من الفلسفات والاتجاهات الفكرية المعاصرة .. فلقد كانت التحليلات الفلسفية التي يحملها كتابه [ أبحاث منطقية] والتي كانت من وجهة نقدية ضربة كبري للمذهبين الذين كان لهما حضورا متميزا في أوربا المذهب الوضعي والإسمي .
وفي كتابه أبحاث منطقية وجه الانتقادات التالية للمناطقة :
المنطق ليس علم القواعد ..
القانون ليس تعميما للجزئيات الناتجة عن عملية الاستقراء ..
إن التجربة ليست معيار صحة الأفكار ..
لا يمكن فصل الذّات عن الموضوع ..
لا يمكن فصل الموضوع عن ماهيته ..
وذلك كله من منطلق أن الفينومينولوجية هي فلسفة الماهية !
إن إشكالية فصل الذات عن الموضوع .. لم تخرج عن منطق السجال إلا مع ظهور الفينومينو لوجية .. والتي قدمت منهجا قائما على قلب الكوجيتو الديكارتي .. فبدل أنا أفكر إذن أنا موجود .. يصبح المبدأ الفينومينولوجي أنا أفكر إذن أنا المفكر فيه
EGO COGITO COGITATUM
ومن خلال دراسة أعمال كل من هوسرل وميرلو بونتي وغادامير .. نكتشف بنية المنهج الجديد الذي يقوم على الأسس التالية:
لا يوجود موضوع خارج ما أفكر فيه ولا يمكن أن أفكر في موضوع خارج بؤرة الذات ..
ضرورة بناء السؤال ضمن مقولة الشيء في ذاته ،واختزال مقولة الشيء في ذاته ولذاته ..
وعي السؤال في حقوله الثلاثة: الماضي، الحاضر، الماضي+الحاضر ..
الانتقال من أفق السؤال إلي فينومينولوجية التأويل( اللغة- الجمال- المنطق)
الانتقال من جاذبية التفكير إلى قصديته، أي عدم فصل العملية الشعورية عن المدركات ..
التعالي الإيجابي ..
إن الغاية من المنهج الفينومينولوجي هي إدارك العلاقة بين الذات والموضوع .. والتي تتحدد وفق قصدية الذات .. لأن المناهج التقليدية لم تعط للموضوع المدرك القيمة التي يحتلها كطرف في حقل المعرفة ..
إن المنهج الفينومينولوجي هو تركيب بين المنطق الهيجلي الأكثر حركية وتدافعا بين عناصر الموضوع .. والمذهب الوجودي الأكثر ثورة على الأنساق القديمة.
من خلال ما سبق فإن الأسئلة التي تفرض نفسها تتبلور على الشكل التالي :
لما ظهر المنهج الفينومينولوجي !
ما خصائصه وحدوده !
هل هو منهج للمنهج أم منهج للمعرفة !
وهل يمكن اعتبار المنهج الفينومينولوجي المنهج الذي مكن العلوم الإنسانية من التمنهج في عصر تنوع مناهج العلوم !
ما الفنوميينولوجية ..
يحدد علماء المنهج كون علم الظواهر علمان ..
علم يدرس الظواهر من حيث اقترانها بأسباب حدوثها .. ويخلص إلى تحديد العلاقة المبنية على أساس العلة والمعلول .. يستمد شرعية نتائجه غالبا من التجربة والاختبار وفق القواعد التي وضعها كل من فرانسيس بيكون و جون ستوارت ميل .. وهو ما يعرف لدى العام والخاص بالمذهب التجريبي الذي يحاول أن يفصل الموضوع عن الذات العارفة إذ يصبح الموضوع هو أصل الحقيقة ( المعرفة يعكسها موضوعها) وعلم يدرس الظواهر كما هي عليه في الزمان والمكان دون فصل الذات عن الموضوع أو إقصاء الأحوال الشعورية النفسية عن موضوع المعرفة .
وعلم الظواهر يتخذ ثلاث أشكال رئيسة :
1- دراسة الظواهر النفسية من خلال علاقة الأنا بأحوالها الشعورية .. ويرتبط بمبدأين :
ملاحظة المعطيات النفسية من خلال أعراضها ..
وصف الأحوال الشعورية وصفا دقيقا مستقلا عن كل قصد أو تصور أو حكم سابق عنه.
2-علم دراسة ظواهر الوجود :
ويختص بدراسة بنية الظاهرة من أجل معرفة شروط ظهورها أو حدوثها أو وقوعها ويرتكز على مبدأين .. دراسة وصفية تحليلية .. تفسير تكون الظاهرة وتبيان ماهيتها
3- علم الظواهر المتعالي :
وهو العلم الذي سيطر على الساحة الفلسفية .. وتمخض عنه المذهب الفينومينولوجي والذي يعود الفضل في إرساء قواعده وتحديد منهجه إلى ( إدموند هوسرل ) والظواهر لم تكن علما منفصلا عن السياقات العلمية الأخرى بينما هي استمرارية للفكر الغربي ..
وهوسرل يجعل رونيه ديكارت معلما من خلال كتاب( التأملات ) .. يقول هوسرل:
" فالاندفاعات الجديدة التي تلقتها الفينومينولوجيا إنما تدين لروني ديكارت أعظم مفكري فرنسا نوقد تحولت الفينومينولوجيا الناشئة بفضل دراسة تأملات ديكارت إلى نموذج جديد للفلسفة المتعالية"
ما الظواهرية ..
الظواهرية هي علم وصف الظاهرة وصفا مستقلا عن الوسائط المادية التجريبية .. إذ يعتمد على تحليل الظاهرة تحليلا عقليا مبنيا علي القصدية في الشعور .. مرتكزا علي التتالي في عملية التحليل .. كما أنه يتحدد بدور الشعور المحض أو الخالص [PHINOMINOLOGI DE LESPRIT ].
و التي يريد من ورائها إثبات كيفية انتقال الصورة من المعرفة السطحية الحسية إلى المعرفية المجردة التي تتعالى في مراتبها ومنازلها إلى أن تتحد مع المطلق الذي يختزن في جوهره الحقيقة.
وكما جاء في الموسوعة العلمية :
" الفينومينولوجية تتعلق عموما بدراسة وصفية أولية للمعطى الظاهراتي ، لأجل تشكيل صورة مجردة ، وهذه الوصفية ترتبط بضرورة تحديد الشروط العامة للظاهرة باعتبارها نفسها تمثل بعدا جوهريا للكائن".
ونتيجة انتشار الفينومينولوجية في الأوساط الفكرية فقد أثرت في كثير من التيارات الفلسفية والأدبية كالوجودية ..
فتكون ما يعرف باسم بعلم الظواهر الوجودي [ phinominolgie] ويتمثل في استعمال منهج يعمل على وصف ما يحيط بالذات من شروط واقعية تحدد وجوده العيني أو ما سواه.
لمنطق والفينومينولوجيا ..
أعمال هوسرل الأولي كانت ذات طبيعة رياضية ومنطقية .. فأول مؤلفاته كانت تحت عنوان ( فلسفة الحساب ) والتي تعرض فيها لأهم المشاكل التي عرفتها الرياضيات المعاصرة ..
غير أن الكتاب لم يكن له دور فعال في بلورة المنهج الفينومينولوجي عند هوسرل ..
لكن كتابه الموسوم [PRILLGOMENO ZUR SEIN ENLOGIK ] المترجم بدراسة في المنطق (1900-1901) والذي تعرض فيه بالخصوص إلى أسس المنطق مع نقد المذهب النفساني .. يعد أولى إرهاصات الظواهرية.
ايضا كتابه الثالث الموسوم بأفكار نحو الفينومينولوجيا IDENZU EMIN SEINEN PHANAN .والذي حاول من خلاله الوصول إلى النقاط التالية:
1 ) إخضاع كل المعرفة إلى الفلسفة وبالتالي يصبح الفينومينولوجي ( فلسفة أولي) ينعكس من خلالها تعالي الذات العارفة .. ويتخذ الكوجيتو الديكارتي معني جديدا .. يكون على النحو التالي: أنا أفكر إذن أنا المفكر فيه.
2 ) أن يكون للرياضيات دور منهجي في المعرفة من خلال دراستها دراسة فلسفية بحيث تقودنا إلى بلورة منهج موضوعي عقلاني .. وقد قاده منهجه إلى نزوع مثالي ومكنه من جهة أخري دراسة الوعي.
وقد استطاع هوسرل أن يجد لفلسفته تأثيرا في كثير من الفلسفات والاتجاهات الفكرية المعاصرة .. فلقد كانت التحليلات الفلسفية التي يحملها كتابه [ أبحاث منطقية] والتي كانت من وجهة نقدية ضربة كبري للمذهبين الذين كان لهما حضورا متميزا في أوربا المذهب الوضعي والإسمي .
وفي كتابه أبحاث منطقية وجه الانتقادات التالية للمناطقة :
المنطق ليس علم القواعد ..
القانون ليس تعميما للجزئيات الناتجة عن عملية الاستقراء ..
إن التجربة ليست معيار صحة الأفكار ..
لا يمكن فصل الذّات عن الموضوع ..
لا يمكن فصل الموضوع عن ماهيته ..
وذلك كله من منطلق أن الفينومينولوجية هي فلسفة الماهية !
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق